مصر: ضحايا اعتقالات سبتمبر الثانية غالبيتهم من العمال والفقراء

مصر: ضحايا اعتقالات سبتمبر الثانية غالبيتهم من العمال والفقراء

30 سبتمبر 2020
غابت البيانات الرسمية التي تفيد بأعداد المقبوض عليهم حتى الآن (Getty)
+ الخط -

كشفت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" (منظمة مجتمع مدني مصرية) اليوم الأربعاء، أن العمال والبسطاء والفقراء، يشكلون غالبية ضحايا الهجمة الأمنية التي تزامنت مع الموجة الثانية من احتجاجات سبتمبر/أيلول الجاري.

وقالت الشبكة إن استمرار القبضة الأمنية بغلظتها والزجّ بالبسطاء والأبرياء في غياهب السجون، لن يؤديا إلا لمزيد من الغضب والرفض للسياسات الاقتصادية الظالمة والممارسات القمعية المستفحلة في مصر.

وحتى 28 سبتمبر، تمكن محامو "الشبكة العربية" من رصد ما يقارب 600 مواطن تم عرضهم كمتهمين على ذمة القضية رقم 880 لسنة 2020 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا، وهي أعداد مرشحة للتزايد بقوة، وكما هي العادة فقد غابت البيانات الرسمية التي تفيد بأعداد المقبوض عليهم حتى الآن.

كما رصدت "الشبكة العربية" توسّع الأجهزة الأمنية الشديد في دائرة الاشتباه والقبض العشوائي على المواطنين، والتوسع في أعداد المواطنين المقبوض عليهم والذين يقطنون في قرى ومراكز وأحياء محافظات عدة منها القاهرة، والجيزة، والفيوم، والمنيا، وأسيوط، والإسكندرية، وقنا، والأقصر، وأسوان، والسويس، والغربية، والقليوبية.

وقد أبلغ العديد من المواطنين المتهمين أنه جرى احتجازهم لعدة أيام بمقار الأمن الوطني وأقسام الشرطة وسجن الكيلو عشرة ونص بطريق القاهرة الإسكندرية، قبل عرضهم كمتهمين على نيابة أمن الدولة، التي وجهت إليهم اتهامات قاسية شملت "الانتماء إلى جماعة إرهابية والاشتراك في تجمهر، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام شبكة المعلومات الدولية"، بينما خصت بعض المتهمين بإضافة "الاتهام بتمويل جماعة إرهابية مثل الطفلين حسين عبد الرؤوف وعمره 15 عاماً، وأحمد صابر البالغ 13 عاماً بالصف الثاني الإعدادي".

كذلك، رصد محامو "الشبكة العربية" وضعية الكثير من المتهمين التي توضح شدة فقرهم وتردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، كما أن الكثير منهم أميون (لا يعلمون القراءة أو الكتابة)، وعلى الرغم من ذلك وجهت إليهم النيابة الاتهام بنشر أخبار على صفحات التواصل الاجتماعي، وتبدّت بشكل واضح حالة الرعب والفزع التي سيطرت على المواطنين فور إدراكهم أن نيابة أمن الدولة العليا تحقق معهم كمتهمين بالإرهاب.

وقد أقرّ غالبية المتهمين بأن القبض عليهم تم بطريق المصادفة والعشوائية بسبب المرور أو التواجد في نطاق أماكن الاحتجاج، وأنه لا علاقة لهم بالاحتجاج أو الأمور السياسية.

وأكدت "الشبكة العربية" حتمية التزام الأجهزة الأمنية باحتجاز من يقبض عليه في الأماكن المخصصة قانوناً، وأن تكون لائقة إنسانياً وصحياً بما يحفظ لكل مواطن كرامته وإنسانيته نفاذاً لحكم المادة 55 من الدستور.

وتساءلت الشبكة "كيف يمثُل أحد المواطنين المتهمين للتحقيق وهو لا يرتدي سوى ملابسه الداخلية.. ويظل قبل هذا محتجزاً لمدة أربعة أيام بذات حالته، مما اضطره لمناشدة المحقق قائلاً (استرني) أي اسمح لي بأي ملابس، فسمح المحقق للمحامين بشراء ملابس (بنطال) له".

وأهابت "الشبكة العربية" بالنائب العام، التدخل السريع بإصدار قراره بإخلاء سبيل المقبوض عليهم، حفاظاً على حياة أسر أغلبهم المهددة بالجوع، نظرا لأنهم في غالبيتهم من عمال اليومية شديدي الفقر.

كما قالت الشبكة: "ينبغي على أجهزة الأمن التوقف عن التعامل مع مشاكل المواطنين ومعاناتهم بشكل بوليسي، فالفقر والمعاناة لن يتوقفا بالقبض والتنكيل بهم، بل بأن تنتهج الدولة سياسات اقتصادية واجتماعية أكثر عدالة، تكفل كرامة حقيقية للمواطنين".

ووفق آخر تحديث للمفوضية المصرية للحقوق والحريات (منظمة مجتمع مدني مصرية)، فقد ارتفع عدد حالات الاعتقال على خلفية الموجة الثانية من تظاهرات 20 سبتمبر الجاري لأكثر من 550 معتقلًا. ووجهت نيابة أمن الدولة العليا للمتهمين، اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، تمويل جماعة إرهابية، والاشتراك في مظاهرات دون المنصوص عليها قانوناً.

وكانت موجات الاحتجاج التي انطلقت مساء الجمعة 20 سبتمبر 2019 بمثابة إنذار بتزايد الغضب الشعبي إزاء ممارسات النظام الحالي الاستبدادية، وغلقه كافة منافذ التعبير الحر واحتكاره المنابر الإعلامية، وتردّي الأوضاع الاقتصادية، وعلى إثرها ألقي القبض على أكثر من 4 آلاف مواطن مصري، حسب تقديرات حقوقية، ما زال بعضهم رهن الحبس الاحتياطي حتى الآن، بموجب اتهامات ملفقة اعتمدت فقط على تحريات وهمية لجهاز الأمن الوطني، أغلبهم تم إدراجهم على القضية رقم 488 لسنة 2019، والتي ضمت أيضاً عدداً من الصحافيين والحقوقيين والسياسيين والمحامين، على خلفية اتهامات ملفقة ومكررة.

وبعد عام من هذه الاحتجاجات، وفي ظل استمرار وتصاعد الممارسات الاستبدادية ومزيد من غلق المنابر والمنافذ المستقلة للتعبير عن الرأي، ومع استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية هذا العام، بل والأوضاع الاجتماعية والصحية والتعليمية في ظل وباء كوفيد-19، ما زالت الحكومة المصرية لا تتفهم ولا تهتم بمعاناة المصريين وتستحدث آليات لإضافة أعباء اقتصادية جديدة، مثل رسوم التصالح في مخالفات البناء والتي تسببت في غضب واحتجاج بعض المواطنين في بعض المحافظات كالجيزة والإسكندرية، خلال الشهر الحالي.