تحالف الصدر والعامري: إقصاء "الدعوة" عن رئاسة الوزراء

تحالف الصدر والعامري: إقصاء "الدعوة" عن رئاسة الوزراء

17 يونيو 2018
الأولوية لتحالفي "سائرون" و"الفتح" بترشيح رئيس الحكومة (الأناضول)
+ الخط -
تشهد كواليس تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر في العراق، التي ستتولّى مهمة ترشيح رئيس الوزراء العراقي الجديد، حوارات لاستبعاد أي مرشح يطرح عن "حزب الدعوة" الذي يحكم العراق منذ 13 سنة. وكشفت مصادر سياسية عراقية عن وجود مساعٍ تبذل داخل التحالف، الذي انبثق أخيراً بين تحالفي "سائرون"، الذي يتزعّمه رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر، و"الفتح"، التابع لمليشيا "الحشد الشعبي"، بزعامة هادي العامري، من أجل إقصاء "حزب الدعوة" الحاكم عن رئاسة الحكومة المقبلة.

وأكد عضو في تحالف "سائرون" أن التفاهمات مع "الفتح" ناقشت عدداً من القضايا المهمة، وعلى رأسها إنهاء احتكار "الدعوة" لمنصب رئيس الوزراء الذي يسيطر عليه منذ 13 سنة، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التحالفين مضيا قدماً في هذا الأمر من خلال تشكيل التحالف الذي يمهد للكتلة الأكبر، والذي يضم أكثر من مائة نائب. وتابع إن "إسراع سائرون والفتح لتشكيل نواة الكتلة الأكبر يهدف إلى فرض شروط التحالفين على أي تيار سياسي يفكر بالانضمام إلى هذه الكتلة"، مشيراً إلى أن مداولات الشخصيات التي سترشح لرئاسة الحكومة الجديدة بدأت، وستعلن بعد المصادقة النهائية على النتائج، واكتمال نصاب الكتلة الأكبر البالغ 165 نائباً. وأشار إلى وجود توجه لمنح الأولوية إلى تحالفي "سائرون" و"الفتح" في مسألة ترشيح رئيس الوزراء الجديد، مع مراعاة مسألة التداول السلمي للسلطة، مبيناً أن هذا الأمر سيقطع الطريق أمام أحلام "حزب الدعوة" بالعودة مجدداً إلى السلطة.

إلا أن عضو البرلمان العراقي عن "ائتلاف دولة القانون"، عبد السلام المالكي، يؤكد أنه من حق أي حزب تقديم مرشحيه لرئاسة الوزراء، منتقداً، في حديث لـ"العربي الجديد"، الأصوات التي تضع خطوطاً حمراء على بعض الأحزاب، خصوصاً "حزب الدعوة". ولفت إلى أن رئيس "ائتلاف دولة القانون" والأمين العام لـ"حزب الدعوة"، نوري المالكي، لم يرشح نفسه حتى الآن لرئاسة الوزراء، إلا أن ائتلافه سيقدم عدداً من المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة. وأضاف "نحن في ائتلاف دولة القانون لا توجد لدينا خطوط حمراء على أحد"، مبيناً أن مسألة اختيار رئيس الوزراء الجديد تخضع إلى إرادات قوى إقليمية ودولية. وقال إن "مفاوضاتنا مع تحالف الفتح والكتل الأخرى الفائزة في الانتخابات مستمرة ضمن الفضاء الوطني"، موضحاً أن حوارات تشكيل الحكومة الجديدة اشترطت عدم تهميش أحد. ولفت إلى أن جميع التحالفات التي أعلنت ما هي إلا مجرد اتفاقات، مؤكداً أن العملية السياسية لا تُبنى على الاتفاقات وحدها بل تتطلب مواثيق وعهوداً.

وتحدث وزير عراقي، لـ"العربي الجديد"، أمس السبت، عن وجود شخصيات إيرانية رئيسية في العاصمة العراقية بغداد، منذ نحو أسبوع، وهم قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، ونجل المرشد الإيراني، علي خامنئي، مجتبى، ورجل الدين الإيراني المقرب من "حزب الدعوة"، محمود الشاهرودي، إضافة إلى السفير الإيراني في بغداد، إيرج مسجدي، ومعاونه السياسي في السفارة، كريم رضائي، بينما يتداول في أوساط سياسية ببغداد وصول محمد كوثراني، الذي عادة ما يتم تعريفه بعنوان مسؤول ملف العراق في "حزب الله" اللبناني، من أجل لململة شتات القوى السياسية "الشيعية".

وقال عضو البرلمان العراقي، مطشر السامرائي، إن التدخلات الخارجية تأتي من ثلاث دول، هي إيران وأميركا والسعودية، مبيناً أن هذه الدول هي التي تقود زمام تشكيل الحكومة الجديدة. ونقلت وسائل إعلامية محلية عن السامرائي قوله إن "التحالف بين الصدر و(هادي) العامري لن يكون بعيداً عن تطلعات وتأثيرات الدول الثلاث". وقال عضو "ائتلاف دولة القانون"، خالد السراي، إن "الكتل الشيعية والكردية لا تؤيد اختيار رئيس وزراء من حزب الدعوة"، مستبعداً أن "يحصل الحزب على هذا المنصب مجدداً". ولفت إلى وجود معطيات عدة تبعد رئاسة الوزراء عن "الدعوة"، مشيراً، في تصريح صحافي، إلى عدم وجود ما يؤهل حصول الحزب على المنصب حتى من الناحية الانتخابية. وسبق لعضو البرلمان العراقي السابق، وائل عبد اللطيف، أن استبعد عودة "حزب الدعوة" إلى السلطة، مبيناً أن رئاسة الوزراء ستكون من خارج الحزب في الدورة المقبلة، موضحاً أن العراق غير قادر على الخروج من حكومة المحاصصة.

يشار إلى أن "حزب الدعوة" يسيطر على مقاليد الحكم في العراق منذ أول انتخابات أجريت في 30 يناير/ كانون الثاني 2005، إذ أفرزت تولي إبراهيم الجعفري، وهو قيادي في "الدعوة"، الحكم لمدة عام، قبل أن يسلم السلطة إلى الأمين العام للحزب، نوري المالكي، الذي حكم العراق ثمانية أعوام (2006-2014). وتسري أحاديث في العراق عن أن ما فعله المالكي مع الجعفري كان أقرب إلى الانقلاب لإطاحته والحلول مكانه في رئاسة الحزب والحكومة. ثم تسلم حيدر العبادي رئاسة الوزراء في عام 2014، وهو أيضاً من قيادات "الدعوة". يأتي ذلك في وقت تبدو فيه وحدة تحالف "سائرون" التابع للتيار الصدري مهددة، في ظل وضع الحزب الشيوعي العراقي شروطاً مقابل بقائه ضمن التحالف، وفقاً لمصدر مقرب من الحزب، قال إن أبرز هذه الشروط هو الابتعاد عن تشكيل حكومة محاصصة، وعدم القبول بتشكيل التحالفات على أسس طائفية، والمضي بإجراءات التغيير والإصلاح التي يرفعها الحزب الشيوعي في ساحات التظاهر منذ عام 2015. وهذا ما أكده أيضاً الأمين العام للحزب الشيوعي، رائد فهمي، الذي قال إنّ حزبه يفكر في اتخاذ موقف فعلي، وتبني المعارضة في حال نسفت متبنيات الإصلاح والتغيير التي انضم على أساسها الحزب الشيوعي إلى "سائرون"، داعياً الأطراف الأخرى إلى أن تحذو حذوه.