تستعد الأحزاب الديمقراطية في تونس للإعداد لحوار وطني دون مشاركة رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وذلك بسبب رفضه التشاور مع الأحزاب، وخاصة أمام استفحال الأزمة السياسية التي تمرّ بها البلاد.
ويضمّ الحوار تنسيقية الأحزاب الاجتماعية (التيار الديمقراطي والتكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري) إلى جانب بقية الطيف الديمقراطي، حيث تجري اتصالات مكثفة مع أحزاب أخرى كحزب العمال والمسار والقطب (أحزاب يسارية)، ومكونات من المجتمع المدني من منظمات وجمعيات وحركات شبابية، وعدد من الشخصيات الوطنية المستقلة والحقوقيين للمشاركة في هذا الحوار الوطني.
وأكد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه لم تبقَ حلول أخرى اليوم، فقد كانوا يأملون إطلاق حوار وطني بإشراف رئيس الجمهورية باعتباره صاحب شرعية شعبية، وغير محسوب على أي طرف سياسي وربما قادر على التعالي على التجاذبات الحزبية وليساعد على رسم خريطة طريق للإنقاذ ولكن "في ظل رفضه المستمر وهذا ثابت لدى الرأي العام في الداخل والخارج، فإن تنسيقية الأحزاب الديمقراطية قررت إطلاق حوار وطني دون رئيس الجمهورية".
وأوضح أن سعيّد "اختار مواصلة الطريق بمفرده، وكأنه هو وحده من يملك الحقيقة، مؤكداً أنه بعد 6 أشهر من امتلاكه للسلطة المطلقة لم يقدم شيئاً، بل هو بصدد فرض مشروعه نحو البناء القاعدي، ويركز على أولويات لا تعتبر أولويات التونسيين"، مشيراً إلى أن "أولويات سعيّد هي دستور جديد ونظام رئاسي، وحتى الحكومة التي اختارها فقد ثبت بعد 100 يوم من عملها أن نتائجها هزيلة وبلا إنجازات، وبالتالي هي فقط حكومة الصمت".
ولفت إلى أن "سعيد لم يكتفِ بذلك، بل أصبح يستهدف السلطة القضائية لتصفية حساباته مع خصومه ومعارضيه"، مؤكداً أن سعيّد "نال فرصته ولا يمكن مواصلة التعويل عليه، ولا بد للتونسيين من التعويل على أنفسهم، ولذلك فإن الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، بالتنسيق مع عديد الشخصيات الوطنية بصدد التشاور مع عديد الأطراف والمكونات لإطلاق حوار وطني مسؤول دون رئيس الدولة، ويعمل على وضع خريطة طريق لإنقاذ البلاد على جميع المستويات، خاصة منها الاقتصادية والاجتماعية" .
وأوضح أن "تونس سبق أن عاشت حواراً وطنياً دون رئيس الجمهورية في 2013 حيث رفض حينها المنصف المرزوقي الإشراف على الحوار، ومع ذلك نجح الحوار، بل تحصل على جائزة نوبل للسلام، مبيناً أنه تم إنجاز دستور وانتخابات، وبالتالي حالة الفوضى حالياً لا يجب أن تستمر".
وقال الشواشي إن" تونس بحاجة إلى حوار جديد لأن الوضع لا يحتمل المزيد من تعميق الأزمة، والحل حوار وطني تشاركي يراعي الظروف ويأخذ العبرة من التجارب ومن التراكمات السابقة"، مضيفاً أنه "يجب البناء على الإيجابيات وتجاوز الإخفاقات، مشيراً إلى أن ضبط الأولويات للمرحلة القادمة لا يكون إلا بالحوار، وأن هناك إصلاحات سياسية ضرورية، ولكن ستكون معها إصلاحات اقتصادية واجتماعية".
وبيّن أن هذا "يتطلب الجلوس على طاولة الحوار وضبط خريطة طريق تركز على الإصلاحات المطلوبة، وترسم استراتيجية للبناء، ولمتطلبات المرحلة المقبلة"، مشيراً إلى أنه "لا بد من انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وهذا هو حل الإنقاذ ولمواجهة الخطاب الشعبوي، والعبثي الذي نعيشه اليوم".
وحول حظوظ هذا الحوار، رد الشواشي أنه "في ظل الوضع الراهن لم تبقَ هناك حلول أخرى، وقد يتم التوصل مع بقية المكونات السياسية والاجتماعية لتصورات أخرى ومثلما نجح الحوار الوطني سابقاً، فإن حظوظ نجاحه موجودة حالياً"، مشيراً إلى أن "عديد الدول لم تتجاوز أزماتها إلا بالحوار والتسويات التاريخية"، مضيفاً أننا "في مرحلة خطر وبلد مهدد بالانهيار، ولا بد من الجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى تسويات قد تقتضي تنازلات لإنقاذ السفينة"، مؤكداً أن "تونس ملك التونسيين ولا يتحكم شخص واحد في حاضرها ومستقبلها"، مضيفاً أن "استقالة نادية عكاشة هي الاستقالة التاسعة من مستشاري الرئيس وفريقه العامل معه، وهذا دليل على التخبط وعلى بداية نهاية عهد قيس سعيّد الذي لن يصل بها إلى 2024"، بحسب رأيه.