رضى مشوب بالحذر يرافق تحقيقات انفجار مرفأ بيروت

رضى مشوب بالحذر يرافق تحقيقات انفجار مرفأ بيروت ودعوة للبيطار لـ"تعديل الاستراتيجية"

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
04 يونيو 2021
+ الخط -

دعا الناطق باسم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، إبراهيم حطيط، المحقق العدلي، طارق البيطار، إلى تعديل الاستراتيجية التي يعمل عليها بسبب عدم رضى كثيرين من عائلات الشهداء لعدم الإضرار بمجمل خطّة العمل التي يتّبعها، وذلك في رسالة لم يكشف كل تفاصيلها، تأتي بعد عشرة أشهر على الانفجار الذي وقع الرابع من أغسطس/آب الماضي.

وقال إبراهيم، شقيق الضحية ثروت حطيط، يوم الجمعة، خلال تلاوته بيان أهالي الضحايا ضمن الوقفة الشهرية من أمام إهراءات الحبوب بالمرفأ، "في آخر لقاء جمعنا مع القاضي البيطار منذ أسبوعين، فهمنا منه أنّ الأسبوع الماضي كان الأخير على صعيد الاستماع إلى الشهود، على أن يكون الأسبوع الذي نحن فيه اليوم بداية استدعاء المتهمين، وعليه بادرنا بالتوجه لتنفيذ وقفة تحذيرية أمام مجلس النواب بهدف تحذير المجلس برئيسه نبيه بري وكتله النيابية أننا مستعدون لاقتحامه".

وأكد حطيط أنّ "على الكتل النيابية الموافقة على رفع الحصانة عن أي متهم بين نوابها وإلّا ستتعرَّض لسخطنا وغضبنا، وكل كتلة تتغيب أو لا تصوّت على الطلب سنعتبرها شريكة بالجريمة وعدوّة لنا".

ومع قرب إقفال سنة على انفجار مرفأ بيروت، نفذ أهالي الضحايا تحرّكهم الشهري، حاملين لافتات تسأل عن نتائج التحقيقات وتؤكد رفضها المطلق للتدخلات السياسية أو تمييع القضية.

وامتلأ حائط الرسومات بكلماتٍ ورسائل مؤثرة من عوائل الضحايا حملت أسماءهم ووعوداً بعدم ترك القضية حتى تحقيق العدالة والمحاسبة الفعلية، كما أضيئت الشموع بالمناسبة.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال وليام شقيق الضحية جو نون، إنّ "التحدي الأكبر أمام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار سيكون عند الانتهاء من مرحلة التحقيقات في شقّيها التقني والفني، وبدء الاستدعاءات، ونأمل أن ينفذ القاضي وعوده بشأن أنها لن تستثني أي مرتكب بغض النظر عن مركزه ورتبته وموقعه".

وأعرب عن تفاؤله "بالمسار الذي قد يسلكه الملف ولا سيما أننا نتمكّن من الاستحصال على وثائق وكشف مستندات وأوراق على صلةٍ بالانفجار ونيترات الأمونيوم ونقدمها للمحقق العدلي منها مثلاً العثور على مناقصة تركيب كاميرات في العنبر رقم 12 رفضها مجلس القضاء الأعلى وغيرها من الوقائع والأحداث المشبوهة التي من شأنها أن توصلنا إلى الحقيقة وكشف ملابسات ما حصل في الرابع من أغسطس وتحديد المسؤوليات".

وأدى الانفجار الذي وقع في العنبر رقم 12، في 4 أغسطس/ آب 2020، كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة "نيترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، إلى مقتل 200 شخص وإصابة المئات فضلاً عن دمار واسع خلّفه في المرفأ والعاصمة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تشهدها البلاد.

ويواصل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بالاستماع إلى موقوفين ومدعى عليهم في الملف، وشهود يستمع إليهم للمرة الأولى، ومن المرتقب أن تبدأ معلومات جديدة بالظهور في المرحلة المقبلة، لكن حتى الساعة لم يُصَر إلى استدعاء أي شخصية توضع في خانة "الرؤوس الكبيرة".

بدوره، قال المحامي جيلبير أبي عبود، وكيل العديد من أهالي الضحايا، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مسار التحقيقات جيّد ومطمئن لكن الحذر يبقى موجوداً لأننا حتى الساعة لم نرَ أي شيءٍ ملموس، وهناك متهمون يجب استدعاؤهم وتوقيفهم غير الحاليين، كما أننا نخشى من ألا يتخطى القاضي البيطار الخطوط الحمر التي طبعاً ستُرسَم له والتدخلات السياسية في عمل القضاء".

وأقرّ بكون "الملف متشعباً وضخماً حتى إنه يطرح علامات استفهام كثيرة حول دور النظام السوري به لكن حان الوقت لإعطاء الأهالي بلسماً معنوياً بعد كل هذه الأشهر الطويلة من الانتظار"، مشدداً على ضرورة أن "تشمل التوقيفات مسؤولين كباراً كانوا يعلمون بتخزين المواد المتفجرة منذ سنوات ولم يحركوا أي ساكن".

وأشار أبي عبود إلى أنّ "التقرير الفرنسي الذي قدّم للقاضي البيطار ما زال مبدئياً غير نهائي، وطريقة التعاطي الخارجي عامةً مع القضية يوحي وكأن هناك إرادة دولية بالتعمية على الحقيقة وصولاً إلى طمسها، لكننا كوكلاء ونقابة محامين في بيروت لن نتراجع وسنستخدم كل وسائل الضغط المتاحة لكشف الحقيقة".

واستبعد أبي عبود فرضية وقوع الانفجار بسبب أعمال التلحيم، فهي فرضية شبه مستحيلة برأيه تقنياً وفنياً، مبقياً على فرضيتي الطيران المعادي أو العمل الإرهابي الذي قد يكون نفذ عن بُعدٍ. وتابع قائلاً "يبقى الخوف من أن يكون هناك إيعاز من السلطة بحصر القضية بالإهمال والتلحيم لتقبلها الناس وتمنح لهم التعويضات من شركات التأمين باعتبار أن تغطيتها تستثني الأعمال الحربية والأنشطة الإرهابية".

وكان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، راوول نعمة، قد وجَّهَ كتاباً إلى المحقق العدلي بواسطة وزيرة العدل ماري كلود نجم، طلب فيه إصدار تقرير رسمي يُخرج الأعمال الحربية والإرهابية من دائرة الأسباب التي أدّت إلى وقوع الانفجار وذلك بهدف تحصيل الأهالي التعويضات، ما اعتبر تدخلاً سافراً في التحقيق والضغط عليه وعرضه لشكوى مباشرة تقدم بها إبراهيم حطيط.

وعن مسار المرحلة المقبلة، يقول المحامي طارق حجّار وهو من فريق الادعاء لـ"العربي الجديد"، إنّ "القاضي البيطار عليه أن ينهي بعض المسائل والأمور التقنية والفنية حتى يبنى على الشيء مقتضاه، خصوصاً أن هناك مستجدات مهمّة طرأت على الملف بظهور سبعة شهود عيان أحياء نجوا بأعجوبة من الانفجار وكانوا في مسرح الجريمة لحظة حصول الانفجار، وشهادتهم قد تكون مؤثرة جداً في الوقائع لأنهم يفترض أنهم شاهدوا بأمّ العين كيف حصل التفجير".

كما على المحقق العدلي، بحسب حجّار، أن يحسم أمر الموقوفين، ويبت بمسألة السياسيين المدعى عليهم ويدعي على آخرين تبعاً لمسار التحقيقات.

وتابع حجّار "كفريق ادعاء ونقابة محامين تدخلنا لدى السلطات البريطانية أوقفنا تصفية طوعية لشركة "سافارو" بسبب صلات محتملة لها بالانفجار، وتنتهي المهلة في 8 أغسطس/آب المقبل، لذلك نحن بصدد تحضير ملف مرفق بجميع المستندات اللازمة لتقديمها في القريب العاجل نطلب من خلالها تمديد قرار التجميد لأن الشبهات ما تزال تدور حولها إلى حين حسم المحقق العدلي مسألة شحنة النيترات التي أتت من خلال الشركة المذكورة".

المساهمون