شهود يروون تفاصيل مقتل شاب على يد ضابط شرطة في مصر

شهود يروون تفاصيل مقتل شاب على يد ضابط شرطة في مصر

26 مارس 2021
عناصر من الشرطة المصرية (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

نشرت "خريطة التعذيب"، وهي مبادرة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأشخاص في أماكن الاحتجاز في مصر، بعض الشهادات حول وفاة المواطن محمد يوسف عبدالعزيز أحمد عيد، وقد أكدت جميعها أن سبب الوفاة هو نتيجة الاعتداء بالضرب من قبل ضابط الشرطة.

ووثقت تفاصيل الواقعة من خلال زوجة القتيل وشقيقها وآخرين، بالإضافة إلى تحقيقات النيابة العامة في المحضر رقم 2836 لسنة 2021 إداري مركز شبين.

كان لدى محمد يوسف عبدالعزيز أحمد عيد (37 عاماً) محل بقالة خاص في قرية منشأة الكرام في شبين القناطر - محافظة القليوبية (ضواحي القاهرة). وتوفي في 17 مارس/ آذار الجاري في محله نتيجة اعتداء ضابط شرطة عليه، بحسب شهادات لـ "خريطة التعذيب".

وروت زوجته زينب عبد الرازق عبد الفتاح، في شهادتها التي أدلت بها لخريطة التعذيب، أن زوجها تعرض للضرب من قبل ضابط شرطة في شبين القناطر، الأمر الذي أدى إلى وفاته في الحال. وحدث أن توجهت قوة مؤلفة من أربعة أشخاص يترأسها ضابط يدعى م.ن إلى محل البقالة المملوك لزوجها، لسؤاله عن أحد الأشخاص الذين كانت تبحث عنهم الشرطة، فأبلغهم زوجها أنه لا يعلم عنه شيئاً.

أضافت: "فوجئ بتفتيش الضابط وعناصر القوة الأمنية للمحل، إذ لم يجدوا ما هو مخالف، فاعتدوا عليه بالضرب داخل المحل خلال وجود عدد من الزبائن. ضربه الضابط على صدره فأغمي عليه، ورفض أن يساعد أي من الموجودين عيد، قائلاً إن الأخير يدعي الإغماء".

وتقول إن الضابط ظل يبحث عن الكاميرات الموجودة في المحل، بعدما فشل جميع العناصر في إيقاظه. ولفتت إلى أنه فور علمها بوجود قوة أمنية في محل زوجها، طلبت من أخيها التوجه إليه للاطمئنان، فألقت القوة القبض عليه. وتابعت: "عندما توجهت إلى محل زوجي للاطلاع على ما يجري، وجدته على الأرض بينما شقيقي في قبضة الشرطة. توجهت إلى شقيقي فشتمني الضابط وراح يهددني بالسجن، ثم توجهت إلى زوجي لأكتشف أنه فارق الحياة". 

وتوضح زينب أن زوجها كان يعمل في البداية مندوب شرطة وتم فصله من العمل، لأن حالته النفسية ساءت وتغيب عن العمل لبعض الوقت فتم فصله. حاول مراراً وتكراراً تقديم ما يثبت أن صحته تتدهور وأنه يعاني نفسياً، بالإضافة إلى أنه يعاني من مرض بالقلب، وكان يأخذ دواء، إلا أنهم رفضوا إعادته. تضيف: "بعد فصله من العمل، بدأ العمل في مشروع خاص واقترض المال من الأقارب، وافتتح محلاً للطيور. وبعد فترة قليلة، حوله لمحل بقالة ولم تكن لديه أية علاقة بتجار المخدرات أو الأشخاص المسجلين خطرين كما يردد البعض. والقرية كلّها كانت تحترمه من الصغير إلى الكبير".

وتسأل زينب: "من سيربي أولادي الأربعة؟ من سيحاسب الضابط الذي لم يرحم زوجي، وتعدى عليه بالضرب واعتقل شقيقي؟". وعن واقعة الاعتداء على محمد يوسف، روى أحد الشهود الذي كان يشتري من محل الضحية: "كنت أشتري من المحل الخاص به ، فجاء الضابط ومعه تلاته تانيين، وأول ما دخلوا عند عم محمد شتموا وفضلوا يفتشوا، ملقوش حاجة، وبعدين عم محمد قالهم أنا في السليم ودا محل أكل عيشي، فالضابط ضربه في صدره مرتين ومرة تانية على دماغه بأيده وبالطبنجة، واللي كانوا معاه كانوا بيزوقوا عم محمد، وهو ساكت خالص وعمال يقولهم أنا عملت أيه لكل ده، بعدها خدوا بالهم أني موجود وشايف كل دا فمشوني، وقعدوا يزعقوا لكل الناس".

"من سيربي أولادي الأربعة؟ من سيحاسب الضابط الذي لم يرحم زوجي، وتعدى عليه بالضرب واعتقل شقيقي؟"

من جهته، يقول شقيق زوجة الضحية عبد الفتاح عبد الرازق، وأحد الشهود الذين استمعت إليهم النيابة العامة، إنه وقت حدوث الواقعة كان في منزل شقيقته، فوجئ بالأهالي يخبرونهم بوجود قوة أمنية في محل الضحية. وكانت تضم ثلاثة من أمناء الشرطة والمخبرين وضابط معهم متواجدين داخل المحل.

يتابع عبد الفتاح: "توجهت إلى المحل لأطمئن عليه. وجدته في حالة غير طبيعية. كان وجهه شاحباً وهدومه وهيئته تشير  إلى أنه تعرض للضرب. حاولت أن أفهم منه ما يجري وكان بيقلهم أنه مريض قلب ولا يستطيع التحرك". ويشير  إلى أنه بعد مرور دقائق، وقع محمد على الأرض. في البداية، توقع الضابط و عناصره أنه يدعي الأمر، ورفضوا دخول المحل. لكن بعد مرور خمس دقائق، تأكد الضابط أن زوج شقيقتي توفي، فتعدى علي بالضرب بموبايل في وجهي ولكمات في أنفي، وأجبروني على الصعود للبوكس.

ولفت إلى أن قوات الأمن الموجودة ظلت تبحث عن كاميرات في المحل لكنهم لم يجدوا، فظلوا يبحثون في الشارع عن أقرب كاميرات لمحل محمد وقاموا بأخذ الكاميرات المملوكة لصاحب محل فكهاني قريب منه".

وقال إن الأهالي بعدما علموا بالواقعة ووفاة محمد، تجمهروا وراء سيارة الشرطة التي كانت بها قوات الأمن، فأطلقت الأعيرة النارية في الهواء لفض التجمهر.

وعن وقائع القبض عليه، يقول عبد الفتاح: " توجهت بي القوة لمركز شبين، وقتها حضر نواب من البرلمان، وعدد من المحامين والأهالي، وخيرني الضابط في أن أخرج لأدفن زوج شقيقتي أو يلفق لي قضية اتجار في المخدرات، فخرجت وحررت محضرا بواقعة التعدي بالضرب علي حملت نفس رقم محضر التعدي على محمد يوسف، وتم ضمهما للقضية وقمت بإجراء تقرير طبي لإثبات التعدي علي بالضرب".

وفي السياق نفسه، يقول مصطفى، شقيق الضحية، إنه حين علم بما حدث لشقيقه، توجه على الفور إلى محله، فوجد شقيقه على الأرض في وقت كان الضباط والمخبرون يبحثون عن كاميرات ويبعدون الأهالي الذين تجمعوا على مقربة من المحل. أضاف: "طلبت منهم عربة إسعاف لإنقاذ أخي، فرفض الضابط، وقال لي إنه يمثل وسيستيقظ ويمشي بعد خروجنا. حاولت أن أسعف أخي بكافة الوسائل، لكنني تأكدت أنه توفي بعد دقائق، فيما كان هم الضابط الوحيد إيجاد الكاميرات، وحصلوا عليها من محل محاذ لمحل أخي، وأخرى في الصيدلية".

وفي ما يتعلق بكاميرات المراقبة، يقول صاحب المحل: "كنت في محلي ولم أر ما تعرض له محمد. لكنني فوجئت بالضابط ومعه ثلاثة مخبرين وأمناء شرطة يطلبون مني كاميرات المحل. وبالفعل، أخذوها وأبلغوني أنهم سيعيدونها بعد قليل، وطبعاً هذا لم يتحقق، إلا بعدما طلبتها النيابة العامة".

المساهمون