اللاجئون في لبنان... لا ثقة لأخذ اللقاح المضاد لكوفيد-19

اللاجئون في لبنان... لا ثقة لأخذ اللقاح المضاد لكوفيد-19

23 مارس 2021
لا تجد غالبيّة اللاجئين جدوى من الحصول على اللقاح (فرانس برس)
+ الخط -

 

لم تكن جائحة كورونا أشدّ فتكاً من الظروف المعيشية القاهرة والمريرة التي يقاسيها اللاجئون الفلسطينيّون وكذلك اللاجئون السوريّون في لبنان. فاللاجئون الذين يعانون منذ عقودٍ طويلة، من انتهاكاتٍ متواصلة لحقوقهم المشروعة وكرامتهم الإنسانية، ومن عنصريّةٍ تُمارس بحقهم، لا يجدون بغالبيّتهم أيّ جدوى من الحصول على اللّقاحات المضادة لكوفيد - 19، "ولا سيّما في ظلّ انعدام أبسط وأدنى مقوّمات الحياة، وتخاذل دور منظمات الأمم المتحدة المعنية بشؤونهم"، وفق تعبيرهم.

فمنذ إطلاق المنصّة الوطنية الخاصّة باللّقاح، في 28 يناير/ كانون الثاني 2021 ولغاية 19 مارس/ آذار الجاري، تسجّل 959,103 أشخاص من اللبنانيّين وغير اللبنانيّين، بينهم 15,554 لاجئاً سورياً، أي ما نسبته 1.7 بالمائة، و14,446 لاجئاً فلسطينياً، أي ما نسبته 1.58%، وفق أرقام المنصّة. وفيما تؤكّد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان لـ"العربي الجديد"، أنّها على "تواصل مستمر مع اللاجئين المسجّلين لديها، البالغ عددهم 865,531 لاجئاً، وحتّى مع غير المسجّلين، لضمان حصولهم على اللّقاح، علماً أنّ تقديرات الدولة اللبنانية تتحدّث عن وجود 1.5 مليون لاجئ سوري". توضح وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في لبنان، أنّ "عدد اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان يبلغ 180 ألف لاجئ، وهو الرقم الذي تستخدمه "أونروا" والحكومة اللبنانية لأغراض التخطيط، إضافةً إلى 27,700 لاجئ من فلسطينيي سورية"، وأنّها "تعمل مع السلطات اللبنانية لضمان تنفيذ البرنامج الوطني للتلقيح بالكامل، غير أنّها لا تمتلك لغاية تاريخه أرقاماً محدّدة لعدد الذين تسجّلوا على المنصّة أو الذين تلقّوا اللّقاح".

مساعدة اللاجئين السوريين على تلقي اللقاح

أكّدت المتحدثة باسم المفوضية السامية، دلال حرب، أنّ "المفوضية وضعت آلية عمل تعكس دورها في سياق الخطة الوطنية للتلقيح، حيث تتولّى مهام التواصل مع اللاجئين السوريين، توعيتهم ومتابعة حالاتهم بعد أخذ اللّقاح"، لافتةً إلى أنّه "منذ إطلاق المنصّة لغاية 10 مارس/ آذار الجاري، تسجّل نحو 14,076 لاجئاً سورياً، 690 منهم (بعمر 75 وما فوق) تلقّوا اللّقاح، علماً أنّ عدد اللاجئين السوريين بهذه الفئة العمرية يقارب 7 آلاف لاجئ". وأضافت: "همّنا مساعدة اللاجئين لتلقّي اللّقاح، سواء المسجّلين لدينا أو غير المسجّلين، ولا سيّما كبار السن والمرضى ومكتومو القيد والذين لا يملكون هاتفاً محمولاً أو جهازاً إلكترونياً لتسجيل أسمائهم، أو حتى خدمة إنترنت أو لا يتقنون استخدام وسائل التكنولوجيا، حيث نتواصل مع أقاربهم أو جيرانهم ونستفسر عن اللاجئين الذين يعرفونهم، ونسجّلهم بشكل فردي أو جماعي. وقد باشرنا مع الفئة العمرية ذات الـ 75 سنة وما فوق، باعتبارها الفئة التي حُدّدت كأولوية عالمياً، ووفق الخطة الوطنية".

وعن حملات التوعية، أوضحت حرب أنّ المفوضية تهدف إلى "مساعدة اللاجئين على اتّخاذ القرار الصائب بشأن اللقاح، من خلال تزويدهم بالمعلومات الشفّافة والموثوقة، ما يساهم في الحدّ من الشائعات ومن شعور الخوف والتردّد. كذلك نحرص على تزويد كلّ لاجئ برابط المنصّة، وشرح كيفيّة التسجيل وضرورة انتظار رسالة نصيّة تحدّد موعد التلقيح ومكانه، إرشادهم للوصول إلى مركز التلقيح، وتذكيرهم بأنّ اللّقاح مجّاني للجميع، وبالتالي لا تترتّب عليهم أيّ مدفوعات".

وتعمل المفوضية مع المتطوّعين والفرق الميدانية، لكونهم يعرفون العائلات وأقارب اللاجئين، وفق حرب. وتضيف: "ننظّم كذلك زياراتٍ للمخيمات ومساكن اللاجئين لمساعدتهم على التسجيل، لكن مع فترات الإقفال العام ومحدوديّة التحرّك، اعتمدنا على الاتصال الهاتفي. كذلك نرصد ونتابع الحالة الصحية للاجئين بعد تلقّيهم اللّقاح، ولغاية تاريخه لم نسجّل أيّ أعراض جانبية".

الصورة
مخيم لاجئين سوريين في لبنان (أديب شودوري/Getty)
الفيروس يهدّد سكّان المخيّمات جميعهم (أديب شودوري/Getty)

إقبال ضعيف وتريّث من قبل اللاجئين الفلسطينيّين

من جهتها، أكّدت المتحدثة باسم "أونروا" في لبنان، هدى سمرا صعيبي، أنّ "أونروا مستمرّة بالعمل من كثب مع السلطات اللبنانية لضمان تنفيذ البرنامج الوطني للتلقيح بالكامل، وحصول لاجئي فلسطين، كما كلّ المقيمين في لبنان، على اللقاح مجاناً. وفي هذا الإطار، تقوم "أونروا" بحملة توعية مكثّفة لتشجيع كلّ مجتمع لاجئي فلسطين على التسجيل لأخذ اللّقاح، لأنه يبقى الوسيلة الأكثر فاعلية لمنع انتشار الفيروس والحدّ من تأثيره الصحي". وأشارت إلى أنّ "اللاجئين الفلسطينيّين بدأوا بالتسجيل على المنصّة، وما زالت الفئة العمرية المستهدفة من 75 سنة وما فوق، غير أنّ أعداد الذين تسجّلوا ما زالت قليلة، من دون أن يتوافر العدد الدقيق لدينا حالياً، كذلك الحال بالنسبة إلى أعداد الذين أخذوا اللّقاح. وفي السياق، تلقّى عددٌ من العاملين في القطاع الصحي لدى "أونروا" اللّقاح، بتاريخ 16 فبراير/ شباط 2021، والعملية مستمرة بحسب الأولويات الطبية".

تتبع وكالة "أونروا" آلية عمل وزارة الصحة اللبنانية بشأن اللّقاحات، وهناك تنسيق دائم ومستمر معها ومع الأطراف المعنية كافّة من لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وسفارة فلسطين ورئيس اللجنة الوطنية للّقاح ضد فيروس كورونا، عبد الرحمن البزري، ومنظمات الأمم المتحدة، وشركاء آخرين من منظمات غير حكومية، بحسب سمرا صعيبي.

ولفتت إلى أنّ "أبرز العقبات تكمن في أنّ اللاجئين الفلسطينيّين، كالعديد من اللبنانيّين، غير متحمّسين لأخذ اللّقاح، ويفضّلون التريّث قليلاً، وربّما بعضهم غير متحمّس أيضاً لاستخدام المنصّة. لكنّنا نتعاون مع مبادرات شركائنا لنشر الوعي وتشجيع جميع اللاجئين على أخذ اللّقاح، في حين أنّنا لا نسجّل اللاجئين نيابةً عنهم، بل نقدّم هذه المساعدة للراغبين فيها، لكونها عملية طوعية تماماً".

من جهةٍ أخرى، يقول رئيس "لجنة صوت اللاجئ السوري في لبنان"، أبو أحمد صيبعة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "غالبيّة اللاجئين السوريين في بلدة عرسال مثلاً (على حدود لبنان الشرقية مع سورية)، غير مقتنعين وغير راغبين بتلقّي اللّقاح، من منطلق عدم الثقة بالمفوضية التي أهملت مطالبهم الحيوية والأساسية عبر السنوات، كما عدم قناعتهم بجدوى اللّقاح جرّاء ظروف اللجوء الصعبة التي أفقدتهم الأمل بالحياة. إضافةً إلى وجود فئة لم تعد تهتم أو تكثرث لأيّ شيء، حتى مسألة الحياة أو الموت. وعلى الرّغم من ذلك، نواصل التنسيق مع المفوضية، ومع خلية أزمة كورونا في محافظة بعلبك - الهرمل، وننشر كلّ ما يردنا من معلوماتٍ وأخبارٍ عن اللّقاح لتصل إلى أكبر عدد ممكن من اللاجئين".

بدوره، قال "المنسّق العام للهيئة الشبابية لفلسطينيي سورية"، معاوية أبو حميدة: "لم يتواصل معنا أحد على الإطلاق، إنّما "أونروا" دعت اللاجئين عبر مواقعها الخاصّة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى التسجيل على المنصّة، لكنّ الإقبال ضعيف جداً". وكشف أنّ "السبب يعود إلى الإهمال الكبير من قبل "أونروا" من جهة، واعتبار اللاجئين أنّهم سيكونون كالعادة، في أسفل سلّم حسابات الدولة اللبنانية، وبالتالي هم آخر مَن سيستفيد من اللّقاح بسبب العنصرية. كذلك فإنّهم كانوا يفضّلون أن تضع الوكالة برنامجاً خاصاً بهم، لا أن يُدرَجوا ضمن برنامج وزارة الصحة اللبنانية".

المساهمون