لبنان: خطوة برلمانية تزيد التحريض ضد اللاجئين السوريين

لبنان: خطوة برلمانية تزيد التحريض ضد اللاجئين السوريين

21 يناير 2024
لاجئون سوريون في أحد المخيمات في لبنان (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

يمكن للبنانيين التبليغ عن وجود اللاجئين السوريين غير الشرعيين من خلال تطبيق "تبليغ" الأمر الذي اعتبره حقوقيون انتهاكاً لحقوق الإنسان.

أطلق النائب في البرلمان اللبناني غسان حاصباني مبادرة "كل مواطن خفير" التي تتيح للمواطنين التبليغ عن مخالفات القانون، وتحديداً من قبل الموجودين غير الشرعيين في منطقة الأشرفية في العاصمة بيروت، خصوصاً اللاجئين السوريين، في خطوة اعتبرها العديد من الناشطين بمثابة امتداد للخطاب العنصري التحريضي والقائم على الكراهية ضدّ اللاجئين.
وتعدّ المبادرة التي أعلن عنها حاصباني مطلع الأسبوع الجاري خلال مؤتمر صحافي عبارة عن سلسلة إجراءات مبنية على تطبيق يحمل اسم "تبليغ" ويسمح للمواطن بأخذ صورة على هاتفه الخلوي، واختيار نوع المخالفة من اللائحة المحددة، ثم إرسالها إلى المركز الذي من جهته يحوّلها إلى الجهات المعنية المختصة لمتابعتها وإجراء التحقيقات حولها وأخذ المقتضى.
وجرى خلال المؤتمر عرض لتطبيق "تبليغ" وطريقة استخدامه ونشر عبر تطبيق الواتساب ووصل لأكثر من 30 ألف مواطن من المنطقة من أجل إتاحة استخدامه على أوسع نطاق.
وأتت هذه المبادرة في سياق عمل تنسيقي بين نواب بيروت لمعالجة تحديات الوجود غير الشرعي ولا سيما من قبل اللاجئين السوريين، بعد حادثة مقتل الرقيب الأول في فوج حرس بلدية بيروت حسن العاصمي، التي ارتكبها شخصٌ من الجنسية السورية. وقال حاصباني خلال المؤتمر الصحافي إنه "في ظل ازدياد عدد الموجودين بطريقة غير شرعية في مناطق الأشرفية والرميل والصيفي والمدور، وبعد وقوع احتكاكات عدة مع المواطنين وحوادث أمنية وإطلاق نار أدى إلى مقتل الرقيب العاصمي خلال تأدية واجبه، وبعد تكاثر المخالفات، منها لقانون الإيجار والعمل والدفاع، وإجراءات الصحة العامة، وبعدما طالبنا القوى الأمنية كافة بتكثيف عملها في المنطقة، ورأينا أنها قامت بما يمكنها ضمن الإمكانات المحدودة والضغط الهائل الناتج عن كثافة السكان والمؤسسات التجارية والسياحية وغيرها مقابل أزمة مالية تقلّص القدرات، رأينا أنه من الضروري مشاركة المواطن لمساندة الأجهزة الأمنية بعملها لمواجهة التحديات الزائدة".

أضاف: "إننا نطلق مبادرة كل مواطن خفير وتطبيق تبليغ ليصبح لدينا آلاف العيون الساهرة واستخدام إيجابي للتكنولوجيا، لتساعد الأجهزة الأمنية في هذه الظروف الصعبة لكي تقوم بواجباتها بفعالية أكبر" لافتاً إلى أنّ "أمن بيروت والأشرفية تحديداً خطّ أحمر، ولن نوفّر أي جهد لتعزيزه والسهر عليه من أجل كل مواطن يحترم القانون وبمشاركة كل مواطن غيور على سلامة ونظافة أحياء المدينة".
في هذا الإطار، يقول رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر، لـ "العربي الجديد"، إنّ "هناك إشكالات عدّة تحوم حول المحاولة الشعبوية الأخيرة، وهي ليست الأولى. للأسف، لن تكون الأخيرة لبعض النواب اللبنانيين الذين يصلون لإفلاسٍ سياسيٍّ يجعلهم يعتبرون أنّ انتهاك خصوصية الأشخاص، وتحريض الناس على العنف، وزرع الفتنة بينهم، هو عمل سياسي يخدم الشأن العام".

عائلة سورية لاجئة في طرابلس شمال لبنان (أندريا كامبونو/ Getty)
عائلة سورية لاجئة في طرابلس شمال لبنان (أندريا كامبونو/ Getty)

يضيف: "للأسف، المبادرة تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان والقانون اللبناني، وسنعمل مع فريق من المحامين من أجل متابعة الموضوع، لأن التقاط صورة لأي شخصٍ ولا سيما إذا كان يعمل في مكانٍ خاص أو لهدف الإيذاء والتبليغ عنه، يعتبر بمثابة انتهاك للخصوصية ويأتي في إطار البلاغ الكاذب والتحريض، ونحن سنعمل على الملف من جوانب عدّة".
ويشدد الأسمر على أن "الخطير أيضاً في الموضوع أننا لا نعرف المعلومات التي سترسل وتسجل وتُجمع بحق هؤلاء الأشخاص، ما هي وجهتها، وكيف ستجمع، وتخوفنا بالتالي أن يكون الهدف من هذه المبادرة إعادة إحياء عقل ميليشياوي معروف، وهو ما تمتلكه كل الأحزاب في لبنان". يتابع: "لو يتكرّم علينا النائب حاصباني ويخبرنا كيف سيفرّق المواطن اللبناني الشخص الذي سيلتقط الصورة له ويبلّغ عنه. هل من خلال ثيابه أو شكله؟ كيف سيُميّز جنسيته ويعرف أنه غير لبناني؟ اعتقد أن هذه المقاربات مؤسفة".
كذلك، يؤكد الأسمر أننا "بمجرد أن يصدر التطبيق سنتابع الملف قانونياً سواء في لبنان أو حتى في الخارج، خصوصاً أن التطبيق سيكون متاحاً في كل بلدان العالم، وسنتابع نقطة أساسية جداً أيضاً وهي أن أي شخص يتعرّض للأذى بسبب هذا التطبيق، فإن النائب الذي أطلقه وتحدّث عنه، يتحمّل مسؤولية شخصية جزائية تجاه ذلك".

يأتي ذلك في وقتٍ تزداد فيه الحملات السياسية والإعلامية ضد اللاجئين السوريين، وتحذر من تداعيات استمرار وجودهم في البلاد، وتؤكد أن لبنان لم يعد قادراً على استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين.
واتخذت الحكومة اللبنانية في وقتٍ سابقٍ جملة مقررات وإجراءات صارمة بحق اللاجئين السوريين بذريعة مواجهة ما أسمته بـ "النزوح المستجد لمئات السوريين عبر نقاط عبور غير شرعية"، الأمر الذي عزّز بدوره خطاب الكراهية والعنصرية ضد اللاجئين، ورفع الصرخات التي تنادي بطردهم من الأراضي اللبنانية، ما أعقبه سلسلة أحداث في مناطق لبنانية متفرقة بين السكان ولاجئين سوريين.
وورد ملف اللجوء السوري أيضاً على طاولة النقاش في ظلّ الأحداث الأمنية التي تشهدها الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، غداة عملية طوفان الأقصى، والتي أدت إلى نزوح ما يزيد عن 70 ألف مواطن من القرى الحدودية، وأبرزها كان دعوة وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، إلى فصل اللاجئين السوريين عن مراكز الإيواء التي تُخصّص للبنانيين، وإنشاء مخيّم كبير لهؤلاء على الحدود مع سورية، علماً أن هذه المبادرة لم تطبق بعد.
وارتفعت في الفترة الأخيرة هجرة اللاجئين السوريين غير الشرعية من لبنان عبر شواطئ الشمال باتجاه دول أوروبية ولا سيما قبرص واليونان، في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالبلاد. وكشف وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب في تصريح حديث له أن "95 في المائة من اللاجئين السوريين يهاجرون لأسباب اقتصادية، وعلينا معالجة ذلك، بالتعاون مع الدول المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط".

المساهمون