حماية الأطفال: شبكات التواصل تطلق أدواتها

حماية الأطفال: شبكات التواصل تطلق أدواتها

23 اغسطس 2021
تسمح إجراءات الشركات برقابة أبوية أكبر (Getty)
+ الخط -

تتوالى الأدوات والميزات والتعهدات التي تطلقها شركات التكنولوجيا المنتجة لتطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي الأكثر رواجاً في العالم، بحمايتها الأطفال والمراهقين على شبكاتها، بعد انتقادات عديدة طاولتها. فبالرغم من كلّ الجهود المبذولة للحؤول دون استغلال الأطفال في مواد إباحية، غالباً ما تُنتقد التطبيقات المحبّبة من الشباب، مثل "سناب شات" و"تيك توك" و"يوتيوب" و"إنستغرام" على عدم قيامها بما يكفي لحماية هؤلاء من المتطاولين عليهم.

آبل
أعلنت شركة "آبل"، قبل أسبوعين، أن أجهزتها "آيفون" و"آيباد" ستبدأ بكشف الصور التي تتضمن إساءة جنسية للأطفال وستبلغ عنها فور تحميلها على شبكة الإنترنت، في الولايات المتحدة، في خطوة أثارت قلق المدافعين عن حق الخصوصية.
وستقوم أدوات جديدة تسمح برصد أفضل للصور التي تتخذ طابعاً جنسياً وتتعلّق بأطفال، على خادمها "آي كلاود" وخدمتها للدردشة "آي مسج"، وذلك لحسابات الأطفال المربوطة باشتراك عائلي. وقالت "آبل" في تدوينة: "نريد حماية الأطفال من المفترسين الذين يستخدمون أدوات التواصل في تجنيدهم واستغلالهم، ونريد الحدّ من انتشار المواد التي تتضمن إساءة جنسية للأطفال".

وأوضحت الشركة أن تقنية جديدة ستمكّن البرمجية التي تشغل أجهزة "آبل" المحمولة من مطابقة الصور المسيئة على هاتف المستخدم مع قاعدة بيانات لصور فيها إساءة جنسية للقاصرين معروفة ومقدمة من منظمات سلامة الأطفال، ثم ستضع وسماً على الصور عند تحميلها على خدمة تخزين "آي كلاود" عبر الإنترنت. لكن منظمات الحقوق الرقمية قالت إن التعديلات التي أدخلت على أنظمة تشغيل "آبل" تخلق "باباً خلفياً" محتملاً في الأدوات التي يمكن أن تستغلها الحكومات أو المجموعات الأخرى.

جهات حقوقية تدعو آبل لإيقاف خططها خوفاً على خصوصية المستخدمين وإمكان استغلال هذه الميزات من قبل قراصنة أو دول تخنق التعبير

وبعد جدلٍ واسع ومطالبات جهات حقوقية للشركة بإيقاف خططها لمخاوف الخصوصية وحرية التعبير، رفعت "آبل" الصوت للتأكيد أن أدواتها الجديدة المطوّرة لمكافحة المواد الإباحية لا تؤثّر على ميزة الخصوصية في أجهزتها وخدماتها. وفي مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، قال كريغ فيديريغي مدير البرمجيات في الشركة "من الواضح أن رسائلنا أثارت بلبلة كبيرة". وشدّد فيديريغي على أن الخوارزميات الجديدة لا تجعل النظام أقلّ أمناً أو سرّية.

وخلافاً لحال خدمات الحوسبة السحابية الأخرى، أرادت "آبل أن يتسنّى لها رصد صور "المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلّين" في نظام الحوسبة السحابية، من دون أن يكون عليها أن تعاين صور المستخدمين"، بحسب قول المسؤول.
وأوضحت المجموعة في مستند نشرته على موقعها الإلكتروني أن تشغيل هذا النظام يستوجب ما لا يقلّ عن 30 صورة تمّ رصدها آلياً للإبلاغ عن حساب ما يقوم خبراء بالتحقّق منه شخصياً.

غوغل
من جانبها، تسعى "غوغل" إلى تعزيز التدابير الأمنية الخاصة بالقاصرين على الإنترنت بواسطة إجراءات حول البيانات الشخصية والمحتويات التي قد لا تكون ملائمة، بحسب ما أعلن عملاق الإنترنت الذي غالباً ما تطاول الانتقادات منصّته "يوتيوب" في مجال حماية الأطفال.

وقالت المديرة العامة لقسم "الأطفال والعائلات" في "غوغل"، ميندي بروكس، الأسبوع الماضي، إنه "بما أن الشباب يمضون مزيداً من الوقت على الإنترنت، كثيرون هم الذين يسعون إلى ضمان تصفّح آمن للشبكة للأطفال والمراهقين، من أهل ومدرّسين وخبراء في شؤون الخصوصية ومسؤولين سياسيين، وهم محقّون في ذلك". وصرّحت: "نحن على تواصل دائم معهم لتكييف منتجاتنا وأدواتنا الرقابية الموجّهة إلى الجمهور الشاب تكييفاً منتظماً".

وستصبح التسجيلات التي ينشرها على "يوتيوب" مراهقون بين الثالثة عشرة والسابعة عشرة من العمر تلقائياً بنسق "خاص". وفي حال لم تُبطَل هذه الخاصية، لن تتسنّى مشاهدة الفيديو سوى للمستخدمين المختارين من صاحب التسجيل. وبات من الممكن أيضاً للقاصرين أو لأولياء أمورهم أن يطلبوا سحب صورهم من نتائج البحث على قسم الصور في محرّك "غوغل". وتُعدّ مسألة سحب المحتويات الإشكالية عموماً، من معلومات خاطئة إلى صور مسيئة، بطلب من السلطات أو من الأفراد، موضع نزاع للمنصّة.

وفي ما يخصّ البيانات الجغرافية، سيتمّ إبطال سجلّ المواقع الجغرافية الماضية لكلّ من هم دون الثامنة عشرة من العمر في العالم أجمع، من دون إمكانية تشغيله من جديد. ولحماية هؤلاء من المحتويات "غير اللائقة"، ستشغّل "غوغل" خاصية "سايف سيرتش" (البحث الآمن) على محرّكها البحثي لكلّ القاصرين. ولن يعود من حقّ المروّجين استهداف القاصرين بإعلانات بحسب سنّهم أو جنسهم أو اهتماماتهم.

تيك توك
أعلن تطبيق "تيك توك" الصيني الأكثر تحميلاً لعام 2020، الخميس الماضي، عن ضوابط أكثر صرامة لحماية خصوصية المراهقين من مستخدميه، في محاولة لمواجهة الانتقادات التي تتهمه بالفشل في حماية القاصرين من الإعلانات المخفية والمحتوى غير اللائق. وأفاد "تيك توك" بأن الضوابط الجديدة، التي تستهدف المستخدمين بين 13 و17 عاماً، ستطرح حول العالم خلال الأشهر المقبلة.

"تيك توك" أوقف الإشعارات للمراهقين ليلاً

وعند تفعيل الإجراءات الجديدة، ستنبثق نافذة تسأل المراهقين دون الـ16 عاماً عمن يمكنه مشاهدة فيديوهاتهم قبل نشرها. ويمكن للمستخدمين بين الـ16 والـ17 تشغيل ميزة تسمح بانبثاق نافذة، ومنها يمكنهم اختيار مَن يستطيع تحميل فيديوهاتهم المتاحة أمام العامة. وتحميل الفيديوهات لن يكون مسموحاً به لمحتوى المستخدمين دون 16 عاماً.

وستشغل ميزة "لا أحد" تلقائياً في الرسائل المباشرة في حسابات المستخدمين بين 16 و17 عاماً. ويمكن للمستخدمين تعديل هذا الخيار. كذلك أشار "تيك توك" إلى أنه سيقلّص الفترة الزمنية التي يتلقى خلالها المستخدمون الإشعارات؛ وأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً لن يتلقوا إشعارات بعد الساعة الـ9 مساءً، بينما أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً فلن يتلقوها بعد الساعة الـ10 مساءً. وقضية الأوقات المسائية تتلاءم أيضاً مع خطة السلطات الصينية التي تريد منع الأطفال من استخدام ألعاب الفيديو ليلاً، واستهدفت شركات متخصصة بألعاب الفيديو والتراسل في هذا الشأن، وكان بينها "تنسنت" التي تملك "وي تشات" وبعض أشهر ألعاب الفيديو.

فيسبوك
وفي وقت يحتدم النقاش حول الحدود بين الحقّ في الخصوصية وموجبات الأمن العام، لا سيما في ما يتعلّق بإباحية الأطفال، أعلنت "فيسبوك"، السبت الماضي، عن إضافة خاصية لتشفير الاتصالات الصوتية أو بالفيديو عبر خدمتها "ماسينجر".

وبات يتسنّى لمستخدمي خدمة الدردشة هذه في شبكة التواصل الاجتماعي أن يختاروا تشفير مكالماتهم الهاتفية من البداية إلى النهاية، أي من جهاز إلى آخر "ما يعني أن أحداً لن يكون في وسعه الاطلاع على هذه التبادلات، بما في ذلك فيسبوك"، وفق ما جاء في البيان الصادر عن المجموعة التي تتّخذ في كاليفورنيا مقرّاً لها. وهي مثلاً حال الاتصالات عبر "واتساب" التي اشترتها "فيسبوك"، بالإضافة إلى تطبيقات أخرى شهيرة، على غرار "زوم" و"سيغنال" و"فيْستايم" من "آبل".

"فيسبوك" سمح بتشفير الاتصالات، ما ترفضه الحكومات بحجة التصدي لاستغلال الأطفال

غير أن حكومات كثيرة ترفض هذا التدبير الأمني الإضافي، متحجّجة بذرائع مثل التصدّي لاستغلال الأطفال في مواد إباحية أو مكافحة الإرهاب. وهي ترغب في أن تترك المجموعات "أبواباً مواربة" في تطبيقاتها كي يتسنّى للسلطات القضائية وضع اليد على رسائل وصور ضرورية للتحقيقات القضائية.
وتسعى "فيسبوك" إلى منافسة جاراتها في سيليكون فالي في مجال الخصوصية، لا سيما أن عملاق التواصل بحاجة إلى استعادة ثقة المجتمع المدني بعد سلسلة من الفضائح الخاصة بتسريب بيانات.

المساهمون