قلق أميركي من خسارة "جولة الرمادي" وخيارات محدودة

قلق أميركي من خسارة "جولة الرمادي" وخيارات محدودة

19 مايو 2015
مليشيات الحشد الشعبي تستعد للتدخل في معركة الرمادي(فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من اعتبار التصريحات الرسمية الأميركية بأن سقوط مدينة الرمادي بأيدي مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية"، هو مجرد خسارة لجولة من جولات الكر والفر في معركة لا تزال مستمرة، فإن منسوب القلق الأميركي ارتفع من خطر "داعش" أكثر من أي وقت مضى. أمر دفع أحد أعضاء الكونغرس الأميركي الجدد، وهو محارب سابق في الفلوجة والرمادي، إلى القول إن المشكلة سيمتد أمدها حتى عهد الرئيس الأميركي المقبل، إن لم يتم إرسال قوات برية أميركية للقضاء على "داعش".

وفي الوقت الذي حاول فيه وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، طمأنة العالم بأن بلاده قادرة على مساعدة قوات الأمن والجيش في العراق على استعادة مدينة الرمادي من أيدي مسلحي "داعش"، إلا أن موجة من الهلع سادت في أوساط المحللين والمعلقين السياسيين، بعد فرار آخر عنصر من عناصر قوات النخبة التي كانت تتولى الدفاع عن المدينة. ووصف بعض المحللين استيلاء "داعش" على الرمادي بنصر سياسي وعسكري كبير يطغى على عملية الكوماندوس الأميركية في دير الزور السورية، ويفتح الطريق عملياً لـ"داعش" إلى الفلوجة لإحكام قبضته على مدن عراقية مهمة.

اقرأ أيضاً: معركة الأنبار تحاصر العبادي محلياً وأميركياً

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الأميركي، توماس فريدمان، في تصريحات أدلى بها لبرنامج "قابل الصحافة" في محطة "إن بي سي" الأميركية، أنه لا يجب التقليل من شأن سقوط الرمادي لأنها ليست بلدة صغيرة، بل عاصمة أكبر محافظة عراقية مساحة، ويقطنها ما يقارب المليون نسمة. ولفت إلى أن الاستيلاء عليها يوضح ما يحصل ميدانياً، لأن المواجهة في الميدان، حسب رأي فريدمان، هي التي ستحدد مصير الحرب وليس العمليات الخاصة الخاطفة التي غادرت القوات الأميركية الخاصة ساحتها في دير الزور السورية تحت وابل من النيران.
من جهته، قال عضو الكونغرس الأميركي، راين زينكين، الذي سبق له أن خدم عسكرياً في العراق ضمن أعضاء فريق قوات النخبة الأميركية الخاصة، لمحطة "سي إن إن" إنه لا يدري كيف يمكن إخراج مسلحي "داعش" من المدينة، مشيراً إلى أن دخولهم الرمادي يعني تحييد القوات الجوية الأميركية إلا إذا تم قصف المدارس والمستشفيات والمباني التي يمكن أن يختفي فيها عناصر التنظيم. وحذر زينكي من أن "هذه المشكلة ستكون كبيرة ليس للرئيس الحالي فقط ولكن كذلك للرئيس المقبل، حول ما يجب عليه أن يفعله في العراق".
وفي دعوة غير مباشرة لاستخدام القوات البرية الأميركية، قال زينكي إن "سياستنا للعمل من بعيد عبر القوات الجوية، ولا سيما في الأراضي العراقية لا جدوى منها، فعندما يكون برنامجك المعلن هو العمليات الجوية فقط، فإن ما سيحدث هو تحرك عناصر داعش إلى المدن للاحتماء بالمستشفيات والمدارس، وتحصين أنفسهم فيها وفي أماكن من الصعب تنفيذ غارات جوية عليهم فيها".
واستمرت المحطات الأميركية طوال يومي الأحد والاثنين تبث تغطيات متواصلة عن سقوط الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار العراقية التي أكد مساعد محافظ الأنبار، محمد حيمور، للمحطات الأميركية سقوطها بأيدي مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" يوم أمس الأحد، لكنه قال إن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قرر إرسال تعزيزات أو قوة جديدة لتحرير المدينة من عناصر "داعش"، محذراً من مذابح يرتكبها التنظيم ضد سكان المدينة العزل. وهو الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية وخصوصاً مع بدء فرار الآلاف من المدينة إلى خارجها.
وعن المليشيات التي تقاتل تنظيم "داعش"، قال المسؤول العراقي إنها "لم تعد مليشيات، بل جزءاً من القوات العراقية بموجب قرار رئيس الوزراء بأن كل من يقاتل دفاعاً عن بلده سيتم اعتباره جزءاً من قوات العراق". وكان العبادي قد وافق على نشر مليشيات الحشد الشعبي في تحرك كان يمانع في القيام به، خشية أن يثير رد فعل طائفياً. وأشار حيمور إلى أن الانتحاريين من أعضاء "داعش" بدأوا يلجأون إلى وسائل تدمير جديدة، من بينها استخدام البلدوزرات والمعدات الثقيلة. كما أن أعداداً منهم جاءت من سورية بأسلحة ثقيلة.

وفي تصريحات أدلى بها أثناء وجوده في كوريا الجنوبية، قال وزير الخارجية الأميركي، اليوم الاثنين، إنه واثق من إعادة تحرير مدينة الرمادي، لكنه أشار إلى أن ذلك قد يستغرق أسابيع عدة. وفي الوقت نفسه، أفادت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إليسيا سميث، أن "الرمادي كانت محل صراع منذ الصيف الماضي وأصبح لتنظيم الدولة الإسلامية التفوق الآن فيها". وشددت على أن "خسارة هذه المدينة لا تعني تحول الحملة العسكرية العراقية لصالح تنظيم الدولة الإسلامية"، لكنها اعترفت بأن ذلك "يمنح التنظيم انتصاراً دعائيا"ً. ورأت سميث أن "هذا يعني فقط إنه يتعين على التحالف دعم القوات العراقية لاستعادتها (الرمادي) فيما بعد". وأضافت أن الولايات المتحدة تواصل تزويد القوات العراقية بالدعم الجوي والاستشارات الأرضية.
أما تنظيم "الدولة الإسلامية" فقد أكد في بيان انه أحكم قبضته على الرمادي واستولى على دبابات وقتل العشرات من قوات الأمن العراقية. وقال ضابط انسحب من الرمادي إن المتشددين يحثونهم عبر مكبرات الصوت على إلقاء السلاح مقابل سلامتهم.
يشار إلى أن الرمادي من المدن القليلة التي ظلت تحت سيطرة الحكومة العراقية في منطقة صحراوية مترامية الأطراف، تمتد حتى حدود السعودية وسورية والأردن. ويسيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على مساحة شاسعة من هذه المناطق التي يغلب السنة العرب على سكانها. ووصف استيلاء "داعش" على الرمادي بأنه أكبر انتصار للتنظيم في العراق منذ بدأت الغارات الجوية لقوات التحالف وقف زحفهم العام الماضي.
وتعهدت الحكومة العراقية بتحرير الأنبار بعدما طردت عناصر التنظيم من مدينة تكريت الشهر الماضي. لكن قوات الأمن التي تفككت جزئياً أمام هجوم لـ"داعش" في يونيو/ حزيران الماضي، وجدت صعوبة في الصمود في محافظة الأنبار المترامية الأطراف.

اقرأ أيضاً: الجبوري إلى واشنطن بحثاً عن دعم العشائر والنازحين

المساهمون