المساعدات إلى غزة: طريق عسكري إسرائيلي شمالاً وممر بحري من قبرص

المساعدات إلى غزة: طريق عسكري إسرائيلي شمالاً وممر بحري من قبرص

07 مارس 2024
فلسطينيون في شمال قطاع غزة المدمّر وقد ظفروا ببعض أكياس الطحين (فرانس برس)
+ الخط -

وسط الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة المحاصر والمستهدف بآلة الحرب الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تُسجَّل محاولات لإيجاد مسارات جديدة لإدخال المساعدات إلى الفلسطينيين الذين يختبرون الجوع، وسط تحذيرات من مجاعة حتمية. ويُحكى أخيراً عن طريق عسكري إسرائيلي لتوصيل المساعدات إلى شمالي قطاع غزة بمبادرة من الأمم المتحدة، وكذلك عن ممرّ إغاثي بحري انطلاقاً من قبرص بمبادرة من المفوضية الأوروبية.

وقد أفاد مسؤول إغاثي كبير لدى الأمم المتحدة بأنّ منظمته سوف تقيّم، اليوم الخميس، كيفية استخدام طريق عسكري إسرائيلي متاخم لقطاع غزة من أجل توصيل المساعدات إلى مئات آلاف الفلسطينيين المدنيين الذين تقطّعت بهم السبل في شمال القطاع. يأتي ذلك فيما تحذّر الأمم المتحدة من أنّ ما لا يقلّ عن 576 ألف فلسطيني في قطاع غزة، يمثّلون ربع السكان، ولا سيّما في الشمال، هم على حافة المجاعة.

وقال المنسّق المقيم للأمم المتحدة ومنسّق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة جيمي ماكغولدريك، إنّ الأمم المتحدة تضغط على إسرائيل منذ أسابيع لاستخدام طريق على السياج الحدودي مع قطاع غزة.

وأوضح ماكغولدريك، في تصريح صحافي، أنّ "منذ الحادثة التي وقعت في الأسبوع الماضي، أعتقد أنّ إسرائيل أدركت بوضوح مدى صعوبة تقديم المساعدة"، مضيفاً أنّ الأمم المتحدة شهدت "تعاوناً أكبر بكثير من قبل إسرائيل نتيجة لهذا الإدراك".

يُذكر أنّ أكثر من 100 فلسطيني استشهدوا برصاص القوات الإسرائيلية، يوم الخميس الماضي، خلال سعيهم للحصول على مواد غذائية من قافلة مساعدات بالقرب من مدينة غزة شمالي القطاع.

والمساعدات المخصّصة للفلسطينيين في قطاع غزة، في الوقت الراهن، تصل إلى الجنوب من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر ومعبر كرم أبو سالم من الداخل الفلسطيني المحتل.

وشرح ماكغولدريك أنّ الخطة تهدف إلى تفتيش قوافل المساعدات عند المعبرَين، ثمّ مرافقتها عبر إسرائيل على طول طريق عسكري إلى مستوطنة بئيري الإسرائيلية في منطقة غلاف غزة. أضاف أنّ "بمجرّد دخولنا إلى قطاع غزة، سوف نُترك (الأمم المتحدة) بعد ذلك للمضيّ وحدنا"، مضيفاً أنّ المنظمة الأممية سوف تجري تقييماً للمسار الجديد المحتمل، اليوم الخميس، للتحقّق من أحوال الطرقات في داخل غزة من أجل ضمان خلوّها من الذخائر غير المنفجرة وتحديد نقاط التوزيع المناسبة للمساعدات".

الإنزالات الجوية غير كافية لسدّ الحاجة في غزة

وأشار ماكغولدريك إلى أنّ استخدام هذا المسار للوصول إلى شمال قطاع غزة يتيح لقوافل المساعدات تجنّب الطرقات المقطوعة وتردّي الوضع الأمني في القطاع.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد علّق تسليم المساعدات إلى شمالي قطاع غزة، في 20 فبراير/ شباط الماضي، بسبب مخاوف تتعلّق بالسلامة.

وعن السبل الأخرى لتوصيل المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة، بما في ذلك ميناء أسدود الإسرائيلي وعمليات الإسقاط الجوي من الولايات المتحدة الأميركية والأردن، قال ماكغولدريك إنّها "مفيدة لكنّها لن تلبّي الاحتياجات الكبيرة"، مشدّداً على أنّ "من غير الممكن تحقيق ذلك إلا عن طريق النقل البرّي".

بدوره، أكّد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنّه يبحث في كلّ السبل لإيصال المواد الغذائية إلى شمالي قطاع غزة، غير أنّ الطرقات البرية هي السبيل الوحيد لنقل كميات كبيرة ضرورية لتجنّب المجاعة.

وقد ذكرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أنّ نحو 97 شاحنة في المتوسط تمكّنت من الدخول إلى قطاع غزة يومياً في فبراير الماضي، مقارنةً بنحو 150 شاحنة يومياً في يناير/ كانون الثاني الذي سبقه، وهو أقلّ بكثير من الهدف الذي يُقدَّر بـ500 شاحنة يومياً.

هل تلتزم إسرائيل بإدخال المساعدات إلى غزة؟

في هذا الإطار، أفاد المتحدّث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي، أمس الأربعاء، بأنّ لا كميات محدّدة للمساعدات التي يمكن إدخالها إلى قطاع غزة، وتوجّه إلى الجهات المانحة قائلاً: "أرسلوا المساعدات، وسوف ندخلها".

وبيّن ليفي، في تصريح صحافي، أنّ "المعابر الإسرائيلية قادرة على فحص 44 شاحنة مجتمعة في كلّ ساعة"، مضيفاً أنّ "المشكلة تكمن في التوزيع". وتابع أنّ "الأمم المتحدة تعاني في سبيل توزيع المساعدات بالوتيرة التي تسمح بها إسرائيل".

تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات الإسرائيلية زعمت في أكثر من مناسبة أنّ الأمم المتحدة تتحمّل مسؤولية التقصير في توزيع المساعدات على الفلسطينيين في قطاع غزة، في وقت تشنّ على المنظمة الأممية ووكالاتها، ولا سيّما وكالة أونروا، حملات شرسة في محاولة لتقويض جهودها ونشاطاتها التي يستند إليها الفلسطينيون في القطاع المحاصر والمستهدف.     

ولفت ليفي إلى أنّ إسرائيل "تعمل على استراتيجيات جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص في داخل غزة، لتوصيل المساعدات إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها"، مدّعياً أنّ أكثر من 12 شاحنة تحمل مواد غذائية توجّهت إلى شمالي غزة، أمس الأربعاء، بالتنسيق مع إسرائيل.

ممرّ إغاثي بحري لإيصال المساعدات من قبرص إلى غزة

في سياق متصل، تزور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قبرص، غداً الجمعة، لإجراء محادثات من أجل إنشاء ممرّ بحري لنقل المساعدات الإنسانية من الجزيرة إلى قطاع غزة، بحسب ما ذكره المتحدث باسم المفوضية إريك مامر أمس الأربعاء.

وقد اقترحت قبرص التي تقع على بُعد 370 كيلومتراً شمال غربي قطاع غزة في البحر الأبيض المتوسط، ​​وهي أقرب دولة في الاتحاد الأوروبي إلى المنطقة، إنشاء ممرّ بحري ذي اتجاه واحد كوسيلة لنقل المساعدات من دون انقطاع للمدنيين في القطاع الذي تشنّ عليهم القوات الإسرائيلية حرباً متواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وقال المتحدث باسم المفوضية إريك مامر، إنّ فون دير لاين سوف تلتقي الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس قبل زيارة مركز تنسيق الإنقاذ المشترك، وذلك "على خلفية فتح ممرّ بحري إنساني إلى قطاع غزة".

بدوره، أكد المتحدث باسم الحكومة القبرصية كوستانتينوس ليتمبيوتيس زيارة فون دير لاين، مضيفاً أنّ "اهتمام (...) الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بالتخطيط للممرّ البحري كان كبيراً".

ومن المقرّر أن تزور فون دير لاين، غداً الجمعة، ميناء لارنكا الذي حُدّد نقطة انطلاق لشحنات المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر والمستهدف.

وبعد محادثة مع الرئيس القبرصي في وقت سابق من هذا الأسبوع حول الوضع الإنساني في قطاع غزة، كتبت فون دير لاين على منصة "إكس" أنّ "المفوضية الأوروبية سوف تدعم تنفيذ مبادرة قبرص لإنشاء الممرّ البحري الإنساني".

ويأتي ذلك في حين دعت بروكسل إلى زيادة المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة، وسط الحرب المتواصلة على القطاع المحاصر، حيث أكثر من نصف مليون شخص "على شفير المجاعة" بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

في الإطار نفسه، أفاد مصدر مطلّع وكالة رويترز، أمس الأربعاء، بأنّ من المتوقّع أن تبحر مساعدات إنسانية من قبرص إلى قطاع غزة في الأيام المقبلة. ولم تتّضح بعد الجهة التي سوف تقدّم المساعدات أو مكان وصولها أو كيفية توزيعها. أضاف المصدر أنّ الجهة المعنية "تريد إرسال المساعدات" يوم الأحد المقبل، أي "قبل بداية شهر رمضان"، مشيراً إلى أنّ عمليات تنسيق المساعدات تجري مع الإمارات.

ويُعَدّ إيصال المساعدات إلى قطاع غزة أمراً ملحاً مع تفاقم الأزمة الإنسانية هناك، ولا سيّما أنّ وفيات عديدة سُجّلت بين فلسطينيين من الأطفال وكبار السنّ بسبب سوء التغذية والتجفاف في الأيام الأخيرة.

(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون