سوق السلاح المصري اليوناني: محاولات التفعيل تصطدم بعقبات سياسية

سوق السلاح المصري اليوناني: محاولات التفعيل تصطدم بعقبات سياسية

04 ديسمبر 2020
الرئيس المصري ورئيس الوزراء اليوناني في أثنيا الشهر الماضي (يورغوس كاراهاليس/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر دبلوماسية وعسكرية مصرية، عن تحركات ثنائية مع اليونان، ربما تنضم إليها أطراف أخرى، لتفعيل فكرة إقامة "سوق مشتركة للسلاح"، تعتمد بداية على تبادل الخبرات الفنية والتصنيعية، وبيع وشراء القطع العسكرية، قبل محاولة تطويرها إلى إنتاج مشترك بين دول السوق المقترحة.

وقالت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إنّ فكرة السوق طرحت خلال اجتماعات بين مسؤولين عسكريين مصريين ويونانيين، خلال الاستعدادات للمناورات البحرية المشتركة التي نفذت أخيراً، وأنه من المنتظر جس نبض الجانب الفرنسي، خلال الزيارة المتوقعة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى باريس، الإثنين المقبل، والتي ينتظر أن تركز بالدرجة الأولى على التعاون العسكري والاقتصادي بين الجانبين.


من المنتظر جس نبض الجانب الفرنسي بشأن السوق المشتركة للسلاح خلال زيارة السيسي إلى باريس

وبالتوازي مع هذا الحراك على المستوى الدولي في الجوانب التي تتعلق بتبادل، بيع وشراء القطع العسكرية، يحاول النظام المصري إغراء حليفتيه الإمارات والسعودية، بتطوير منظومة "الهيئة العربية للتصنيع"، التي تساهم فيها دول عربية عدة، لتكون بمثابة نواة لتعاون أوسع مع الحلفاء الدوليين، خصوصاً اليونان وقبرص وفرنسا.

من جهتها، شككت مصادر دبلوماسية وعسكرية في جدوى هذا الطرح، لأنه سيصطدم بمنتجي السلاح الذين تستورد منهم مصر احتياجاتها، خصوصاً أنّ النظام المصري يبرم صفقات تسليح مع بعض الشركات في إطار تسوية خلافات وقضايا سياسية أخرى؛ لا سيما في ما يتعلق بملفات غياب الحريات السياسية والإعلامية وحقوق الإنسان في مصر.

واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح أمس الخميس، وزير الدفاع اليوناني نيكوس بانايوتوبولوس، بحضور وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي. وبحسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، يرجح أن تسلم اليونان خلال أسابيع مجموعة جديدة من ناقلات الجنود والمعدات لمصر، مقابل الحصول على معدات بحرية، بعد تقييم جميع القطع سعرياً، وحصول الطرف المستحق للمبالغ المالية الأكبر.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، في بيان، إن السيسي أعرب عن التطلع لتطوير التعاون العسكري والتدريبات المشتركة بين البلدين، مشيداً في هذا الإطار بالمستوى الذي وصل إليه هذا التعاون في المرحلة الحالية، سواء على المستوى الثنائي أو الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، والذي تجسد أخيراً في التدريب العسكري الثلاثي المشترك (ميدوسا -10)، بمشاركة عناصر من القوات الفرنسية والإماراتية. 

وفي أغسطس/ آب الماضي، كشفت مصادر مصرية مطلعة لـ"العربي الجديد"، النقاب عن اتفاق بين مصر واليونان على تبادل القطع العسكرية والأسلحة الزائدة عن الحد أو غير المستخدمة من قبل كل طرف في الآونة الأخيرة، مقابل مبالغ مالية أقل من الأسعار المعروضة في السوق العالمية، تحقيقاً لمنفعة الطرفين وتكريساً للتحالف الاستراتيجي بينهما ضد تركيا، ولا سيما أنه لا توجد آفاق حتى الآن لتغيير هذا الموقف، على الرغم من الاتصالات الاستخباراتية والاقتصادية السرية أيضاً بين القاهرة وأنقرة.


يحاول النظام المصري إغراء حليفتيه الإمارات والسعودية، بتطوير منظومة "الهيئة العربية للتصنيع"

وقالت المصادر إن فكرة التعاون العسكري على صعيد المعدات والأسلحة بين البلدين بدأت في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، خلال زيارة وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي إلى أثينا لحضور فعاليات المرحلة الرئيسية من التدريب البحري الجوي المشترك بين البلدين وقبرص "ميدوسا 9". وأعلن المشاركون في هذا التدريب وقتها، في رسالة ضمنية لتركيا، أنه "أكبر التدريبات البحرية والجوية المشتركة التي تنفذ في نطاق البحر المتوسط، بما يعكس التقارب التام وتوحيد المفاهيم العملياتية بين القوات المسلحة لكل من مصر واليونان وقبرص للتعاون في فرض السيطرة البحرية وتأمين الأهداف الاقتصادية والحيوية والتصدي لأي عدائيات محتملة"، على حد وصف البيان المشترك آنذاك.

وحسب المعلن، عقد زكي خلال الزيارة لقاءات رسمية مع وزيري دفاع اليونان وقبرص وكبار المسؤولين في القوات المسلحة اليونانية والقبرصية لمناقشة تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وزيادة مجالات التعاون العسكري والأمني المشترك، لكن النقاشات امتدت مع الجانب اليوناني إلى جانب التسليح أيضاً.

وفي أول خطوة تنفيذية لهذه الاتفاقات، سلمت اليونان لمصر، في أغسطس الماضي، 101 ناقلة جنود مدرعة برمائية سوفييتية من طراز "بي أم بي" (BMP)، مطورة، تمثل 20 في المائة مما تمتلكه اليونان من هذا الطراز المناسب أكثر للمعارك الصحراوية وفي المناطق الساحلية. وكانت اليونان قد حصلت عليها عام 1994 من ألمانيا.

وعقّب مصدر دبلوماسي مصري على هذه المعلومات حينها، بالقول إنّ هذه الصفقة ربما تتسبب في طرح مسألة الرقابة على تصدير الأسلحة من الدول المستوردة إلى دول أخرى، بمعزل عن رقابة الدول المصنعة والمنتجة، خصوصاً أنّ هناك شكوكاً حول نهج بعض الدول الأوروبية والأفريقية في التوسع بشراء الأسلحة، وبصفة خاصة من ألمانيا وإيطاليا، مثل المجر ومصر واليونان والجزائر. وتزداد أهمية هذه المسألة مع توجه بعض الدول الأوروبية لحجب أسلحتها عن أطراف بعض النزاعات، ولا سيما المنخرطة في الحرب باليمن.


يرجح أن تسلم اليونان خلال أسابيع مجموعة جديدة من ناقلات الجنود والمعدات لمصر

وأوضح المصدر أنه على الرغم من معارضة العديد من القوى السياسية في ألمانيا للتوسّع في بيع الأسلحة لمصر، وكذلك وصولها إلى النظام المصري بطريقة غير مباشرة، بسبب سجله السلبي في مجالات حقوق الإنسان، إلا أنّ أصواتها تظلّ خافتة وتأثيرها يبقى مؤجلاً، مقابل إصرار شركات تصنيع السلاح الكبرى وحكومة المستشارة أنجيلا ميركل على تحقيق أقصى استفادة مالية من الصفقات الضخمة التي تعقدها مصر، والتي ستأخذها اتفاقات تصنيع الأسلحة البحرية إلى مستوى آخر بحلول عام 2023.

وكانت مصر واليونان قد أعلنتا عن اتفاق تعيين الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما، والذي وقع في القاهرة في السادس من أغسطس الماضي، بين وزيري الخارجية المصري سامح شكري واليوناني نيكوس دنديناس. ولا تعترف تركيا بترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وقبرص لوجود نزاع بينها وبين اليونان على العديد من الجزر. وتنص الاتفاقية على حل جميع النزاعات التي تنشأ بشأنها بالطرق الودية والقنوات الدبلوماسية وروح التفاهم والتعاون. كما تنص على ألا تكون الاتفاقية محلاً للنقض أو الطعن أو الانسحاب أو إيقاف العمل بها في أي مرحلة لاحقة، في حين أنه يمكن تعديلها فقط بموافقة الطرفين. كذلك، تنص على أنه في حال وجود موارد طبيعية بما في ذلك مخزون الهيدروكربون، ممتدة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لأحد البلدين إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلد الآخر، فيتوجب عليهما التعاون من أجل التوصل إلى أنماط لاستغلال هذه الموارد.