شروط حلفاء إيران تكبّل حوار الكاظمي في واشنطن

شروط حلفاء إيران تكبّل حوار الكاظمي في واشنطن

19 يوليو 2021
يوجد نحو 2500 جندي أميركي في العراق حالياً (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -

يواجه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي من المفترض أن يلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن الأسبوع المقبل، ضغوطاً من قبل القوى الحليفة لإيران، والتي تريد أن تفضي جولة الحوار الرابعة، المرتقب إجراؤها بين البلدين خلال زيارة الوفد العراقي إلى واشنطن، إلى انسحاب كامل القوات الأميركية من العراق، الأمر الذي قد يعقّد مجريات الحوار المرتقب بين البلدين. وأعلن البيت الأبيض، يوم الجمعة الماضي، أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيستضيف الكاظمي في الـ26 من الشهر الحالي، لتسليط الضوء على الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتعزيز التعاون الثنائي بموجب اتفاق عام 2008 الذي ينظّم انسحاب القوات الأميركية من العراق، كما سيناقش الطرفان القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل الطاقة والصحة.

الكاظمي سيبحث سحب القوات المقاتلة من العراق، ولن يجرى التطرق إلى كامل القوات الأميركية

وقال مسؤول عراقي بارز في بغداد، تحدث لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، إن الزيارة ستناقش 5 ملفات رئيسة، أبرزها الوجود العسكري الأميركي ودعم القوات العراقية بما فيها استمرار عمليات الحرب ضد الإرهاب، وكذلك ملفات الطاقة والصحة ومكافحة الفساد والإصلاح الاقتصادي في العراق. وأكد أن ملف الوجود الأميركي سيطغى على لقاء الكاظمي ـ بايدن المقرر في اليوم الثاني من الزيارة التي ستستمر ثلاثة أيام، كاشفاً أن "الكاظمي سيبحث سحب القوات المقاتلة (الأميركية) من العراق، ولن يجرى التطرق إلى كامل القوات الأميركية، لكن قوى سياسية وفصائل مسلحة ترفض ذلك وتعتبره مناورة ومحاولة التفاف، كونه لا يمكن تمييز العسكري المقاتل من الآخر المكلف بالتدريب والدعم". ولفت إلى اتصالات بين الكاظمي وقيادات سياسية شيعية في هذا السياق بدأت فعلاً لتجنّب أي رد فعل تصعيدي بعد عودته إلى بغداد.

ويتألف الوفد الذي يرافق الكاظمي من 25 عضواً، وهو الأكبر من نوعه، ويرافقه وزير الخارجية فؤاد حسين، ومستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق عبد الأمير الشمري، وقائد سلاح الجو شهاب جاهد علي، وقائد الدفاع الجوي الفريق معن زيد، ومدير الاستخبارات العامة الفريق فائز فاضل المعموري، إضافة إلى مسؤولين آخرين في وزارات الصحة والخارجية والدفاع والتجارة والكهرباء وهيئة الاستثمار، بحسب وثيقة رسمية عراقية صدرت بأسماء الوفد العراقي ونشرتها وسائل إعلام محلية عراقية.

وأبدت القوى الرافضة للوجود الأميركي في العراق تفاؤلاً بنتائج الحوار، بسبب كثرة الضغوط التي تمارس على حكومة الكاظمي لإخراج القوات الأميركية. في السياق، قال النائب عن تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، عامر الفايز، لـ"العربي الجديد"، إن "الجولة الجديدة للحوار قد تكون أكثر جدية من التي سبقتها، لأن الضغوط على حكومة الكاظمي كثرت من كل الجوانب في ما يتعلق بسحب القوات الأميركية من العراق"، متوقعاً أن "تدفع تلك الضغوط إلى أن تكون الجولة المرتقبة أكثر جدية من الجولات السابقة باتخاذ القرارات". وأكد الفايز أن "من أهم الملفات التي سيبحثها الكاظمي مع بايدن ملف انسحاب القوات الأميركية، فضلاً عن الوضع الأمني وملف الانتخابات، إضافة إلى ملف الطاقة في العراق"، مضيفاً: "طالبنا كلجنة علاقات خارجية برلمانية بتمثيل لنا في الحوار، لكن ذلك لم يحصل، وهذا ما يؤخذ على الحكومة، وسنطرح ذلك في أول استجواب برلماني للحكومة". وتوقع أنه "في حال لم تكن هناك نتائج مجدية للحوار، فإن الهجمات ستتصاعد من قبل الفصائل المسلحة على المصالح الأميركية في البلاد، فالفصائل هددت بأن يكون هناك تصعيد كبير"، مؤكداً أن "الحكومة ملزمة، سواء شاءت أم أبت، بالسعي لإخراج القوات الأميركية وفقاً لقرار البرلمان العراقي، حتى وإن كانت بعض القوى الداخلية العراقية لا ترغب بذلك".

توقع نائب عن "الفتح" تصاعد هجمات الفصائل على المصالح الأميركية بحال لم تكن هناك نتائج مجدية للحوار

أما النائب وليد السهلاني، وهو عن تحالف "الفتح" أيضاً، فقد حمّل الكاظمي مسؤولية التوصل إلى تفاهمات مع الجانب الأميركي لإخراج قواته من العراق، وقال لـ"العربي الجديد" إن "الكاظمي سبق أن تعهد بتنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية من البلاد، وهذا أمر واجب لا يمكن التنصّل منه". وأكد أن "الحكومة اليوم وصلت إلى نقاط إيجابية ووضعت نقاطاً للتفاهم وللحوار تخص الوجود الأميركي في العراق، وعليها أن تنفذ ذلك، وهي تعلم أن أي وجود للقوات الأميركية في البلاد غير مبرر"، محمّلاً الكاظمي "مسؤولية نتائج الحوار وإخراج القوات الأميركية، وأن يحافظ على سيادة البلد وإعادة هيبة الدولة".

ولم يكن موقف "كتلة صادقون"، الجناح السياسي لمليشيا "العصائب"، مختلفاً، إذ عدّت الحوار "غير مجدٍ" في حال لم يتحقق شرط إخراج القوات. وقال القيادي في الحركة سعد السعدي، في تصريح صحافي، إن "الكاظمي مطالب بتنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية من البلاد"، مشدداً على أنه "في حال عدم تحقيق ذلك الهدف، فإن الزيارة ستكون بلا قيمة". وأضاف "ستتم مراقبة مجريات الزيارة ومتابعة ما سيبحثه الكاظمي مع الإدارة الأميركية، لا سيما أن هناك خشية سياسية وشعبية من جعل قضية الحوار باباً لبقاء أطول للقوات الأميركية تحت حجج جديدة".

وأكد مسؤول مقرب من الحكومة أن تلك القوى بضغوطها وشروطها وضعت عقبات كبيرة أمام الحوار المرتقب. وقال المسؤول طالباً عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة يجب أن تتعامل في الحوار وفق معطيات الوضع العراقي، لا وفق الإرادات والرغبات السياسية". وأضاف "على تلك القوى أن تعي أن مواقفها المتشنجة لا تصب في صالح العراق، وأن محاولات فرض الأجندات الخاصة ستعقد ملف إخراج القوات من البلاد".

في الأثناء، أعلن الجانب الكردي العراقي أنه ستكون له مشاركة في الحوار الاستراتيجي الذي سيجرى في واشنطن. وقالت مسؤولة ممثلية حكومة إقليم كردستان في واشنطن بيان سامي عبد الرحمن، في تصريح نقلته وكالات أنباء كردية، إن "وفد الإقليم سيشارك في الجولة المرتقبة من الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة"، مؤكدة أن "مشاركة ممثلي الإقليم في هذه الحوارات مهمة للغاية".

وعقدت الولايات المتحدة والعراق ثلاث جولات من الحوار الاستراتيجي لغاية الآن. وجرت الجولة الأولى في يونيو/حزيران 2020، وعُقدت الثانية في أغسطس/آب من العام نفسه، بينما اختتمت الجولة الثالثة في إبريل/نيسان 2021 من دون التوصل إلى نتائج. وتناولت الجولات السابقة ملف سحب القوات الأميركية بضغوط متواصلة من قوى عراقية موالية لطهران ومناهضة للوجود الأجنبي. ويُفترض أن يؤدّي الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن إلى وضع جدول زمني لانسحاب التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم "داعش". ولا يزال هناك نحو 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقية، ضمن قوات التحالف الدولي، بينهم 2500 أميركي، يتوزعون على عدة قواعد عسكرية غربي وشمالي البلاد، فضلاً عن العاصمة بغداد.