قانون السيسي... لا يخيف "الإرهابيين" ويهدّد المعارضين

قانون السيسي... لا يخيف "الإرهابيين" ويهدّد المعارضين

19 اغسطس 2015
الجيش يعجز عن خوض حرب الإرهاب (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

يجمع عدد كبير من المراقبين والناشطين السياسيين المصريين، على أن القانون الجديد الصادر يوم الأحد لمواجهة الأعمال الإرهابية والعنف، يصعب أن يوقِف هذا "الإرهاب" الذي يستغله النظام لتصفية معارضيه السياسيين. وقد صادق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون، ليل الأحد، بذريعة أن القوانين الحالية لا تلبي متطلبات محاكمة المتهمين في جرائم إرهابية وعنف خلال العامين الماضيين.

قانون الإرهاب هو الأحدث في سلسلة القوانين التي يصدرها السيسي في سبيل المزيد من بسْط سيطرته على المجال العام في مصر، منذ تولّيه الحكم، وفق اتهامات معارضيه، في ظل غياب البرلمان، ما يعطي الصلاحية التشريعية لرأس السلطة التنفيذية. وعلى مدار عام من حكم الرجل، أصدر عدداً كبيراً من القوانين بشكل خالف فيه مبدأ "الضرورة العاجلة" التي كفلها له الدستور المعدل، بعد انقلاب 2013.

وأطلق مراقبون تحذيرات إزاء القانون الجديد، باعتبار أن المقصود منه في الأساس استخدامه ضد معارضي النظام، وتحديداً الحركات والائتلافات الشبابية، أو أي قيادة سياسية معارضة. ويسرد معارضو القانون عدداً من الحجج التي تفيد بعدم جدواه للغرض الموضوع من أجله، ذلك أن الجماعات "الجهادية" العنفية، التي تنفذ عمليات ضد الجيش والشرطة، وتدرك أنه في حالة ضبطها سيكون مصيرها إما الإعدام أو السجن مدى الحياة، لا يمكن أن تخشى إصدار مثل هذا القانون.

اقرأ أيضاً: قانون السيسي للإرهاب: الإعدام و"الإبعاد" والعودة لـ "الطوارئ"

وجاء ردّ تنظيم "ولاية سيناء" على القانون بعملية تفجير مدرعة للجيش المصري، من نوع M113 بالقرب من محطة الغاز جنوب الشيخ زويد، مساء الأحد، تزامناً مع تصديق السيسي على قانون الإرهاب.

ينص القانون على تخصيص دوائر في محاكم الجنايات لنظر قضايا "اﻹرهاب"، ويعاقب باﻹعدام 12 جريمة إرهابية، إضافة لعقوبات أخرى غير السجن مثل اﻹبعاد عن مصر وتحديد اﻹقامة والمنع من استخدام وسائل اتصال معينة، ويعاقب بالغرامة والعقوبات التأديبية من ينشر معلومات أو بيانات عن العمليات اﻹرهابية بالمخالفة للبيانات الرسمية.

يحذر منسق حركة 6 إبريل، عمرو علي، من خطورة قانون الإرهاب، الذي سيكون سيفا مسلطا على المعارضين للنظام الحالي. ويقول علي، لـ"العربي الجديد"، إن النظام الحالي "فاق كل الحدود، بإصدار قوانين بغرض التنكيل بالمعارضة". ويضيف أن نظام السيسي يعادي كل الأطراف في مصر، وهو ما ينذر بأن الأوضاع الآن أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل 25 يناير، معتبرا القوانين المكبّلة للحريات مثل قانون التظاهر ما هي إلا محاولة لتثبيت أركان النظام الحالي بالقوة.

بدوره، يقول الخبير الأمني، العميد محمود قطري، إن قانون الإرهاب الجديد "لن يوقف عمليات الإرهاب والتفجيرات في مصر". ويضيف قطري لـ"العربي الجديد"، أن القانون لا يعد رادعا لأي طرف يريد ممارسة العنف، وخصوصاً أن "العمليات الإرهابية في مصر تحدث بشكل احترافي ودقة عالية، وبالتالي لا يمكن وقفها عبر القوانين".

قانونياً، يلفت قطري إلى أن النص الجديد يزيد العقوبات بشكل كبير، ولكن قانون العقوبات الحالي كان كافياً إدخال تعديلات عليه بشكل أوسع، بدلا من استصدار قانون جديد.

ويشدد على أن أزمة مواجهة العنف والإرهاب في مصر، سببها فشل الأجهزة الأمنية بشكل كبير وواضح منذ سنوات، وتحديدا عقب تعرضها لضربة شديدة في 25 يناير.

ويؤكد أنه في حرب الإرهاب والعصابات المسلحة لا بديل عن جهاز أمني وليس عسكريا قويا، أي لا دخل للجيش فيه، لأن القوات المسلحة مدربة على الحروب النظامية وليس حرب العصابات، التي تعتمد عليها الجماعات الجهادية والإرهابية.

ويرى قطري أن القانون الجديد "يفرض حالة طوارئ من دون تطبيق الحالة المقررة في القانون، من دون معرفة المدى الزمني لاستمرار تطبيق القانون الذي يعتبر دائما حتى انتخاب مجلس النواب المقبل".

اقرأ أيضاً: مصر: احتدام الخلافات حول "قوائم الإرهاب"

يتفق مع قطري، خبير في الحركات الإسلامية، لناحية عدم تأثير القانون الجديد على جماعات العنف "الجهادية". يقول الخبير لـ"العربي الجديد"، إن الجماعات الجهادية بطبيعتها لا تخشى فكرة التعامل الأمني أو القضائي بالأحكام، "لأنها تظن أنها تفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله وتنفيذا للشريعة، ورغبة في إقامة الخلافة". ويشير إلى أن التنظيمات الجديدة باتت أكثر قدرة وتطورا على مواجهة الأنظمة والأجهزة الأمنية والجيوش، بما اكتسبته من خبرات طويلة في ساحات القتال مع أعتى الجيوش في العالم.

وتوقع الخبير في الحركات الإسلامية، إقدام الجماعات "الجهادية" على تنفيذ عمليات خلال الفترة المقبلة، تحدِّياً لهذا القانون والإجراءات الاستثنائية التي يتخذها النظام الحالي.

ويشدد على أن حل أزمة العنف المنتشرة في مصر، هو عبر إيجاد حل سياسي للأزمة الحالية الناتجة عن الانقلاب العسكري. من جانبه، يحذر الخبير السياسي، محمد عز، من مغبة القانون الجديد، الذي قد يطاول أي معارض للنظام الحالي. ويقول عز لـ"العربي الجديد": إن الأزمة أن النظام الحالي يدرك أن القانون الصادر سيحد من الإرهاب، مؤكدا أنه لن يؤثر عن مواجهة العنف مطلقا.

ويلفت عز، إلى أن القانون هو ورقة ضغط على المعارضة سواء الآن أو خلال الفترة المقبلة، ويبعث برسالة مفادها: كل من يتحدث خلافا لرأي السلطة سيكون مصيره المحاكمة بقانون الإرهاب، على حد تعبيره. ويشير إلى أن قانون الإرهاب الجديد مخصص للمعارضين وتنفيذ أحكام سريعة في بعض الشباب والقيادات، من أجل الجميع في مصر.

اقرأ أيضاً: مصر: لهذه الأسباب "يفخّخ" السيسي مجلس النواب