قرار للقضاء الفرنسي يخوله ملاحقة مرتكبي الانتهاكات في سورية

قرار للقضاء الفرنسي يخوله ملاحقة مرتكبي الانتهاكات في سورية

14 مايو 2023
وصف محامون سوريون قرار محكمة النقض بـ"التاريخي" (فرانس برس)
+ الخط -

أقرت محكمة النقض الفرنسية، "الولاية القضائية العالمية" للقضاء الفرنسي لملاحقة ومحاكمة مرتكبي أعمال التعذيب أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب التي ترتكب خارج فرنسا، حتى لو كان الجاني والضحية من غير الفرنسيين، وذلك بعد رفضها الطعون المقدمة في قضيتين تخصان انتهاكات في سورية.

وأصدرت المحكمة بياناً الجمعة تضمن حكمين، رفضت بموجبهما الطعون المقدمة من قبل جهة الدفاع عن قضيتي العنصر السابق بأجهزة أمن النظام السوري عبد الحميد شعبان، والناطق السابق باسم "جيش الإسلام" مجدي نعمة المعروف باسم إسلام علوش، المعتقلين في فرنسا بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سورية.

وقالت المحكمة إنها تعترف بمبدأ "الاختصاص العالمي للقضاء الفرنسي في القضيتين المتعلقتين بسورية"، ما يتيح مواصلة التحقيقات في القضيتين المذكورتين، حيث يتهم عبد الحميد شعبان الموقوف في فرنسا منذ فبراير/ شباط 2019 بـ"التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، فيما وجهت تهم إلى علوش بـ"التعذيب وارتكاب جرائم حرب".

وذكرت وكالة "فرنس برس" أن القرار يكتسب أهمية بالنسبة إلى 160 قضية تعمل عليها حاليا دائرة "الجرائم ضد الإنسانية" تشمل ثلاثين منطقة جغرافية، بينها سورية وروسيا وأوكرانيا.

 ووصف المحامي السوري زيد العظم المقيم في باريس لـ"العربي الجديد" قرار محكمة النقض الفرنسية بأنه "تاريخي"، موضحا أن هناك شرطا واحدا لتطبيق الولاية العالمية للقضاء الفرنسي؛ هو أن تكون الانتهاكات المتهم فيها الشخص المعني معاقبا عليها في القانون المحلي في بلده، حتى لو لم يكن هذا البلد موقعا على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية الذي أقر في يوليو/ تموز 1998.

من جهته، قال المحامي المختص في القانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني المقيم في باريس في تغريدة عبر حسابه في "تويتر" إن الغرفة المشتركة لمحكمة النقض قررت مقاضاة شعبان وعلوش، مهما تكن جنسية الضحايا، ما يعني "إمكانية محاكمة أي مواطن أجنبي أمام المحاكم الفرنسية على جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب ارتكبت في الخارج ضد ضحايا أجانب، بشرط أن يكون المتهم مقيماً على الأراضي الفرنسية".

 وأضاف أن المحكمة أنهت الجدل بمدى أحقية إجراءات القضاء الفرنسي بخصوص قضيتي شعبان وعلوش، اللذين جادلا عبر محاميهما بأن شرط التجريم المزدوج لم يتم استيفاؤه، وأن محاكمتهما ليست من اختصاص القضاء الفرنسي، مشيرا إلى أن المحكمة حددت بوضوح الشروط التي بموجبها تتمتع العدالة الفرنسية بالاختصاص القضائي للحكم على أعمال التعذيب أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب عندما تكون الأفعال قد ارتكبت في الخارج ولم يكن صاحبها والضحية من الفرنسيين.

وبشأن التجريم المزدوج، أوضح الكيلاني أن ليس من الضروري أن تكون الوقائع المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب في فرنسا موصوفة بطريقة مماثلة من قبل قوانين الدولة الأجنبية، ويكفي أن التشريعات الأجنبية تعاقب هذه الأفعال كجرائم القانون العام مثل القتل والاغتصاب أو التعذيب.

وخلص إلى القول إن محكمة النقض الفرنسية رأت استيفاء الشروط المطلوبة للعدالة الفرنسية لتكون قادرة على اتهام السوريين المتورطين في أعمال ارتكبت في سورية، شعبان وعلوش، ضد السكان السوريين. وبالتالي، تم رفض طعونهما، ويمكن أن تستمر الإجراءات القضائية بحقهما.

ويأتي هذا القرار بعد أن رفض القضاء الفرنسي عام 2021 طلب استئناف تقدّم به لاجئ سوري لمحاكمة شعبان، إذ خلص قرار صادر عن الغرفة الجزائية التابعة لمحكمة النقض في باريس حينها إلى أن المحكمة غير مخولة بالنظر في جرائم ارتكبها عناصر أجهزة النظام الأمنية في سورية، بدعوى أن سورية لم تصدّق على نظام روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، وأن التهم غير معاقب عليها في القانون السوري، وبالتالي فإن العدالة الفرنسية غير مسؤولة.

 وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ذكرت في 18 أبريل/نيسان الماضي أن القضاء الأميركي يستعد للنظر في قضية جنائية هي الأولى من نوعها في الولايات المتحدة، تخص اثنين من أرفع مسؤولي الأمن في نظام بشار الأسد وهما رئيس جهاز المخابرات الجوية السابق اللواء جميل الحسن ونائب بشار الأسد للشؤون الأمنية اللواء علي مملوك.

ويتهم مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي الضابطين المذكورين بالمسؤولية عن قتل المهندسة الأميركية ذات الأصول السورية ليلى شويكاني عام 2016، حيث أعدمت في أحد سجون النظام السوري.