صراع مكتوم بين الأجهزة الأمنية في السويداء السورية

صراع مكتوم بين الأجهزة الأمنية في السويداء السورية

22 مارس 2022
أضرار في أحد المنازل بالسويداء، 2003 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

يسود الترقب محافظة السويداء، الواقعة في جنوبي سورية، بعد نحو أسبوع من تجدد التوتر في هذه المحافظة، التي لم تعرف الاستقرار الأمني على مدى العامين الأخيرين. وعاد التوتر إلى السويداء، الأسبوع الماضي، على وقع نشر قوات النظام حواجز جديدة لها في المحافظة، واشتباكات وتوترات بين فصيل محلي ومليشيات تابعة للنظام، أو مع عناصر من أمن النظام، بالإضافة إلى تجدد احتجاجات الأهالي، والتي كانت خرجت في فبراير/شباط الماضي اعتراضاً على الوضع المعيشي.

السويداء: توترات متعاقبة

وذكر مصدر محلي، لـ"العربي الجديد"، أن أهالي بلدة مفعلة سلّموا، أول من أمس الأحد، عناصر من جهاز الأمن السياسي التابع للنظام كانوا احتموا في أحد منازل البلدة، إلى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري. وكان الأهالي قد رفضوا تسليم العناصر إلى فصيل "قوات الفهد" المحلي (تتهم هذه القوات بأنها تابعة لجهاز الأمن العسكري) لأن العرف الاجتماعي في المحافظة يحول دون تسليم "دخيل"، وفق المصدر.

وكان فصيل "قوات الفهد" اعترض طريق الدورية الأحد في بلدة القنوات، ما دفع عناصر هذه الدورية للاحتماء في أحد المنازل في بلدة مفعلة المجاورة.

سلّم أهالي بلدة مفعلة عناصر من جهاز الأمن السياسي لشيخ عقل الدروز

وتعيش محافظة السويداء حالة توتر منذ أيام، عقب قيام "قوات الفهد" باعتراض سيارة رشيد سلوم، عضو الأمانة العامة لمليشيا "الدفاع الوطني" المدعومة من إيران و"حزب الله" اللبناني، وضربه في خطوة هي الأولى من نوعها. ونشرت "قوات الفهد" شريط فيديو يُظهر سلوم وهو ينزف، مع تهديده بالقتل في حال العودة إلى منطقة نفوذ هذه القوات التي يقودها المدعو سليم حميد في بلدة قنوات.

وبيّن مصدر محلي لـ"العربي الجديد"، أن هذا الفصيل كان جزءاً من حركة "رجال الكرامة" وانشق عنها في منتصف عام 2015 إثر اغتيال قائد الحركة الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس في حادث هزّ المحافظة في حينه، وتؤكد كل المعطيات أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام كانت وراءه، لأن الحركة كانت عامل تهديد لهذه الأجهزة.

ولم تهدأ محافظة السويداء خلال السنوات الماضية نتيجة الاحتجاجات الشعبية المستمرة على سوء الأحوال المعيشية وارتفاع أسعار المواد الأساسية ورفع الدعم الحكومي عن شرائح اجتماعية متعددة، إضافة إلى تجاوزات الأجهزة الأمنية والمجموعات المحلية المرتبطة بها، وهو ما يؤكد عجز النظام عن بسط سيطرة كاملة على المحافظة ذات الخصوصية النابعة من طبيعة سكانها.

صراع داخلي حول مهام "قوات الفهد"

وبيّن الناشط أبو جمال (اسم مستعار)، والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، أن الأوضاع في محافظة السويداء "معقدة"، مشيراً إلى أن "مليشيا قوات الفهد تابعة بشكل أو بآخر لجهاز الأمن العسكري الذي ورّطها في العديد من التجاوزات كالتهريب والخطف، كما ورّط مجموعات أخرى، مثل مجموعة بلدة عتيل التي يتزعمها راجي فلحوط".

وأوضح الناشط أن "قوات الفهد مقربة بشكل أو بآخر من شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري، مضيفاً أن هذه القوات تناصره في كلّ المشاكل التي تقع بينه وبين الأجهزة الأمنية التابعة للنظام".

وفي هذا السياق، أشار الناشط إلى أن النظام "أرسل في شهر فبراير/شباط الماضي نحو ألفي عنصر من قواته لإيقاف هذه المجموعات المحلية"، مضيفاً أن "هناك صراعاً كما يبدو بين الأجهزة الأمنية حول مهام هذه القوات في المحافظة، حيث من الواضح أن الأمن العسكري يقف ضد إيقاف المجموعات المحلية المتورطة بقضايا جنائية، ويحاول عرقلة مهام هذه القوات، فيما يعمل جهاز الأمن السياسي ضد الأمن العسكري للتقليل من سطوته للتحكم أكثر بشبكات الفساد المنتشرة في المحافظة".

يدور صراع بين الأجهزة الأمنية التابعة للنظام حول مهام قوات محلية

ولفت المصدر إلى أن "لا قرار مركزياً لدى السلطة التي تضيّق الخناق على المدنيين وتفرض التجنيد الإجباري، تاركة العصابات تصول وتجول في المحافظة بهويات أمنية وسيارات مهربة من لبنان". 

وللنظام السوري العديد من الأجهزة الأمنية التي تتشابك مهامها، مثل جهازي الأمن العسكري والمخابرات الجوية التابعين لوزارة الدفاع، وجهازي الأمن السياسي وأمن الدولة التابعين نظرياً لوزارة الداخلية، ولكل جهاز أفرع وشعب ومفارز في كل مناطق سيطرة النظام. 

وحول ذلك، أشار ريان معروف، وهو مسؤول تحرير "شبكة السويداء 24" المحلية للأنباء، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن" الصراع بين الأجهزة الأمنية في محافظة السويداء غير معلن"، مضيفاً أن "نشاط الأجهزة الأمنية في المحافظة محدود، لكنها تعتمد على جماعات محلية مسلحة".

وقال معروف، إن رئيس النظام السوري بشار الأسد "عيّن أواخر العام الماضي محافظاً جديداً للسويداء، هو نمير مخلوف، والذي حاول تفعيل دور الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية، مثل قوى الأمن الداخلي والشرطة وحفظ النظام والأمن السياسي".

وأوضح أنه "نتيجة لهذه الإجراءات، حصلت صدامات مع جماعات محلية غير منضبطة، ومتهمة بانتهاكات (عمليات خطف وسلب)، وبتبعيتها لشعبة المخابرات العسكرية، تطورت لاشتباكات قبل 3 أشهر، وهجوم نفذته الجماعات التابعة للمخابرات العسكرية على قيادة الشرطة، وقتل على إثره عنصر من الأمن السياسي على أثر مقتل قيادي في هذه الجماعات برصاص قوات حفظ النظام".

وأشار معروف إلى أن "هذا الصراع يأخذ شكلاً غير معلن بين الداخلية وشعبة المخابرات العسكرية، وهو غير معلن لأن قادة هذه الأجهزة في السويداء يعملون ضمن لجنة أمنية واحدة، ويتشاركون المهام الأمنية أحياناً".