"وول ستريت": جهود إسرائيل لتقويض سلطة حماس في غزة عبر المساعدات

"وول ستريت": هكذا تعمل إسرائيل على تقويض سلطة حماس في غزة عبر المساعدات

21 مارس 2024
مجموعة من الأهالي تفرغ صناديق مساعدات في جنوب غزة (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إسرائيل تسعى لتشكيل سلطة جديدة في غزة بقيادة نتنياهو، مستبعدة حماس ومستغلة توزيع المساعدات، بدعم من مصر والإمارات والأردن، لإنشاء سلطة بقيادة فلسطينية.
- حماس تعارض بشدة الخطة الإسرائيلية، معتبرة إياها محاولة لاستبعادها وتهميش دورها، وتؤكد على مقاومة أي محاولات لتقويض سلطتها في غزة.
- الوضع الإنساني في غزة يتدهور بشكل كبير بسبب الحرب والحصار، مع نقص حاد في المواد الأساسية وتحذيرات من الأمم المتحدة بأن القيود على المساعدات قد تشكل جريمة حرب.

تسعى إسرائيل إلى خلق سلطة جديدة بعيدة عن حركة حماس

جهات أمنية في إسرائيل تعمل على تطوير خطة لتوزيع المساعدات في غزة

حماس تنظر للخطة الإسرائيلية الناشئة كوسيلة لإنشاء هيكل حكم مستقل

يعمل الاحتلال الإسرائيلي على استغلال ملف توزيع المساعدات في قطاع غزة لخلق سلطة جديدة بعيدة عن حركة حماس، بحسب ما بينته صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الخميس، مشيرة إلى جهود تبذلها حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو لتسليم الملف لمجموعة من قياديين ورجال أعمال فلسطينيين غير مرتبطين بحركة حماس.

إسرائيل تسعى لتشكيل سلطة جديدة في غزة

وتنقل "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين إسرائيليين وعرب لم تسمهم أن جهات أمنية في إسرائيل تعمل بهدوء على تطوير خطة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى إنشاء سلطة حكم بقيادة فلسطينية هناك، ما أثار رد فعل عنيفاً من حماس.

وقالت مصادر الصحيفة إن مسؤولاً إسرائيلياً كبيراً أجرى محادثات مع مصر والإمارات العربية المتحدة والأردن لاستدراج دعم إقليمي يستهدف تجنيد قادة فلسطينيين ورجال أعمال، ليست لهم صلات بحركة حماس، لاستلام ملف توزيع المساعدات.

وأضافت المصادر أن المساعدات ستدخل براً وبحراً، وبعد تفتيشها من قبل الاحتلال الإسرائيلي ستتجه إلى مستودعات كبيرة في وسط غزة حيث سيقوم فلسطينيون بعد ذلك بتوزيعها، وعندما تنتهي الحرب سيتولى المسؤولون عن المساعدات سلطة الحكم بدعم من قوات الأمن التي تمولها الحكومات العربية الثرية، وفق تعبير الصحيفة.

وتلفت الصحيفة إلى أن الفوضى السائدة في أنحاء غزة أحبطت الإدارة الأميركية وجيش الاحتلال وأظهرت أن التوزيع المنظم للمساعدات مستحيل حالياً، وأن حماس تستطيع إعادة فرض نفسها في ظل فراغ الحكم، ولذلك يسعون إلى إيجاد قوة يمكنها توزيع المساعدات بشكل فعال في غزة، ومن الناحية الواقعية سيتم ربط هذه القوة بالسلطة الفلسطينية أو الحكومة التي تتخذ من الضفة الغربية مقراً لها.

ولكن هذه الخطة تواجه عراقيل، أيضاً، من قبل نتنياهو الذي يرفض بحسب الصحيفة مشاركة منتمين لحركة فتح في إدارة توزيع المساعدات، وقال مسؤول كبير من مكتبه: "غزة سيديرها أولئك الذين لا يسعون إلى قتل إسرائيليين".

حماس: لن نسمح بذلك

ويرى اللواء غسان عليان، رئيس الذراع الأمنية الإسرائيلية المشرفة على الشؤون المدنية في الأراضي المحتلة، أن جهود المساعدات جزء مهم من خطة إسرائيل لإخلاء مدينة رفح قبل الهجوم عليها، ومن المفترض أن شبكة توزيع المساعدات ستطعم ما بين 750 ألفاً إلى مليون شخص في مخيمات النازحين التي تفترض إسرائيل نقل سكان رفح إليها.

وقال أحد المسؤولين إن رؤية عليان هي أن يشكل الفلسطينيون المناهضون لحماس "سلطة إدارية محلية" لتوزيع المساعدات، مما يؤدي إلى استبعاد الحركة من هذه العملية.

ورغم أن حماس لم تلعب أي دور رسمي في توزيع المساعدات بغزة، لكنها تنظر إلى الخطة الإسرائيلية الناشئة كوسيلة لإنشاء هيكل حكم مستقل، وقال مسؤول أمني لم تسمه الصحيفة: "سنضرب بيد من حديد كل من يعبث بالجبهة الداخلية في قطاع غزة ولن نسمح بفرض قواعد جديدة".

ونقلت عن مسؤول آخر في حماس إن الحركة شعرت بالفعل أنه تم تهميشها بسبب الجسر البحري المدعوم من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وشركاء آخرون لتقديم المساعدات إلى غزة. وقال المسؤول إنه تم التفاوض على الممر الإنساني مباشرة مع بلدية مدينة غزة دون التشاور مع الحركة، مشيراً إلى أن حماس كانت متوترة، أيضاً، بشأن تورط محمد دحلان، العضو السابق في فتح والذي كان رئيساً للأمن التابع للسلطة الفلسطينية في غزة قبل ذهابه إلى المنفى في الإمارات العربية المتحدة.

وتوافق حماس على أن يتم التعامل مع الأمن من قبل قوى غير سياسية لكن على أن تعمل بموافقة الحركة، كما قال حسام بدران، عضو المكتب السياسي لحماس، في مقابلة أجريت معه أخيراً، مضيفاً أن الأمن في الأسابيع الأخيرة تولته مليشيات تطوعية في مدينة رفح الجنوبية وفي الشمال، بموافقة الحركة، لتحل محل الشرطة التي تديرها حماس التي يستهدفها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وقال بدران: "كان هناك إجماع (بين الجماعات الفلسطينية) على تشكيل هذه المؤسسة الأمنية"، التي تشرف عليها حكومة الوحدة الفلسطينية المستقبلية المدعومة من جميع الفصائل، وليس الكيانات الأجنبية، وأضاف أن "الأمن سيكون من مسؤولية حكومة الوفاق الوطني".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين أن دولة الاحتلال تواصلت مع العديد من الفلسطينيين البارزين للمشاركة في إدارة ملف التوزيع، بما في ذلك مسؤول المخابرات الأعلى في السلطة الفلسطينية، ماجد فرج؛ ورجل الأعمال في الضفة الغربية، بشار المصري، بالإضافة إلى دحلان.

ويعارض نتنياهو مشاركة دحلان وفرج، وقال أوفير فولك، المستشار الدبلوماسي الكبير لنتنياهو، إن السلطة الفلسطينية ليست الهيئة المناسبة للسيطرة على غزة لأنها لم تدِن هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول وتواصل دفع رواتب للأشخاص الذين قُتلوا خلال الهجمات على الإسرائيليين: "نحن بحاجة إلى شخص لا يريد قتل اليهود ليتقدم إلى المشهد. وهذا يمكن أن يحدث بمجرد تدمير حماس في غزة"، وفق الصحيفة.

وأوضح دحلان أنه لن يشارك في حكم غزة، وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال العام الماضي، قال إنه غير مهتم بالعودة إلى غزة لإدارة الحكومة، وأضاف أن إسرائيل والغرب يجب أن يقبلا بأنه لا يمكن القضاء على حركة حماس بالكامل، وقال: "أنا لست صديقاً لحماس. ولكن هل تعتقد أن أحداً سيكون قادراً على الترشح لصنع السلام بدون حماس؟".

ويشنّ الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 31.988 شهيداً و74.188 مصاباً معظمهم من الأطفال والنساء وقالت منظمة يونيسف يوم الأحد الماضي إن أكثر من 13000 طفل استشهدوا نتيجة الحرب الإسرائيلية.

وفرضت سلطات الاحتلال حصاراً مشدداً على القطاع منذ بدء الحرب واستهدفت البنى التحتية والمستشفيات، كما قطعت إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود تاركة نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون أوضاعاً إنسانية كارثية.

وقال الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، جيريمي لورنس، يوم الثلاثاء، إن "نطاق القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى غزة، فضلاً عن الطريقة التي تستمر بها بشن العمليات القتالية، قد ترقى إلى استخدام التجويع كسلاح حرب، الأمر الذي يشكل جريمة حرب".

المساهمون