أميركا: عمالة الأطفال ليست مشكلة عالم آخر

أميركا: عمالة الأطفال ليست مشكلة عالم آخر

28 يونيو 2023
عمالة الأطفال مخفية في الولايات المتحدة (دافيد لوغستريس/ Getty)
+ الخط -

في أوائل القرن العشرين، شكلت صوراً التقطها لويس ويكس هاين لظروف عيش وعمل أطفال ركيزة إنجاح قضية إصلاح عمالة الأطفال في الولايات المتحدة
عملت كاميرا هاين حينها كشاهد عيان على مرض مجتمعي، والتقطت تفاصيل أقدام حافية، وملابس ممزقة، ووجوه وأيدي متسخة، وهيئات صغيرة تقف أمام معدات صناعية ضخمة، ثم استخدمت اللجنة الوطنية لعمالة الأطفال هذه الصور لإقناع الكونغرس بإنشاء مكتب الأطفال عام 1912، ثم إقرار قانون "كيتنغ أوين" عام 1916، والذي قلّص ساعات عمل الأطفال، وحظر بيع السلع التي تنتجها عمالة الأطفال بين الولايات.
مع نشوء زخم لتكريس الحماية للأطفال العاملين، أصدر الكونغرس عام 1938 قانون معايير العمل العادلة الذي وضع قيوداً على توظيف الأطفال، ولوائح لحمايتهم.
وفيما تعرض جامعة ماريلاند حالياً مجموعة من هذه الصور بالأبيض والأسود التي قلبت الموازين، قد يعتقد كثيرون أن الولايات المتحدة تركت خلفها حقبة ماضٍ محرج، لكن تقارير عدة تتحدث اليوم عن انتهاكات عمالة الأطفال في البلاد يتعلق بعضها بمهاجرين، كما تكشف وقائع تراجع بعض الولايات عن ضوابط السن القانونية للعمل.

وتشير مصادر إلى أن ثلث المهاجرين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة يعملون في شكل غير قانوني، وينفذون مهمات مهنية لساعات أطول، وفي أماكن تفتقد إلى تصاريح مناسبة. وهي تتحدث أيضاً عن ممارستهم وظائف خطرة، بينها التعامل مع معدات خطرة والتعرض لمواد الكيميائية ضارّة في مصانع ومسالخ ومزارع صناعية.
ويلاحظ مراقبون أن التمييز الأساسي بين صور هاين والأطفال العاملين هو العرق، ويؤكدون أن صور عمالة الأطفال في البلدان الأجنبية أكثر شيوعاً اليوم منها في الولايات المتحدة، ما يترك انطباعاً بأن عمالة الأطفال مشكلة "عالم آخر"، وليست مشكلة الأميركيين الذين قد يصعب أن ينظروا إلى القضية بعيون محلية لا تنتمي إلى ماضٍ بعيد.
وإذا كانت منظمة العمل الدولية حثت عام 2015 الأطفال العاملين في ميانمار على أن يصبحوا "نشطاء شباباً"، ويستخدموا ربما صور كاميراتهم الخليوية، وكلماتهم الخاصة لإنشاء "قصص مصورة"، تتعمد المنافذ الإخبارية في الولايات المتحدة  حماية السكان المعرضين لخطر تطبيقاً لمبادئ أخلاقية تستهجن كشف تفاصيل خاصة في حياة أطفال جرت مقابلتهم. لكن يبدو واضحاً أن هذا الأمر يجعل الجمهور الأميركي غير قادر على فهم العواقب الضارّة لعمالة الأطفال عندما تكون الوجوه المتضررة لهؤلاء الأطفال مفقودة من الصورة.

المساهمون