"نصائح" الساعات الأخيرة لهشام جنينة قبل إخلاء سبيله

"نصائح" الساعات الأخيرة لهشام جنينة قبل إخلاء سبيله

19 فبراير 2023
لم تفرض أي قيود على تحركات جنينة (فايد الجزيري/Getty)
+ الخط -

بدا الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة في حالة معنوية مرتفعة، وهو يؤكد لزائريه في منزله أنه بصحة جيدة، بعد إطلاق سراحه قبل أيام، إثر إنهاء مدة محكوميته التي استمرت خمس سنوات.

ولكن الساعات الأخيرة قبل إخلاء سبيله، شهدت توجيه تعليمات له على هيئة "نصائح". وبحسب معلومات "العربي الجديد"، اتخذت التعليمات الموجهة لجنينة، ما يشبه "النصح الودي"، المغلف بـ"الخوف عليه" من "تهوّر" قد يعيده إلى السجن مجدداً، "كما فعل في المرة الأولى عام 2018، معانداً النصائح التي أسداها له ناصحون بألا يصطدم بمراكز القوى الجديدة".

أكد جنينة لـ"الناصحين" له أنه لن يعمل إلا ما يرضي ضميره ويوافق الصالح العام

وفي تفاصيل ما جرى خلال الساعات القليلة التي سبقت إخلاء سبيله، فقد التقى به من أبدوا له نصائح "ودودة" و"حريصة عليه"، محاولين إقناعه بعدم إجراء أي اتصالات مع شخصيات مدنية أو عسكرية في الداخل، وكذلك عدم التواصل مع أي من الشخصيات المعارضة في الخارج، حتى لا "يقع تحت طائلة القانون".

جنينة استقبل النصائح بهدوء

ووفق المعلومات، استقبل جنينة النصائح بهدوء، ثم شكر الناصحين له عليها، غير أنه أكد لهم أنه لن يعمل إلا ما يرضي ضميره ويوافق الصالح العام. وأضاف، حسب ما نقلت مصادر مطلعة عنه: "لو واصلت عملي في الشرطة لكنت وصلت إلى رتبة رفيعة، لم أكن لأسمح خلالها بالمساس باستقلالي أو التدخل في عملي، تماماً كما كنت خلال أربعة عقود عملتها في سلك القضاء، ودائماً كانت استقالتي جاهزة، بل وحقيبتي معي استعداداً لدفع ثمن المواقف ولو بالسجن".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وجرى إدراج اسم جنينة أخيراً في القضية رقم 441 بتهمة الانضمام لجماعة محظورة. غير أنه لم تفرض، حتى أمس السبت، أي قيود على تحركاته، أو منعه من ممارسة عمله الخاص. ولم يفرض كذلك أي نوع من الإقامة الجبرية عليه، أو منعه من مغادرة منزله.

وتجنب جنينة خلال تواصله مع زائريه وشخصيات عامة وسياسية اتصلت به لتهنئته على خروجه من السجن، أي حديث حول انخراطه مستقبلاً في العمل العام أو السياسي. وقالت مصادر مقربة منه: "يبدو أنه في حاجة إلى فترة نقاهة بعد مرحلة طويلة وقاسية من الحبس".

إجراءات غير قانونية ضد السياسيين

وقالت الناشطة السياسية والحقوقية المصرية ماهينور المصري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "هناك مجموعة كبيرة من الإجراءات غير القانونية التي تُتخذ ضد السياسيين وسجناء الرأي، مثل جلسة ما قبل الخروج والعرض على جهاز الأمن الوطني، خصوصاً مع السجناء الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية مثل المستشار هشام جنينة".

وأضافت أن "الشخص المحكوم عندما ينهي مدته، يتم ترحيله إلى القسم التابع له، لإنهاء إجراءات أوراق صحة الإفراج، للتأكد من عدم وجود اسمه على ذمة قضايا أخرى، وليس من أجل جلسات النصح والإرشاد التي يقدمها ضباط الأمن".

وأضافت المصري أنه "حسب القانون لا يوجد فرق بين المسجون السياسي والجنائي، لكن الإجراءات غير المتعلقة بالمسار الطبيعي لذاك القانون هي ما تفرّق بين السجناء، كأن يكون قرار الإفراج أو الحبس في يد ضابط الأمن وليس تبعاً لاتهامات حقيقية".

وتابعت: "ما لا يدركه ضباط الأمن، أن التهديدات أو جلسات النصح ما قبل الإفراج، قد تأتي بنتائج عكسية مع بعض الأشخاص، خصوصاً هؤلاء الذين دفعوا الأثمان باهظة، ولهم اسم وتاريخ في الشأن العام، فليس ذكياً أبداً تهديد الأشخاص قبل خروجهم من السجن".

وأضافت أن "طبيعة التهديدات تختلف من شخص لآخر، فالأسماء المشهورة والمعروفة يمكن أن يكون لها القليل من الحماية، فتكون التهديدات في شكل نصائح، لكن هناك الكثيرين من غير المحميين يتلقون تهديدات مباشرة قبل خروجهم، ويستمرون في المتابعة غير القانونية في مقرات الأمن الوطني حتى بعد الخروج من السجن بأشهر وسنين".

محاولة لتكميم الأفواه

ورأت المحامية الحقوقية المصرية أن "الهدف من ذلك هو تكميم الأفواه بأشكال وأساليب مختلفة تتناسب مع قيمة كل شخص وأهميته، وأن يُمنع المُفرج عنهم من الحديث عن تجربتهم، وأن ينسى المجتمع ما حدث، وينسى أسباب الحبس من الأساس، كأن هناك مساحة في المجال العام تسمح بحرية التعبير، لكن الشخص هو من اختار الصمت".

ماهينور المصري: التهديدات أو جلسات النصح ما قبل الإفراج قد تأتي بنتائج عكسية مع بعض الأشخاص

وكان جنينة قد قضى خمس سنوات سجناً بعد إدانته من قبل محكمة عسكرية مصرية بتهمة إذاعة أخبار وبيانات كاذبة، من شأنها تكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب بين الناس، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.

وتعود الواقعة إلى تصريحات صحافية لجنينة عن امتلاك الرئيس السابق لأركان الجيش المصري الفريق سامي عنان وثائق وأدلة "تتضمن إدانة العديد من قيادات الحكم بمصر الآن، وهي متعلقة بالأحداث التي وقعت عُقب ثورة 25 يناير في مصر". وخلال هذه التصريحات عبر جنينة عن قلقه على حياة الفريق عنان داخل السجن، وأنه من الممكن أن يتعرض لمحاولة اغتيال وتصفية.

وكان الفريق سامي عنان قد جرى حبسه عقب إعلانه الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية، التي جرت عام 2018، من دون حصوله على موافقة القوات المسلحة، أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له، بحسب بيان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وقتها.