هزُلت في تونس

هزُلت في تونس

29 يوليو 2018
منحت "نداء تونس" الفوراتي الثقة (ياسين قائدي/ الأناضول)
+ الخط -


شهدت جلسة التصويت على وزير الداخلية التونسية الجديد، هشام الفوراتي، السبت، مهزلة سياسية بامتياز، إذ تابع التونسيون باستغراب ترنّح أحزاب سياسية وتلوّنها بين مواقف متناقضة في 24 ساعة بين التأييد والرفض.
وقبل يوم من التصويت كان نواب من كتل عديدة سألهم الصحافيون عن مواقفهم ونواياهم، قد أكدوا أنهم لم يحسموا بعد أمرهم لأن أحزابهم لا موقف واضحاً لها، وقد تذهب مواقفهم في هذا الاتجاه أو ذاك. لكن الغريب هو ما أتاه الحزب الحاكم، نداء تونس، فقد اجتمعت كتلته الجمعة الماضي بإشراف مديره حافظ قائد السبسي، وخرج رئيس الكتلة سفيان طوبال، للصحافيين، ليؤكد أنه "بعد تفكير معمق وبأسلوب ديمقراطي كالعادة، قررت الكتلة النيابية عدم منح الثقة لوزير الداخلية المقترح خلال الجلسة العامة التي ستجرى السبت بمجلس نواب الشعب".

وبعدها بساعات قليلة، خرج نفس الشخص، سفيان طوبال، ظهر السبت، ليؤكد أن كتلة نداء تونس قررت منح الثقة لوزير الداخلية هشام الفوراتي المقترح من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، موضحاً في مؤتمر صحافي أنه "بعد النقاش وبالأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية والتهديدات الإرهابية التي تواجهها تونس، قررت كتلة حركة نداء تونس في مجلس نواب الشعب منح الثقة لوزير الداخلية المقترح"، مشدداً على أن "هذا القرار صدر من باب المسؤولية وليس لتجديد الثقة في الحكومة". والسؤال ألم تكن مصلحة البلاد والتهديدات الإرهابية حاضرة في نقاش الجمعة، الذي كان "معمقاً وديمقراطياً" على حد تعبيره؟ أم أن السياسة تحولت إلى سوق بخس وبورصة هواة في البلاد؟

وتلك الطفلة الأيقونة، عهد التميمي، خففت عنا وقع ما عشناه من سقوط قبل يوم، إذ أكدت فور خروجها، أمس الأحد، بعد 8 أشهر قضتها ووالدتها في سجن الاحتلال الإسرائيلي، نفس موقفها وهي داخلة إليه من أن "المقاومة ستبقى مستمرة، والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي متواصل". لم يتغير موقفها لأنه المبدأ ولم تثنها مصلحتها الشخصية، وأن تبقى حية، عن التمسك بموقفها بعد أشهر من العذاب والسجن، وهي الطفلة التي وضعت رجلها على أول درجة في سلّم السياسة. أمثلة الوزراء والنواب والرؤساء كثيرة في التمسك بالموقف والاستقالة إن لزم الأمر، فقط لأنه المبدأ، أما عندنا فقد هزُلت.

المساهمون