هل تمهد نتائج انتخابات ولائية مخيبة لإقصاء حزب ميركل من المستشارية؟

هل تشكل نتائج انتخابات ولائية مخيبة مؤشراً لإقصاء حزب ميركل من المستشارية؟

16 مارس 2021
تقدم حزب الخضر بخطى ثابتة لتعزيز وجوده على مساحة البلاد (Getty)
+ الخط -

وضعت النتائج التاريخية السيئة للمسيحي الديمقراطي الألماني في انتخابات ولايتي بادن فوتمبيرغ وراينلاند بفالس، أمس الأحد، الحزب أمام أزمة قبل ستة أشهر من الانتخابات البرلمانية العامة، مع تقدم حزب الخضر بخطى ثابتة لتعزيز وجوده على مساحة البلاد، وربما الوصول إلى المستشارية، من دون أن تبرز توجهاته الثابتة للالتزام بتحالف معين، ما يبقي الأمور مفتوحة على جميع الاحتمالات. 

ويأتي ذلك في وقت من غير الواضح كيف ستتطور جائحة كورونا، وما هي العواقب التي يتعين على البلاد التعامل معها بحلول موعد الانتخابات العامة خريف 2021.

ومع تمتع الخضر بأقوى قدرة بعد تحقيقه نتيجة قياسية بلغت 32,6 %، وتراجع المسيحي الديمقراطي من 27% إلى 24 % في بادن فوتمبيرغ، كما وخسارة الأخير بعض النقاط في ولاية راينلاند بفالس من 31,8% الى 27,7% ، إلى تثبيت الاشتراكي لحضوره بتصدره النتائج فيها بنسبة 35,7%، يعتزم زعيم المسيحي الديمقراطي المنتخب حديثاً أرمين لاشيت المواجهة لمعالجة النتائج الانتخابية المخيبة لحزبه، وفق ما أشارت وكالة الأنباء الألمانية. 

وفي السياق، برزت مهاجمة لاشيت، في مؤتمر صحافي يوم الاثنين، لوزير المالية الاتحادي ومرشح الاشتراكي الديمقراطي لمنصب المستشار أولاف شولز، وذلك في رد على انتقادات شولز لإدارة أزمة كورونا، حيث وصف الأخير، في تعليق له أمس الأحد، مع "إيه آر دي" الإخبارية، يوم الانتخابات، بـ"الجيد"، لأنه "يظهر أيضاً أنه من الممكن تشكيل حكومة بدون الاتحاد المسيحي، والنتائج تظهر أن الكثير ممكن على المستوى الفيدرالي"، وليشدد قائلاً: "أريد أن أصبح مستشاراً لجمهورية ألمانيا الاتحادية. لقد أصبح واضحاً اليوم أن هذا ممكن. وهذا إن دل على شيء فهو أن معركة منصب المستشار فتحت باكراً بين الحزبين التقليديين"، في وقت تتحضّر ميركل لمغادرة الحياة السياسية بعد 16 عاماً على رأس المستشارية.

ووسط التراجع بالنقاط لحزب ميركل مع غياب بعض الثقة والمصداقية، برز تراجع لحزب البديل الشعبوي في كلا الولايتين، في حين يبدو أن النقاط التي خسرها المسيحي الديمقراطي في راينلاند بفالس استفاد منها حزب الناخبين الأحرار، ودخل البرلمان لأول مرة بنسبة 45,%، وبات ممثلاً بستة نواب من 101 نائب يشكلون برلمان الولاية.

وعن التخبط في الأزمات التي يعاني منها الاتحاد المسيحي، قال البروفسور في العلوم السياسة في جامعة ترير أوفي يون، في مقابلة مع "إيه آر دي"، إنه يتعين على حزب المستشارة ميركل التفكير ملياً بما يتطلبه الوضع، ومن بينه المزيد من الاهتمام بإدارة أزمة كورونا، في ظل الاستياء أكثر من أي وقت مضى على الحكومة الاتحادية، وذلك من أجل تعزيز الثقة" إذا ما أراد النجاح في الانتخابات العامة. 

وبخصوص نتائج انتخابات أمس، اعتبر البروفسور يون أنه "لم تكن هناك نية لدى الناخب بالتغيير، ولرئيسي الوزراء في كلتا الولايتين أساساً شعبية كبيرة. وبالتالي للنتيجة تأثير محدود على الانتخابات العامة المقررة خريف 2021"، ليبرز أنه وفي العام 2016 كان الوضع مماثلاً في كلتا الولايتين، و"لا يزال الاتحاد المسيحي أقوى حزب على المستوى الفيدرالي"، ولم يغفل الإشارة إلى أن الأخير "سيفقد هذه المرة ميزة خاصة، وهي أنه سيدخل السباق من دون ميركل".

وفي خضم ذلك، اعتبر السياسي عن المسيحي الديمقراطي نوربرت روتغن، مع صحيفة "راينشه بوست"، أن "على الاتحاد المسيحي استخلاص النتائج واتخاذ إجراءات مضادة"، مشيراً إلى أن "هناك متسعاً من الوقت لاتخاذ إجراءات ملموسة والإثبات بأقصى سرعة ممكنة، وبشكل موثوق، كيف أن التلقيح وفحوصات كورورنا جزء من استراتيجيتنا لمكافحة الوباء". 

من جهتها، رأت زميلته في الحزب وزيرة الزراعة الاتحادية يوليا كلوكنر، في تصريح مع وكالة الأنباء الألمانية، أن "الاشتراكي في راينلاند بفالس نجح في التظاهر بأنه ليس عضواً وشريكاً في الحكومة الاتحادية"، في إشارة إلى أن الأخير اعتبر أنه "في حلّ من التزاماته تجاه الأزمات التي تواجهها البلاد لمواجهة وباء كورونا على الصعيد الصحي والاجتماعي والاقتصادي". 

أما نائب كتلة الاتحاد المسيحي كارستن لينمان فقال لصحيفة "دي فيلت" أن على "الاتحاد أن يثبت أخيراً أنه قادر على إدارة أزمة كورونا، وعليه التحول من استراتيجية تجنب المخاطر إلى إدارة المخاطر".

ومع الترجيحات بأن يزداد الضغط على لاشيت بعد يوم الانتخابات الأسود لحزبه، برزت تعليقات تفيد بأن أمام المسيحي الديمقراطي ستة أشهر للانتخابات العامة، و"هذا وقت كاف لتغيير الحالة المزاجية مرة أخرى، وعدم الدخول في دوامة الهبوط، وأيضاً اعتماد شخصية مقنعة للمستشارية". 

وتسري شكوك عما إذا كان زعيم الحزب المرشح المحتمل للمنصب الشخص المناسب لقيادة المرحلة المقبلة، رغم أنه ليست للاشيت أي مسؤولية عن جشع بعض النواب داخل حزبه، لتبرز آراء ترى أنه "من الأجدى أن يتخذ المسيحي الديمقراطي، مع الشقيق الأصغر داخل الاتحاد المسيحي الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا، خياراً حاسماً حول الشخصية التي ستخوض غمار معركة المستشارية، قبل أن تتزايد عوامل عدم الاستقرار في صفوفه، خاصة وأن نتائج انتخابات الأحد، حملت إشارة سيئة للاتحاد، ومن أن الحكم من دون الاتحاد المسيحي ممكن أيضاً، وأن الخيار محتمل للحكومة الفيدرالية إذا ما تحالف حزب الخضر مع الاشتراكي والليبرالي الحر، مع صعوبة في إمكانية التحالف بين الاتحاد المسيحي والخضر"، وهذا ما قد يؤشر إلى أن مشاكل الحزب تتجاوز بكثير انتخابات ولاية خاسرة. 

في المقابل أشارت صحيفة "زود دويتشه تسايتون" إلى أنه لا يمكن القيام بعملية إسقاطات ونقل النتائج بشكل فردي على الانتخابات العامة، لأنه "في انتخابات الولايات يضع الناس قناعاتهم الذاتية المحلية، وعندما يتعلق الأمر بالحكومة الفيدرالية تظل القناعات الأساسية راسخة".

يشار إلى أن المسيحي الديمقراطي واجه قبل أيام من الانتخابات الولائية فضيحة استفادة نائبين من الحزب من عمولات متعلقة بعمليات تجارية لأقنعة واقية من كورونا أدت إلى تراجع أسهمه في صناديق الاقتراع.