صعوبات في دفن جثث المهاجرين السريين بتونس

صعوبات في دفن جثث المهاجرين السريين بتونس...مخاوف من كارثة بيئية وصحية

13 يونيو 2022
مطالبات بحلول سريعة لمسألة دفن المهاجرين تجنّباً لكارثة بيئية (تسنيم نصري/الأناضول)
+ الخط -

عادت مسألة تكدّس جثث المهاجرين السريين في مستشفيات تونس إلى الواجهة، بعد قرار السلطات إخضاعها للفرز على أساس الدين من أجل اختيار نوعية المقابر التي سيدفنون فيها، في الوقت الذي استوفت فيه أجهزة التبريد بالمستشفيات طاقتها الاستيعابية.

وأثير الجدل، مجدداً، بعد إعلان السلطات الرسمية تعثّر مسار دفن جثث المهاجرين بدعوى عدم التعرّف إلى دياناتهم بما يمنع دفنهم في مقابر المسلمين، وهو ما فجّر موجة انتقادات واسعة في صفوف المنظمات المدافعة عن حقوق المهاجرين.

وسبق لمحافظ صفاقس، فاخر الفخفاخ، التأكيد أن" عدم التعرّف إلى ديانات ضحايا الهجرة يحول دون دفن الجثث في مقابر المسلمين" .

وقال في تصريح صحافي إنه" تقرر إنشاء مقبرة خاصة بالأفارقة في صفاقس وستنجز خلال 3 أيام "، مضيفا "حُلّت مسألة جثث الأفارقة...تحادثت مع رئيس بلدية صفاقس منير اللومي وسيتم إنشاء مقبرة للأفارقة في ظرف 3 أيام".

مطالبات بحلول جذرية

لكن المنظمات المدنية طالبت بإيجاد حلّ جذري لمسألة تكّدس جثث المهاجرين في دليل وطني موحد للتعامل مع الفواجع البحرية لتحديد المسؤوليات، على أن يجمع هذا الدليل كل الأطراف المتدخّلة من هياكل حكومية ومنظمات مدنية مختصة في الهجرة أو الإسعاف.

ويرى المتحدث الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن وضع دليل وطني موحد للتعامل مع الفواجع البحرية يمكن أن يحدد واجبات كل طرف، ويضمن التعامل السريع والناجع والإنساني مع الضحايا، ويحترم الإجراءات القانونية والطبية في التعامل مع جثث الغرقى.

وأكد بن عمر لـ"العربي الجديد "، أنّ البلديات مطالبة بتحمّل مسؤولياتها بتخصيص فضاءات لدفن الجثث مجهولة الهوية"، موضحاً أن " العديد من الجثث تكون متحللة ولا يمكن حتى تحديد ملامحها فما بالك بالديانة" .

وانتقد المتحدّث، الخطاب الرسمي في التعامل مع قضايا الهجرة، واصفا إياها بـ"العنصرية والإقصائية لهذه الفئة".

وقال بن عمر: "الخطاب الرسمي أصبح يساهم في تصاعد الخطاب العنصري والمشاعر المعادية للمهاجرين وشحن الرأي العام ضدهم بإثارة مسائل حساسة على غرار الديانات التي يتبناها المنطق المحافظ ".

ويبلغ عدد المهاجرين الضحايا الذين تم رصدهم من أول يناير/كانون الثاني إلى 30 مايو/ أيار 399 ضحية ومفقود مقارنة بـ440 على امتداد سنة 2021، وسط توقعات أن يكون عدد الضحايا والمفقودين ضعف الرقم المسجل العام الماضي.

وأفاد بن عمر، أن سلطة بلاده لا تولي أي اهتمام للضحايا بمنطق "دعه يموت ما دام اختار طريق الهجرة السرية"، منتقدا المقاربة التونسية في مجال سياسات الهجرة التي وصفها بالمقاربة الأمنية البحتة التي ترتكز أساسا على عسكرة السواحل بمعدات تقنية ولوجستية للمراقبة والمنع وعدم تسخير هذه المعدات للبحث والإنقاذ.

وأضاف أيضا، أنّ تونس رضخت للضغوطات الأوروبية للقيام بدور الحارس للسواحل الشمالية للمتوسّط، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يتعامل مع المهاجرين بمنطق دعه يموت بعيدا عن الحدود الأوروبية"، وهو ما يجعل من المهاجر ميتا في كل الحالات، بحسب قوله.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وأشار بن عمر إلى فرض الاتحاد الأوروبي مسارات غير عادلة للتعاون في قضايا الهجرة، مستغلا هشاشة الوضع السياسي في تونس وليبيا.

مخاوف من كارثة بيئية وصحية

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم محاكم صفاقس مراد التركي لـ"العربي الجديد"، إن جثث المهاجرين التي يتم انتشالها من البحر وتودع بمستشفيات مدينة صفاقس، أصبحت "تشكل خطراً بيئياً وصحياً كبيراً بسبب تراكمها خارج ثلاجات الموتى في غياب حلول لدفنها".

وأفاد بأن "الثلاجات في غرف الأموات بمستشفيات صفاقس، تستوعب 52 جثة بينما تتكدس عشرات الأجساد خارج أجهزة التبريد في غياب حلول لدفنها، لاسيما وأن مصالح البلدية ليس لديها القدرة المالية على التكفل بمصاريف الدفن، وطالب بإيجاد حلول سريعة لمسألة دفن المهاجرين الذين يتم انتشالهم من البحر تجنّباً لكارثة بيئية قد ينتج عنها انتشار أمراض.

المساهمون