أطباء ومتطوعو باكستان يُعنَّفون

أطباء ومتطوعو باكستان يُعنَّفون

10 أكتوبر 2020
خلال إحدى تظاهرات الأطباء والمسعفين (باناراس خان/ فرانس برس)
+ الخط -

"لا أدري ماذا يحقق الأطباء من إضراباتهم المتكررة، علماً أنهم يعرفون أن الضحية هو المواطن وليس الحكومة"، يقول أسنفديار خان، أحد سكان مدينة بنو المجاورة لمقاطعة وزيرستان القبلية في إقليم شمال غرب باكستان، متسائلاً عن أداء الحكومة وخطتها للتعامل مع هذا الملف. وكثيراً ما تتصرف الشرطة بعنف مع فرق المتطوعين من حملة مكافحة مرض شلل الأطفال. كما تعرضوا، بالإضافة إلى أطباء، لضغوط من قبل جهة مجهولة.

ولطالما شهدت البلاد إضراباً عن العمل، وتحديداً من قبل الأطباء، إلا أنها كانت تقتصر على المدن الكبرى. لكن أخيراً، انتقلت إلى المناطق القبلية والجوار. وأعلنت نقابات الأطباء في مدينة بنو شبه القبلية المجاورة لمقاطعة وزيرستان، الإضراب عن العمل من جراء العنف بحق المتطوعين في إطار حملة مكافحة شلل الأطفال في المدينة، ما أدى إلى إصابة عدد منهم، الأمر الذي أثار غضب الأطباء ودفع النقابة إلى إعلان الإضراب عن العمل.

وأصرت النقابات على مواصلة الإضراب حتى توفر الحكومة والسلطات المعنية الأمن لجميع الأطباء. فهذه ليست المرة الأولى التي تمارس فيها الشرطة أو مجهولون العنف بحق أطباء ومتطوعين من دون أن تتحرك الحكومة.

في هذا الإطار، يقول أحد الأطباء المضربين عن العمل، ويدعى عبد الوهاب، لـ"العربي الجديد": "نشعر بالقلق بسبب ما يعانيه المواطنون والمرضى نتيجة الإضراب عن العمل. لكن لا سبيل أمامنا سوى الإضراب والتظاهر، لأن الحكومة لا توفر لهم الأمن، بل إن أجهزة الدولة هي التي تمارس العنف بحقهم".

صحة
التحديثات الحية

ويحمّل عبد الوهاب القبائل جزءاً من المسؤولية، قائلاً إنها مسؤولة أيضاً عن توفير الأمن والحماية للأطباء، لأن النظام القبلي يعتبر كالحكومة في مناطق الشمال الغربي. ويشرح أن العنف الذي يرتكب من قبل الشرطة والأمن يمكن التعامل معه بسهولة. لكن يبقى العنف الذي تمارسه الجهات المجهولة أخطر، خصوصاً أنها تتعمد ضرب المتطوعات والطبيبات والممرضات في منطقة تعاني من نقص في الكادر الطبي النسائي، مشيراً إلى وجود خطة من قبل جهة مجهولة، كما يعتقد، تهدف إلى تدمير قطاع الصحة في هذه المناطق النائية التي تمنع الأعراف والتقاليد السائدة فيها الكادر الطبي النسائي من العمل.

لكن من وجهة نظر القبائل، فإن الحكومة لا تهتم بهذه المنطقة، وما من رقيب على الشرطة وأجهزة الأمن، ما يدفعها إلى ممارسة العنف وضرب من تشاء. وبسبب طبيعة هذه المنطقة الملاصقة لمنطقة القبائل (وهي أصلا قبلية لكنها تابعة منذ القدم لإقليم خيبر بختونخوا، في وقت انضمت منطقة القبائل إليه قبل فترة وجيزة)، والحرب التي دارت فيها خلال العقدين الماضيين، لم تستقر الأمور فيها حتى اليوم، ما أثر على قطاعي الصحة والتعليم. وبالتالي، ترى أن هناك جهة مجهولة تسعى لأن تبقى الأمور مربكة.

حظرت محكمة باكستان إضراب الأطباء عن العمل في يناير 2018

 

وتجدر الإشارة إلى أن متطوعة في حملة مكافة شلل الأطفال تعرضت في المدينة نفسها للضرب المبرح من قبل مجهولين قبل أيام، ما أدى إلى إصابتها بجروح. وعقب الاعتداء، نظمت حركة حماية البشتون تظاهرات رفضاً لما يشهده الكادر الطبي في منطقة القبائل، معتبرة ذلك تدميراً ممنهجاً للمنطقة ومنعها من التقدم نحو الأفضل.

إلى ذلك، فإن العنف الذي يشهده الأطباء لا يقتصر على شمال غرب البلاد، أو منطقة القبائل وحدها، بل يشمل المدن، وتحديداً كراتشي، العاصمة الاقتصادية للبلاد. ففي شهر مايو/ أيار الماضي، نظم الأطباء تظاهرات في المدينة، مطالبين الحكومة بتوفير الأمن والحماية اللازمة. ويتعرض الأطباء لأعمال خطف وضرب من قبل مجهولين في أرجاء المدينة.

وتكثر إضرابات الأطباء عن العمل في شمال غرب باكستان وفي الجنوب للمطالبة بتوفير الأمن والحماية اللازمة، لكنّها أكثر تكراراً في إقليم البنجاب، وأحياناً لأسباب أخرى. وخلال الفترة السابقة، شهد إقليم البنجاب إضرابات عن العمل بسبب آلية الحكومة في التعامل مع الأطباء والرواتب والحقوق.

وتحدث هذه الإضرابات في وقت حظرت محكمة باكستان إضراب الأطباء عن العمل في يناير/ كانون الثاني عام 2018، وادعت المحكمة أن تلك الإضرابات تدمر المستشفيات ويعاني بسببها المرضى والمواطنون. وعلى الرغم من حظر الإضرابات، هناك خشية من أن تدخل الأقاليم في إضراب عام خلال الأيام المقبلة، بعدما أعلنت نقابة الأطباء التحرك والتظاهر في 14 من الشهر الجاري في جميع الأقاليم، إعتراضاً على آلية عمل الحكومة الجديدة مع الأطباء.

وأكدت جمعية الأطباء الشباب في بيان أصدرته في مدينة كراتشي، أن "الآلية الجديدة غير مقبولة، ونحن نعطي فرصة للحكومة كي تعيد النظر بالآلية، وسنطلق تظاهرات في مختلف الأقاليم. وفي حال لم تعِد الحكومة النظر في القضية، سنفكر في خطوات أخرى".

يذكر أن الإضرابات والصدامات بين الأطباء والسلطات لم تجبر الحكومة الباكستانية على تغيير سياساتها إزاء الأطباء، كما تدعي النقابات. ووسط أخذ ورد، يدفع المواطن ثمناً باهظاً.