لبنان يراسل الأمم المتحدة بـ"لغة تحذيرية" لحلّ أزمة اللجوء السوري

لبنان يراسل الأمم المتحدة بـ"لغة تحذيرية" لحلّ أزمة اللجوء السوري

09 سبتمبر 2022
يواصل لبنان "استنفاره" في ملف اللاجئين السوريين (حسين بيضون)
+ الخط -

يواصل لبنان "استنفاره" في ملف اللاجئين السوريين من بوابة الضغط باتجاه حلّ الأزمة، بعدما كان هدّد بـ"طردهم" بما سماه وسائل قانونية، في وقتٍ تُتَّهم السلطات اللبنانية المتنازعة في ما بينها بمقاربتها الملف باستغلالها وضع اللاجئين، بعدما تلقت الكثير من المساعدات لاستضافتهم، واللعب على الوتر الاقتصادي للاستفادة من أحوالهم واستخدامهم المستمرّ كورقة سياسية داخلية وخارجية.

ووجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رسالة مساء أمس الخميس إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، حذّر فيها من أن الوضع الصعب الذي يواجهه لبنان يقتضي مقاربة مختلفة نوعياً في التعاطي مع أزمة اللجوء السوري قبل أن تتفاقم الأوضاع بشكل يخرج عن السيطرة.

وقال ميقاتي في رسالته "لقد أتاحت التطورات الميدانية داخل سورية من خلال تراجع حدة العمليات العسكرية في العديد من المناطق فرصاً للعودة الآمنة ينبغي دراستها وتوسعة الفرص التي تتيحها، ولا سيما أن عدداً كبيراً من النازحين الموجودين في لبنان هربوا أساساً من العمليات العسكرية والوضع الاقتصادي الصعب، ولم يثبت فيهم توفر شروط معاهدة 1951 (تتناول النواحي الجوهرية من حياة اللاجئ)، التي لم ينضم إليها لبنان أصلاً، ولا أي من الشروط التي ينص عليها القانون الدولي لمنح حماية قانونية".

وأشار إلى أن "الاستمرار في إقفال الباب أمام دراسة أية فرصة لعودة متماشية مع القانون الدولي يزيد من تأزم الوضع في دول اللجوء، ولا سيما لبنان، ويفوّت فرصة أن تكون عمليات العودة الآمنة محفزاً لتقدم المسار السياسي الهادف إلى حل مستدام يراعي مقتضيات الشرعية الدولية ويصون استقرار وسلامة أراضي سورية ووحدة شعبها".

ودعا لبنان تبعاً للرسالة "دون إبطاء إلى البدء بتنفيذ الآليات الدولية الواردة في النصوص المعتمدة لدى المفوضية العليا للاجئين ومجلسها التنفيذي حول عودة اللاجئين، ولا سيما أن تلك النصوص تفرض في نصها وروحها أخذ الوضع في البلد الأصلي بالاعتبار، وكذلك الوضع في بلد اللجوء، في معرض إقرار العودة".

يرى لبنان أن "مبدأ التقاسم العادل للأعباء ومبدأ التضامن الدولي اللذين تفرضهما مبادئ القانون الدولي على المجتمع الدولي غير محققَيْن"

وأضاف : "كما أن النصوص المعمول بها تفرض على المجتمع الدولي دعم تلك المسارات ومساعدة العائدين على إعادة الاندماج في مجتمعهم الأصلي، قبل أن يصبح النزوح المتمادي في الزمن سبباً لتمزيق النسيج الاجتماعي للبلد الأصلي، بشكل تصعب معالجته مع مرور كل يوم على الوضع الحالي".

كذلك يطلب لبنان بالسرعة المرجوة "مساعدة الجهات المعنية في إجراء عملية مسح تراعي المعايير الدولية، وتسمح بتحديد الإطار القانوني الصالح للتطبيق، سواء كان القانون الدولي أو القوانين الداخلية التي ترعى إقامة الأجانب وعملهم".

ويرى لبنان أن "مبدأ التقاسم العادل للأعباء ومبدأ التضامن الدولي اللذين تفرضهما مبادئ القانون الدولي على المجتمع الدولي غير محققَيْن، ولا سيما نظراً للكلفة الباهظة للأزمة على لبنان واقتصاده وموازنته العامة، إضافة لبناه التحتية ومؤسساته الإدارية المتنوعة".

وطرحت السلطات اللبنانية خطة لإعادة اللاجئين (تصرّ على توصيفهم بالنازحين)، حملها معه وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إلى سورية منتصف شهر أغسطس/ آب الماضي، بصفته ممثلاً للدولة اللبنانية، قبل أن تحدث زيارته انقسامات داخلية وخلافات حول الصلاحيات بينه وبين وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار ويعلو منسوب السجال بين وزير المهجرين وميقاتي، وصل إلى حدّ تمسك الأخير بعدم توزير شرف الدين في الحكومة الجديدة المنوي تشكيلها.

ولاقت الخطة اللبنانية لإعادة 15 ألف لاجئ شهرياً إلى سورية، انتقادات منظمات دولية وضعتها في سياق الإعادة القسرية غير القانونية، وغير الإنسانية، باعتبار أن العودة لا تزال غير آمنة إلى سورية.

وكانت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" لما فقيه قالت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" إن هناك قلقاً على اللاجئ السوري الذي يعود إلى مناطق تحت سيطرة الحكومة السورية، خصوصاً أن اللاجئين السوريين الذين عادوا بين 2017 و2021 واجهوا انتهاكات حقوقية جسيمة، إذ تعرّضوا للخطف والتوقيف والاعتقال والتعذيب والقتل وذلك رغم نيلهم الإذن من المخابرات السورية.

وتزداد في الفترة الأخيرة الحملات في لبنان ضد اللاجئين السوريين، بحيث إن الملف بات ورقة بيد المسؤولين السياسيين في إطار مناكفاتهم، عدا عن محاولاتهم المستمرة تحميل اللاجئين السوريين أعباء الأزمة، آخرها على سبيل المثال أزمة الخبز، بحيث اتخذت تدابير بوجه اللاجئين عند شرائهم ربطة الخبر، بعد قول ميقاتي إن معظم ربطات الخبز تذهب لغير اللبنانيين، ما جعل كل لاجئ سوري يحمل ربطة خبز عرضة للاعتداء أو المضايقة.

واتخذ عددٌ من البلديات والمحافظات والأفران قرارات عدة، سواء لبيع ربطات الخبز للبنانيين قبل السوريين، أو إجبار السوريين وغير اللبنانيين على الوقوف بالصفّ لشراء الخبز بينما فتحت ممرات خاصة للبنانيين لإعطائهم الأولوية.

وعبّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان في يوليو/ تموز الماضي عن قلقها الشديد إزاء الممارسات التقييدية والتدابير التمييزية ضدّ اللاجئين في لبنان، والتي يتم تفعيلها على أساس الجنسية.

وقالت إن "لبنان يشهد حالياً زيادة في التوتر بين الفئات المختلفة وبالأخصّ في العنف ضدّ اللاجئين، مما يؤدي إلى تصاعد أعمال العنف على الأرض في عددٍ من المناطق والأحياء".

المساهمون