كورونا حرم تلاميذ "الإدارة الذاتية" التعليم

كورونا حرم تلاميذ "الإدارة الذاتية" التعليم

04 مايو 2021
في خلال تسجيل الدروس للتلاميذ (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

 

فرضت المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية، شمال شرقي سورية، العديد من قرارات الحظر منذ تفشي فيروس كورونا الجديد، الأمر الذي أثّر على مناحي الحياة كافة، إلا أن التأثير الأكبر كان على تلاميذ المدارس، الذين لم يتمكّنوا من متابعة دراستهم حتى عن بعد، بسبب عدم اعتماد التعليم الإلكتروني من قبل السلطات المسيطرة هناك، وإسقاط سجلّات الكثير من التلاميذ من قبل مديرية التربية التابعة للنظام، التي أنهت العام الدراسي الحالي قبل أيام.

تقول مريم تمر، وهي أم لثلاثة أطفال في مدارس مدينة القامشلي، حيث تقطن، لـ"العربي الجديد": "كان للحظر تأثير سلبي كبير على الأطفال، وتكراره كان يبعدهم عن أجواء الدراسة. في المقابل، لم تكن هناك بدائل من قبل السلطات المحلية، الأمر الذي أثّر بشكل كبير على المستوى التعليمي للأطفال". وتشير إلى أنّ التلاميذ خلال العام الدراسي الكامل حصلوا على أقل من نصف المنهاج المقرّر. تُتابع تمر أن المعلّمين أخبروا الأهالي عن مشروع لمتابعة تعليم الأطفال من المنازل، لكنّه لم يُفعّل، ما اضطر الكثير من الأهالي للّجوء إلى مدرسين خصوصيين، بكلفة 45 ألف ليرة سورية (نحو 117 دولاراً أميركياً) شهرياً للطفل الواحد، لافتة إلى أن المبلغ ليس قليلاً نظراً للوضع الاقتصادي الصعب للسكان، وقلة فرص العمل، وغلاء المواد التموينية، وارتفاع نسبة الفقر في المجتمع المحلي. 

من جهته، يقول المشرف التربوي في مدينة القامشلي عبد العزيز حسن، لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لتلاميذ المرحلتين الإعدادية والثانوية، عمدنا إلى تصوير المناهج وباتت متوفرة على الإنترنت ومتاحة للجميع، كما افتتحنا دورات تقوية مجانية لتلاميذ الصف الثالث ثانوي في مناطق الإدارة الذاتية، لكافة المواد، بهدف تعويض التلاميذ ما فاتهم، وإعدادهم للامتحانات المقرر إقامتها في مطلع يونيو/ حزيران المقبل، والتي تخوّلهم دخول الجامعات".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

أمّا مدير المجمع التربوي التابع للإدارة الذاتية في مدينة القامشلي ريزان حمو، فيقول لـ"العربي الجديد": "أجبرنا تفشي فيروس كورونا على إغلاق المدارس، لكننا سجّلنا دروس جميع المواد ورفعناها على قناة خاصة على موقع يوتيوب، وهي الآن متوفرة لجميع الصفوف الدراسية. كما أنشأ المدرسون مجموعات مغلقة على تطبيق واتساب لمتابعة الواجبات". ويشير إلى أن الدوام في الصفوف الانتقالية انتهى هذا العام. أما بالنسبة لتلاميذ المرحلتين الإعدادية والثانوية، فقد تم حذف القسم الأخير من المنهاج لأن التلاميذ لم يتعلموه. لذلك، هم غير مطالبين به في الامتحانات. ويلفت إلى أن بعض المدارس لم تنهِ الدروس المقررة، ما دفع المعلمين إلى التواصل مع التلاميذ عبر مجموعات "واتساب" لتلافي التقصير. ويؤكّد حمو أن تكرار الحظر والمواجهات التي شهدتها مدينة القامشلي أخيراً (بين القوات الكردية ومليشيا الدفاع الوطني) أثّرت كثيراً على نفسية التلاميذ، كما أبدى تخوّفه من أن يحرم تلاميذ هاتين المرحلتين من الامتحانات هذا العام بسبب التوتر الأمني، والمواجهات العسكرية، التي تشهدها المدينة منذ أيام عدة، وفشل الوساطة الروسية.

تجدر الإشارة إلى أنّ 900 ألف تلميذ تقريباً يتابعون تعليمهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، ويتوزّعون على نحو خمسة آلاف مدرسة تضمّ نحو 40 ألف معلّم. وأسقطت مديرية التربية التابعة للنظام أكثر من 600 مدرسة من سجلاتها، وهي المدارس الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، بحسب تقرير لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية أصدره عام 2016، لكنّ الأرقام تغيّرت بسبب خروج مناطق عدة عن سيطرة الإدارة، بالإضافة إلى سيطرتها على مدينة الرقة.

في سياق متصل، تفيد منظمة "أنقذوا الأطفال" بأنّ اثنين من بين ثلاثة أطفال في الشمال السوري لم يعد باستطاعتهم الذهاب إلى المدرسة وإكمال تعليمهم، بسبب تفشي فيروس كورونا، بالإضافة إلى الفقر الشديد، وغياب الدعم عن قطاع التعليم. وتؤكد مديرة استجابة المنظمة في سورية سونيا كوش، في تقرير صدر عام 2020، أن جائحة كورونا أدّت إلى تفاقم التحديات الحالية التي منعت الأطفال من التعلم، وأعربت عن خشيتها من ألّا يعود الأطفال الذين تسرّبوا من المدرسة هذا العام إلى الدراسة. وتشير إلى أن التسرب من المدرسة يعدّ ضربة قاتلة للجهود الهائلة التي التزم بها الأطفال وأسرهم في التعليم، رغم عقبات استمرت عشر سنوات.

وفي أواخر العام الماضي، قالت الرئيسة التنفيذيّة لمنظمة "أنقذوا الأطفال" إنغر آشينغ: "نعرف أن الأطفال الأكثر فقراً وتهميشاً عانوا الخسارة الأكبر، بسبب عدم توفر فرصة التعليم عن بُعد لديهم أو أيّ نوع من التعليم على مدى نصف عام دراسي. صحيح أن ذلك ينطبق على الأطفال في شتّى أنحاء العالم، إلّا أنّه لا ينطبق على أطفال سورية خصوصاً، فهؤلاء يعيشون ظروفاً لا تشبه ظروف الأطفال في أي بلدٍ آخر، كونهم مُنيوا بخسائر جمّة خلال النزاع".

المساهمون