زلزال المغرب منبع قوة وإرادة للطالبة الجامعية إيمان

زلزال المغرب منبع قوة وإرادة للطالبة الجامعية إيمان

مراكش

عزيز العطاتري

صورة
عزيز العطاتري
عزيز العطاتري
24 سبتمبر 2023
+ الخط -

لم يبقِ الزلزال الذي ضرب المغرب بقوة 7 درجات على مقياس ريختر ليل 8 سبتمبر/ أيلول الجاري، للشابة إيمان بنسعيت سوى صور وذكريات قد تكون لها بمثابة دواء يهدئ قليلاً من روعها، ويلملم بعض جروحها الكبيرة، وينسيها الذكرى الأليمة التي ترسخت في ذهنها.
فعلياً لم يمهل الزلزال المدمر الطالبة الجامعية إيمان الوقت الكافي لتوديع شقيقيها وجدتها وخالها وأبنائه الذين غافلهم الزلزال جميعهم في منطقة ثلاث نيعقوب في إقليم الحوز الذي يبعد 90 كيلومتراً عن مدينة مراكش، وحوّلهم إلى موتى سقطوا مع آخرين بانهيار 481 منزلاً ومبنى من أصل 500 تضمهم المنطقة التي سجلت حصيلة كبيرة من الضحايا بمقتل أكثر من 300 من سكانها غالبيتهم أطفال ونساء. لكن هذه الطالبة خلقت حالة فريدة داخل الجماعة القروية المنكوبة، بعدما حولّت صدمتها وبكاءها خلال الأيام الأولى على نكبة خسارتها عشرة من أفراد أسرتها، إلى منبع للقوة والإرادة مع مرور الوقت، من أجل تحقيق حلمها، وتسخير كل إمكاناتها وجهودها للوصول إليه.
فبدلاً من الجلوس أمام المنزل المنهار لعائلتها والبكاء على الأطلال ورثاء الديار وألم الفراق، استجمعت قواها وإيمانها بالقضاء والقدر من أجل محاولة إعادة بناء كل شيء انهار حولها. 
كان القرار الأول الذي اتخذته إيمان بشجاعة كبيرة هو العودة إلى الكلية، والاجتهاد في متابعة دراستها التي باتت الرأسمال الذي بقي لها من أجل تجنّب الضياع والتيه في زمن تزداد صعوبات تحقيق الأهداف المنشودة، وسط الغلاء وانتشار الأمراض وتغيّر القيم التي باتت تنخر بعض المجتمعات.
سارعت إيمان إلى تجديد علاقتها بالجامعة، من خلال إعادة تسجيل نفسها في دروس كلية العلوم، لمواصلة مسارها التعليمي الذي كانت قد بدأته عندما كان أفراد أسرتها على قيد الحياة. ورغم أنها فقدت كل إخوتها وخالها وأبنائه وجدتها تصرّ اليوم على أن تزيل الغصة من حلقها، وتبني حلمها وحلم والدتها التي ما زالت على قيد الحياة، والتي تمنّت دائماً أن تراها مديرة لشركة.

وأبلغت إيمان عامل إقليم الحوز، رشيد بنشيخي، بطلبها ومسعاها الذي وجّه بالإشراف على عملية تسجيل الطلاب الجامعيين، وبينهم إيمان في الكليات التي يرغبون في الالتحاق بها، والتأكد من إنجاز العملية قبل الانتقال إلى الأحياء الجامعية التي ستعطي أولوية للمتضررين من الزلزال في الحوز وشيشاوة وتارودانت ومراكش واليوسفية والدار البيضاء.
ولاحقاً توجهت إيمان التي يعتصر قلبها بألم فراق الأحباب وذكريات المكان الذي بات ركاماً، إلى مدينة فاس بأمل العودة إلى منطقة ثلاث نيعقوب كمديرة لشركة متخصصة في البناء، تمهيداً للمساعدة في إعمارها، والمساهمة في حماية الأحباب والأصحاب من أي ظاهرة تشوّه المكان، وجلب الأمان إلى حياة أقربائها وأبناء بلدها.

الصورة
بكاء على الخسائر (العربي الجديد)
بكاء على الخسائر (العربي الجديد)

غادرت إيمان جماعتها القروية في منطقة ثلاث نيعقوب، بعدما دفنت إخوانها وجدتها وخالها وأبناءه في مقبرة أنشئت هناك، وحين زارت ما تبقى من سكان أحياء المنطقة الذين يقطنون في خيام حالياً ساعدتهم من خلال إمدادهم بالأكل، وغسل الأواني، وتنظيف المكان. وهي تريد أن ترجع وقد عادت الابتسامة لهم، ودبت الحياة مجدداً في ثلاث نيعقوب. 
وتقول إيمان لـ"العربي الجديد" إنها قصدت مدينة فاس للشروع في دراسة مادة العلوم، لكنها تحمل داخلها خوفاً على والدتها التي بقيت على قيد الحياة.
وقبل ساعة من مغادرة إيمان منطقة ثلاث نيعقوب رسمت والدتها شكلاً من المأتم عندما تعالى صوتها بالنحيب واللطم على ترك ابنتها لها وحيدة. وما زاد من آهات أمها أنها صارت منذ 8 سبتمبر/ أيلول 2023 من دون ابن، وصارت الفلذة الأخرى بعيدة عنها، وهي ستواجه في الأيام المقبلة قسوة البرد القارس الذي يضرب جبال الحوز، جراء هطول الثلوج والأمطار.

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في المغرب، قد أقرّت خطة لمساعدة آلاف الطلاب المتضررين من الزلزال، وتنص على اتخاذ مجموعة تدابير استثنائية بشأن الطلاب المتضررين، ومطالبة رؤساء الجامعات بالتزام كل أشكال المرونة في آجال تسجيل الطلاب، وتقديم تسهيلات على صعيد الوثائق المطلوبة للتسجيل، بعدما تسبب الزلزال في ضياع الوثائق الرسمية لعدد كبير من الطلاب تحت أنقاض المنازل المدمرة.
وتشمل الخطة أيضاً منح الطلاب المتحدرين من المناطق المتضررة بالزلزال أفضلية الإفادة من المنح الجامعية، وتوفير خدمات الإيواء والمطاعم لهم، مع عدم إغفال الجانب النفسي الذي يتضمن تسهيل حصولهم على خدمات في مراكز الدعم النفسي بالجامعات.

ذات صلة

الصورة
نازحان في غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يحاول النازح الفلسطيني أبو أحمد أبو القمبز من حي الشجاعية شرق مدينة غزة التخفيف من آلام صديقه الجديد أبو مصطفى سالم، الناجي الوحيد من مجزرة إسرائيلية.
الصورة

مجتمع

أكّد طلبة أردنيون تعرّضهم للفصل أو توجيه إنذارات من قبل جامعات أردنية، على خلفية نشاطات داعمة للمقاومة الفلسطينية ومنددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
الصورة

مجتمع

بين ركام عمارات سكنية دمّرتها غارات إسرائيلية في غرب مدينة غزة، تجمّع فلسطينيون لرفع كتلة إسمنتية كبيرة أمام ثلاثة مسعفين سحبوا من المكان جثة هامدة. ويصرخ شاب باكياً "لماذا؟ لم نفعل شيئا يا الله".
الصورة
Aziz Bouderbala

رياضة

كشف عزيز بودربالة، أحد أساطير كرة القدم المغربية في الثمانينيات من القرن الماضي، عن هول الصدمة التي تعرض لها برفقة عائلته المقيمة في شيشاوة، نتيجة الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز قبل أسبوعين، وخلف 3 آلاف ضحية وعدداً كبيراً من الجرحى.

المساهمون