البلاستيك خطر يتهدّد شواطئ تونس

البلاستيك خطر يتهدّد شواطئ تونس

01 يونيو 2022
ثمّة تنديد بكميات النفايات المتزايدة التي تُلقى على شواطئ تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

في شهر مايو/ أيار الماضي، راحت تنشط عمليات رفع المخلفات، ولا سيّما البلاستيكية، من الموانئ والشواطئ التونسية التي تُسمَح السباحة فيها. وتنفّذ هذه الحملات البلديات إلى جانب منظمات ومتطوّعين يُعينون السلطات التي لا تملك إمكانيات كبيرة تسمح لها بجمع كميات كبيرة من النفايات، وذلك استعداداً لاستقبال المصطافين والسياح، علماً أنّ العمليات نفسها تُنفَّذ في نهاية كلّ موسم صيفي.
وفي إطار تلك العمليات، تُنشر في الغالب صور ما يُجمَع من نفايات بلاستيكية مع التشديد على خطورة تلك المواد التي لا تتحلّل بسهولة ومدى تأثيرها على الثروة البحرية بكلّ أنواعها. فكثيرة هي الأكياس البلاستيكية وعبوات المياه والأكواب التي تنتشر أو تتكوّم على رمال الشواطئ، وكثيرة هي مخاطرها. لذا تنشط جمعيات بيئية مختصة في نظافة السواحل بكلّ الجهات التونسية على مدار العام، خصوصاً في فصل الصيف حيث تكثر الحركة على الشواطئ.

وتندّد منظمات عديدة بالزيادة المسجّلة في كميات النفايات التي تُلقى على الشواطئ، من بينها الجمعية المتوسطية للمواد والمحيط التي نظّمت حملات كثيرة للتوعية بخطورة المواد البلاستيكية التي تكثر على الشواطئ وفي الموانئ، مشدّدة على ضرورة إعادة تدويرها واستثمارها.
ويقول رئيس الجمعية الشاذلي البرادعي لـ"العربي الجديد": "أعددنا دراسة حول خطورة المواد البلاستيكية على المحيط بصورة عامة والشواطئ بصورة خاصة، بعدما سُجّل ارتفاع كبير في نسبة النفايات التي باتت تُلقى في مياه البحر التي تلفظها لتستقرّ على الشواطئ"، لافتاً إلى أنّ "الجمعية نظّمت ملتقيات وحملات لتوعية المواطن بالخطر الذي بات يُهدّد الشاطئ في تونس من جرّاء سوء التصرّف وقلّة الوعي إزاء ما قد تخلّفه تلك النفايات من تأثيرات سلبية على المحيط وصحة الإنسان والحياة البحرية".
يضيف البرادعي أنّ "الجمعية طالبت كثيراً بتخصيص مراقبين ومتطوّعين على الشواطئ التونسية طوال موسم الصيف لتوعية المصطافين بضرورة عدم تلويث الشاطئ ودعوتهم إلى حسن التصرّف وتوجيههم إلى كيفية جمع مخلفاتهم وكيفية التصرّف فيها، سواء عبر تسليمها إلى مراكز مهمتها إعادة تدوير البلاستيك أو إلى البرباشة، هؤلاء الأشخاص الذين يتنقلون يوميا لجمع القوارير والمواد البلاستيكية ثمّ بيعها لتلك المراكز". ويتابع البرادعي أنّ "الجمعية دعت كذلك البلديات إلى ضرورة توفير وسائل لازمة في هذا الإطار، من قبيل حاويات جمع النفايات بطريقة منفصلة، أي فرز المواد ما بين بلاستيكية وزجاجية والمعدنية ونفيات استهلاكية (عضوية) لتسهيل عملية التصرّف فيها". 

الصورة
جمع النفايات البلاستيكية على شاطئ تونس 2 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
المتطوّعون من أهمّ ركائز حملات رفع النفايات عن الشواطئ (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

من جهته، يفيد رئيس جمعية البيئة والمحيط البحري عبد الرحمان بوعلاق "العربي الجديد" بأنّها "تنظم سنوياً حملات تنظيف لبعض الشواطئ بمشاركة متطوعين كثيرين. وقد لاحظنا تزايد كميات النفايات سنوياً، لا سيّما القوارير والأكياس البلاستيكية بسبب عدم توفّر حاويات على الشواطئ بالعدد الكافي وقلة وعي الناس بضرورة تنظيف الشواطئ بعد الاصطياف، لا سيّما من المواد البلاستيكية التي تتحلل بعد مئات السنين والتي باتت تهدّد العالم وشواطئه، بما في ذلك شواطئ تونس".
وإلى جانب عملية جمع المخلفات ورفعها من على الشواطئ والموانئ، يوفّر المتطوّعون حاويات قبل انطلاق الموسم الصيفي لتسهيل عملية جمع النفايات البلاستيكية خصوصاً وتسليمها بشكل يومي إلى مراكز إعادة تدوير المواد البلاستيكية وتحويلها. لكنّ المتطوّع سيف علوي يرى أنّ "ذلك غير مجدٍ"، ويقول لـ"العربي الجديد" إنّه "على الرغم من توفير تلك الحاويات فإنّها لا تكفي لاستيعاب كميات النفايات الكبيرة التي يلقيها الناس يومياً على الشواطئ، والتي تصل غالباً إلى مياه البحر بسبب الرياح".
ويشرح علوي أنّ المتطوّعين "يسلّمون القوارير الزجاجية إلى مراكز تجميع الزجاج وإعادة تدويره، أمّا القوارير والأكياس البلاستيكية فإلى مراكز إعادة التدوير الخاصة بهذه المادة. لكنّ جهد المتطوّعين والمنظمات لا يكفي للتصدّي لتسرّب كميات كبيرة من تلك النفايات البلاستيكية إلى البحر. لذا يتوجّب على البلديات إنشاء جهاز خاص بالشواطئ مهمّته مراقبة الناس ورفع النفايات بشكل يومي وليس موسمياً من على الشواطئ، لتجنّب وصول كميات منها إلى البحر، لأنّه يصعب حينها جمعها والتخلّص منها إذ يتطلب الأمر تجهيزات ضخمة ذات تكاليف كبيرة تعجز البلديات عن توفيرها". 

تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة البيئة أطلقت أخيراً حملة تحت شعار "وقيت نتحمل المسؤولية" (حان الوقت لنتحمّل المسؤولية) تهدف إلى توعية التجّار والمستهلكين بقرار منع الأكياس البلاستيكية التي تُستخدم لمرّة واحدة فقط، والذي أُقرّ بأمر حكومي في يناير/ كانون الثاني من عام 2021. وكانت الوزارة قد أفادت بأنّ 4.2 مليارات كيس بلاستيكي تُستخدَم سنوياً في تونس، في حين تُلقى نحو ثمانية أطنان من النفايات البلاستيكية سنوياً في كلّ كيلومتر من السواحل التونسية. وقد دعت إلى "ضرورة استعمال الأكياس القابلة لإعادة الاستعمال والتحلّل البيولوجي عبر التسميد الصناعي، أو الأكياس البلاستيكية الشفافة والخفيفة المخصّصة لوزن الغلال والخضر".

المساهمون