أفغانستان: قتلَة لا يعرفون من يقتلون

أفغانستان: قتلَة لا يعرفون من يقتلون

03 يناير 2021
انفجارات بكابول (هارون صاباوون/الأناضول)
+ الخط -

يشهد الشارع الأفغاني بلبلة وخوفاً من سلسلة الاغتيالات والانفجارات التي تقع في الآونة الأخيرة. وما زالت الجهة التي تقف وراء هذه العمليات مجهولة، ما يزيد من الذعر في الشارع، خصوصاً وسط تبادل الاتهامات.

تشهد أفغانستان عموماً، والعاصمة كابول خصوصاً، موجة اغتيالات شرسة عن طريق الكمائن ولصق القنابل الموقوتة أو القابلة للتفجير عن بعد، بواسطة المغناطيس، وتطاول الأطباء والإعلاميين والتجار ونشطاء المجتمع المدني. إذ لا يمرّ يوم، إلا وتشهد الساحة الأفغانية حادث اغتيال. وبينما ينظر السياسيون إليها من زاوية سياسية، فإنّ هذه الأعمال تثير الذعر والخوف في صفوف المواطنين. فهاجس الاغتيالات موجودٌ في كلّ مكان، والأخطر أنّ الجهة المنفذة مجهولة.


في هذا الصدد، قال وزير الداخلية الأفغاني مسعود أندرابي، في مؤتمرٍ صحافي، عقده في كابول قبل أيام، إنّ الحكومة تتّخذ التدابير اللازمة للتصدي لظاهرة الاغتيالات الغامضة. واتّهم حركة طالبان بالوقوف وراءها، لأنّها بعدما فشلت في إحراز التقدّم في ميدان المعركة لجأت إلى الاغتيالات. وأشار إلى أنّ طالبان تسعى للمكاسب على طاولة الحوار من خلال الضغط على الحكومة. من جهته، يقول المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة الأفغانية، زلماي خليل زاد، إنّ الاغتيالات قد تضر بعمليّة السلام الأفغانية إذا لم تُكبح. ويشدّد على ضرورة ملاحقة الضالعين في الاغتيالات. وفي المقابل، ترفض طالبان اتهامات الوقوف وراء تلك العمليات أو القيام بأيّ هجوم يستهدف عامة المواطنين.

 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

 

حيرة للنازحين
وبعيداً عن الجدل حول هدف هذه الاغتيالات، والجهة التي تنفذها، فهي فعلاً تثير البلبلة في أوساط سكان كابول. إذ لا أحد يرى نفسه في مأمنٍ منها، لا سيّما أنّها تتزامن مع انفجارات بقنابل تلصق بالمغناطيس تقع في معظم الأحيان في أماكن مزدحمة بالسكان. وتطاول الاغتيالات التجار والإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني. بالإضافة إلى ذلك، لا يعرف القاتل أحياناً هوية ضحيته والسبب وراء تنفيذه العملية. فقد كانت الاستخبارات نشرت تسجيلاً مصوراً لقاتل الصحافي، إلياس داعي، الذي قُتل قبل شهرٍ تقريباً في إقليم هلمند الجنوبي. وأكّد الجاني في اعترافاته أنّه لم يكن يعرف أنّ الذي يقتله بالقنبلة المغناطيسية هو إعلامي، إذ أمره أحد قادة المسلّحين بتنفيذ العمليّة، وقد نفّذ الأمر، كما قال.

جهل سبب القتل والجهة التي تنفذها محطّ اهتمام المراقبين، والمواطنين، وكلّ من تعنيه قضية أفغانستان. في هذا الصدد، يقول الطالب الجامعي، عنايت الله خان لـ"العربي الجديد": "الحياة في كابول أصبحت صعبة. ففي كلّ ناحية منها تفجيرات وعمليات اغتيال. لا ندري أين نذهب كي نكون في مأمنٍ منها". ويشير إلى أنّ وقوع التفجيرات وعمليات الاغتيال بشكل يوميّ هو محطّ قلقٍ للمواطن، وهي عمليات تطرح تساؤلات حول أداء أجهزة الأمن ومدى قدرة الجهة التي تقوم بتنفيذ تلك الهجمات على الوصول إلى جميع الأطراف والهروب من قبضة الحكومة. ويضيف خان: "سكان الأقاليم هربوا من الحرب باتجاه العاصمة كابول، كي يعيشوا في حالة أمنية أفضل نسبيّاً، لكنّ ندرة الأمن في العاصمة الآن تجعلهم في حيرة". 
من جهته، يتّهم صاحب محل تجاري وأحد وجوه منطقة قلعة زمان خان، في وسط العاصمة، ملك محمد عثمان، أجهزة الأمن بالعمليات، مشيراً، في حديثه إلى "العربي الجديد" إلى أنّ "استخبارات البلاد واستخبارات دول مختلفة تنفذ تصفيات ممنهجة لكلّ من يمكن أن يحرك الرأي العام. من غير المستبعد أن تكون الجهات المعارضة لعمليّة السلام تقف وراء تلك الاغتيالات والتفجيرات المتواصلة". 

 

 

أوامر رئاسية
بدورها، تروي الطالبة الجامعية، صدف هاشم لـ"العربي الجديد" أنّها كانت تدرس اللغة العربية في منطقة كوتي سنكي، بعدما تعطلت الدراسة في الجامعات، لكنّ أمها منعتها من الذهاب إلى الدورة وأجبرتها على تعليقها حتى تحسن الأوضاع. وتؤكّد أنّ الأحوال في كابول سيئة وتسير نحو الأسوأ والمواطن يدفع الثمن.


وفي خضم الانتقادات الموجهة للحكومة، وأجهزة الدولة، تقول الرئاسة الأفغانية إنّها وجهت أوامر للجهات المعنية كافة لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل التصدي لكلّ ما يضرّ بحياة المواطنين. وقالت الرئاسة إنّ الرئيس الأفغاني أمر أيضاً الجهات الأمنية أن تقوم بملاحقة كلّ من يعبث بأمن العاصمة كابول. كذلك، قال نائب الرئيس الأفغاني أمر الله صالح، في بيان، إنّ الحكومة قررت أن تزيد عدد رجال الشرطة القليل حالياً، الذي يمثل أحد الأسباب وراء تفشي ظاهرة الاغتيالات والقنابل المغناطيسية والأعمال الإجرامية الأخرى. ويؤكّد أنّ الخطوة قيد التنفيذ، وأنّها ستأتي بثمارها في القريب العاجل.

المساهمون