لقاحات الإنفلونزا الموسمية تنفد في تونس

لقاحات الإنفلونزا الموسمية تنفد في تونس

13 ديسمبر 2020
مريض كورونا في أحد مستشفيات تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

توفّر تونس سنوياً نحو 300 ألف جرعة لقاح خاصة بالإنفلونزا الموسمية بدءاً من شهر سبتمبر/ أيلول. مع ذلك، يؤكّد غالبية المسؤولين في الإدارات الصحية أنّه يتبقى كميات كبيرة من تلك اللقاحات نظراً لعدم الإقبال الكبيرعليها، وعدم الاقتناع بأهميتها، ما يؤدي إلى التخلّص سنوياً من كميات كبيرة منها لأنّ تاريخ صلاحيتها سريع الانتهاء. 
لكن الأمر اختلف هذا العام بسبب الوضع الصحي الذي فرضته جائحة كورونا. وأكدت وزارة الصحة أنّها ستوفر مليون جرعة من اللقاح، وقد وصلت أول دفعة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بكمية بلغت 200 ألف جرعة. ويؤكد المجلس الوطني للصيادلة أنّ جرعات لقاح الإنفلونزا الموسمية ليست مجدولة في قائمة الأدوية التي تعطى بالضرورة بوصفات طبية. بالتالي، وجب توزيعها من دون وصفة طبية. لكن الإقبال الكبير على اللقاحات هذا العام من جميع الفئات العمرية، دفع وزارة الصحة إلى اشتراط ضرورة أن يكون هناك وصفة طبية للحصول على اللقاح، لضمان توزيعها على مستحقيها بالأساس من أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن والحوامل وصغار السن دون سواهم، لأنّ الكميات لا تؤمن حاجات جميع المواطنين. 
لكن نتيجة قرار وزارة الصحة القاضي بوجوب تأمين وصفة طبية للحصول على اللقاح، أعرب المجلس الوطني لهيئة الصيادلة عن عدم موافقته على هذا الإجراء. واعتبر أنّ "هذا الإجراء لا يعدّ حلاً ناجعاً لمشكلة الكميات المحدودة للقاحات التي سيتم توزيعها". كما دعا وزارة الصحة إلى "مزيد من التشاور مع ممثلي المهنة لإيجاد صيغ أخرى لإحكام توزيع الكميات المرتقبة من اللقاحات لتصل إلى مستحقيها".
ورغم أنّ اللقاح يحمي من الإنفلونزا الموسمية ولا يحمي من كورونا، إلا أنه شهد إقبالاً كبيراً هذا العام، ما أدى إلى نفاد الكميات بسرعة لم يسبق لها مثيل. ويعتقد البعض أنّها تحمي من كورونا أيضاً، وإلا لما دعت وزارة الصحة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة إلى ضرورة الحصول على اللقاحات هذا العام.

يقول عبد الله القروي (65 عاماً) إنّه يبحث منذ شهرين تقريباً عن لقاح الإنفلونزا الموسمية من دون أن يجده رغم توجهه إلى العديد من الصيدليات في جهات عدة. حتى أنّه دفع المال مسبقاً لإحدى الصيدليات قرب منزله على أمل أن يوفر له لقاحاً في حال وصول كميات منه إلى الصيدلية. ومثل القروي، كان أيمن عيادي يبحث منذ شهرين تقريباً وبصورة يومية عن اللقاح من دون أن يجده، نظراً لحصول الصيدليات على كميات محدودة لا تتجاوز خمسة لقاحات أحياناً، مؤكداً حصوله على وصفة طبية باعتباره من أصحاب الأمراض المزمنة. ويشير إلى أن توفير مليون جرعة لن يكفي كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. 
من جهته، يقول محمد علي (53 عاماً)، الذي يملك صيدلية في العاصمة تونس، إنه يتلقى مئات الطلبات يومياً. لكن غالبية الصيدليات حصلت على كميات محدودة من اللقاح، لافتاً إلى أنه لم يحصل سوى على عشر جرعات منحها لكبار السن.

يتولى إجراء فحوصات كورونا (ناصر تليلي/ الأناضول)
يتولى إجراء فحوصات كورونا (ناصر تليلي/ الأناضول)

يضيف أن "سبب الإقبال الكبير هذا العام هو نصائح وزارة الصحة التي دعت أكثر من مرة الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة وكبار السن والنساء الحوامل والأطفال إلى ضرورة الحصول على اللقاح تفادياً للإصابة بالإنفلونزا الموسمية. لكن حتى الشباب يقبلون على شراء اللقاح ما أدى إلى نفاد الكميات في وقت وجيز. 
ويوضح علي أنّ قرار توفير وصفة طبية للحصول على اللقاح الذي اتخذته وزارة الصحة، أمر ضروري لإعطاء الأولوية لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والنساء الحوامل، باعتبارهم الفئة الأكثر تهديداً اليوم سواء بوباء كورونا أو بالنزلة الموسمية. كما أنّ الوزارة حرصت على ضرورة إخضاع الطاقم الطبي للّقاح لحمايته من نزلات البرد، ومحاولة الإبقاء على صمود المنظومة الصحية لمجابهة كورونا.

إلى ذلك، يقول المسؤول عن برنامج الإنفلونزا الموسمية في إدارة الرعاية الصحية حكيم الغرد، لـ "العربي الجديد"، إنّ  "وزارة الصحة سعت إلى توفير الكميات اللازمة من لقاحات الإنفلونزا الموسمية. لكن خلال الأشهر الأخيرة، شهدت الصيدليات وإدارات الرعاية الصحية في كل الجهات إقبالاً كبيراً على لقاحات الإنفلونزا العادية، ظناً من أنّها تحمي من الإصابة بكورونا". كما يشير إلى أنّ "العديد من المواطنين لا يعلمون أنّ الإنفلونزا الموسمية تقتل سنوياً العشرات، وتشير إحصائيات إلى إصابة أكثر من 15 ألفا بالإنفلونزا الموسمية في العيادات الخارجية في المستشفيات. كما سجلت العديد من الوفيات بالإنفلونزا الموسمية لأشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 12 و90 عاماً تقريباً، ونحو 50 في المائة من الوفيات بالإنفلونزا الموسمية كانوا مصابين بأمراض مزمنة أو أنهم مسنون، إلا أنهم لا يقتنعون بضرورة الحصول على اللقاح، ما ساهم في ارتفاع عدد الوفيات بسبب الإنفلونزا العادية. لكن اختلاف الأمر هذا العام ليس اقتناعاً بضرورة اللقاح بل اعتقاد بأنه يحمي من كورونا. ويشير إلى أهمية تقيّد الصيدليات بضرورة منح اللقاح أولاً لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وعدم التفكير في تحقيق أرباح فقط. 

المساهمون