حرية تحت جنح الظلام للدقامسة: موقفي من الصهاينة معروف

حرية تحت جنح الظلام للدقامسة: موقفي من الصهاينة معروف

إربد

محمد الفضيلات

avata
محمد الفضيلات
12 مارس 2017
+ الخط -


بعد 20 سنة من السجن، حظي خلالها بشهرة واسعة، سواء بين مؤيدي ما أقدم عليه أو معارضيه، ليس لدى الجندي الأردني المسرّح من الخدمة، أحمد الدقامسة، الكثير ليقوله، لكن جسده المتعب وملامحه المرهقة، والظروف التي صاحبت الإفراج عنه، تقول الكثير. واستوفت السلطات الأردنية حقها كاملاً غير منقوص، فأفرجت عن الدقامسة، الذي دانته محكمة عسكرية أردنية في العام 1997 بقتل سبع فتيات إسرائيليات، أثناء خدمته العسكرية في قوات حرس الحدود، وحكمت عليه بالسجن المؤبد 20 سنة مع الأشغال الشاقة. كان بإمكان السلطات الإفراج مبكراً عن الدقامسة، لو شملته بالعرف القاضي بحسم ربع مدة المحكومية لمن يثبت حسن سلوكهم داخل السجن، لكنها كما يرى مراقبون، لم تكن تريد أن تبعث رسالة للإسرائيليين بأنها متسامحة مع الرجل. 

منتصف ليلة السبت - الأحد الماضية، أدار الدقامسة ظهره لقضبان السجن، موجهاً وجهه صوب العالم الواسع، الذي تغيّر بشكل كبير، وتتطلب عملية إعادة اكتشافه سنوات ليست بالقليلة. اختارت السلطات الأردنية الإفراج عنه تحت جنح الظلام، لتتلافى بذلك المظاهر الاحتفالية مقابل السجن، كما يكشف رسميون. وحتى بعد أن وصل الدقامسة إلى مسقط رأسه في قرية إبدر، التابعة لمحافظة إربد، أصرت السلطات على تعكير صفو الاحتفال بالإفراج عنه، فأغلقت قوات الأمن مداخل القرية في وجه غير قاطنيها، مستهدفة بشكل أساسي منع وسائل الإعلام من الدخول لتغطية الحدث. كما سيطرت المظاهر الأمنية على القرية، وفي محيط منزل عائلته، وديوان عشيرته، الذي فتح لاستقبال المهنئين، الذين تقاطروا من مختلف مدن المملكة. لكن الإجراءات الأمنية لم تمنع المظاهر الاحتفالية، فتزينت القرية بصوره، ورفعت شعارات تصفه بـ"البطل" و"أسد الأغوار"، وطافت السيارات في مواكب احتفالية، وتجاوزت أصوات الزغاريد جدران المنازل. وقالت مجموعة من النساء، أثناء توجههن إلى منزل عائلته لتقديم التهنئة: "اليوم عيد في البلد (القرية)". كذلك فإن مشاعر الفخر بدت واضحة على غالبية سكان القرية، حتى الأطفال الذين ولدوا أثناء وجوده في السجن، كانوا يتحدثون عنه باعتزاز، وكأنهم يعرفونه منذ زمن.

وسط تلك المشاعر، عبّر البعض عن مخاوفهم، فالقرية، التي يعمل غالبية سكانها في القوات المسلحة (الجيش) والأجهزة الأمنية، يتخوف بعض أبنائها من أن يؤثر الاحتفال بالإفراج عن الدقامسة، أو انخراطه في الشأن السياسي على مستقبل انتساب أبناء القرية إلى الجيش أو الأجهزة الأمنية. وقالت والدته "إحنا ما إلنا دخل بالسياسة... الحمد لله أنه خرج عشان يشوف حياته". وأقدم أحد أفراد عشيرته، وهو مسؤول كبير في الجيش، على طرد الصحافيين من ديوان العشيرة، ولاحقاً قامت الأجهزة الأمنية بإخراج الصحافيين وإبلاغهم بأنهم "غير مرغوب بوجودهم". الدقامسة، الذي ظهرت علامات الامتعاض على وجهه لحظة طرد الصحافيين، لم يقاوم الأمر، لكنه قال، في تصريح موجز قبل عملية الطرد: "بالنسبة للأمور الداخلية أنا ضد أي زعزعة لأمن البلد. أما موقفي من الصهاينة فأنتم تعرفونه منذ 20 سنة".

بدا العمر واضحاً على الدقامسة، وظهرت آثار السجن على ملامحه، فالشاب العشريني، الذي وقف خلال محاكمته الشهيرة، أسود الشعر، رشيق الجسد، صلب الموقف، خرج أربعينياً أبيض الشعر، ممتلئ الجسد، متوتراً، حتى وهو يقدم الشكر للمهنئين. كما لوحظ تدخينه الشره للسجائر. وخلال السلام على المهنئين من أبناء قريته، كان يتوقف لتذكر الأشخاص، أو للتعرف على الجيل الشاب ممن ولدوا أثناء وجوده في السجن. وقد ظهرت على ملامحه الدهشة أحياناً. التفاعل الصاخب مع الإفراج عن الدقامسة، لم يقتصر على الواقع، بل كان هناك تفاعل أكثر صخباً في العالم الافتراضي. وفيما ابتهج ناشطون بحريته التي اعتبروها متأخرة، وأعادوا الإشادة بما أقدم عليه، خرجت أصوات أردنية تنتقده وتصفه بـ"قاتل الفتيات"، بل إن بعضهم شبه قتله للفتيات الإسرائيليات بالأعمال الإجرامية التي يقترفها الجنود الصهاينة بحق الفلسطينيين. وكان الدقامسة سيواجه عقوبة الإعدام لكن المحكمة قالت في حينه إنه "مختل عقلياً" وحكمت عليه بالسجن المؤبد الذي ينص القانون الأردني على أنه 20 عاماً. وبعد أيام قليلة من الحادث، قدم العاهل الأردني الراحل، الملك حسين، اعتذاراً وسافر إلى إسرائيل لزيارة أسر التلميذات لتقديم التعازي.



ذات صلة

الصورة
مشهد لموقع مجمع الشفاء الطبي في غزة في 1 إبريل 2024 (محمد الحجار)

مجتمع

كشف فلسطينيون كانوا في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في شمال قطاع غزة عن فظائع ارتكبتها القوات الإسرائيلية في خلال اقتحامها المستشفى قبل انسحابها منه كلياً.
الصورة
فلسطينيون والمقر الرئيسي لوكالة أونروا في قطاع غزة وسط الحرب (فرانس برس)

سياسة

قالت صحيفة "ذا غارديان" إن إسرائيل قدمت للأمم المتحدة مقترحاً لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ونقل موظفيها إلى وكالة أخرى.
الصورة
الأستاذة الجامعية الهولندية ثيا هيلهورست التي تخوض إضراباً عن الطعام دعماً لقطاع غزة (إكس)

مجتمع

تنفّذ الأستاذة الجامعية الهولندية ثيا هيلهورست إضراباً عن الطعام أمام برلمان بلادها، من أجل لفت الانتباه إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والجوع فيه.
الصورة
بيان أبو سلطان (إكس)

منوعات

أعلنت الصحافية الفلسطينية بيان أبو سلطان "نجاتها"، بعدما اعتقلها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مستشفى الشفاء، غربي غزة، وانقطعت أخبارها منذ 19 مارس/آذار الحالي.

المساهمون