10 أشهر على انفجار بيروت: شهود قد يغيرون مسار التحقيق

10 أشهر على انفجار بيروت: شهود قد يغيرون مسار التحقيق

04 يونيو 2021
يُنتظر حسم الفرضيات قريباً (حسين بيضون)
+ الخط -

بدأ العدّ العكسي لـ"سنوية" انفجار مرفأ بيروت المُدمِّر، وما زال التحقيق ينحصر بشقَّيْه التقني والفني، ويقتصر على الفرضيات المُنتظَر حسمها قريباً، وسط ترقّب لبدء مرحلة الاستدعاءات التي يأمل اللبنانيون وأهالي الضحايا أن تشملَ "الرؤوس الكبيرة"، وهو "الامتحان الأصعب" برأيهم للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار للإيفاء بوعده المُتكرِّر بأن "لا خيمة فوق رأس أي شخص".

وبعد عشرة أشهر على انفجار الرابع من أغسطس/آب، كشف المحقق العدلي عن أن التحقيق يرتكز راهناً على ثلاثِ فرضيّاتٍ، الاستهداف الجوي عبر صاروخ، الرابطة السببية بين تلحيم باب العنبر رقم 12 والحريق الذي أدى إلى حصول الانفجار، بالإضافة إلى احتمال العمل الإرهابي أو الأمني المتعمّد، مشيراً إلى أن إحدى هذه الفرضيات استبعدت بنسبة سبعين في المائة، والعمل جارٍ للحسم النهائي بين الفرضيتين المتبقيتين.

وعن مدى التعويل على فرضية الاستهداف الجوي، قال بيطار إن "الأمر قيد التحقيق المُعمَّق، وهذا يرتكز على ثلاثة عوامل، إفادات الشهود وما إذا عاينوا طائرات حربية أو سقوط صاروخ، الاطلاع على الرادارات وتحليل التربة، والتثبت مما إذا كان هناك أثر لصاروخ أو بارود أو أي مواد متفجرة أخرى".

ولفت البيطار في دردشة مع الصحافيين في مكتبه في قصر العدل بالعاصمة بيروت نقلت مضمونه "الوكالة الوطنية للإعلام"، الخميس، إلى إن "التقرير الفرنسي الذي تسلّمه أخيراً دفع باتجاه استبعاد إحدى الفرضيات الثلاث بنسبةٍ كبيرة"، مؤكداً أن "مرحلة التحقيق التقني والفني شارفت على الانتهاء، وستبدأ بعد أسابيع قليلة مرحلة الاستدعاءات التي تطاول أشخاصاً مدعى عليهم".

ويقول المحامي يوسف لحود الذي يحضر جلسات الاستجواب بصفته وكيلاً قانونياً لنقابة المحامين في بيروت، لـ"العربي الجديد"، إن "فرضية التلحيم أصبحت مترنّحة، وبعد إصرار فريق الادعاء على تمثيل الجريمة وإخضاع المسألة للمنطق والتحليل العلمي، تبيّن أن هذه النظرية ليست متينة وغير ثابتة، وهناك أيضاً فرضيتا الاستهداف الجوي عبر صاروخ أو العمل الأمني أو الإرهابي"، مؤكداً أن "هناك مسؤوليات على مسؤولين كان آخر همّهم المواطن اللبناني أو المصالح والمرافق اللبنانية، وستبقى موجودة سواء حصل الانفجار عن طريق الأعمال أو بالصدفة أو كان متعمّداً، أي مهما كان وصفه، ويجب أن تكون بحجم وضخامة الفعل الجرمي".

ويشير لحود إلى أن "التحقيقات تسير بخطى ثابتة ولو كانت بطيئة، لأن الموضوع متشابك بين الداخل والخارج، والحاجة كبيرة للتعاون الدولي الذي للأسف لا يتم بأفضل حالاته، بدليل أنه لم تأتِ أي معلومة من الدول تتعلق بداتا الأقمار الاصطناعية التي لها أن تكشف ما حصل في الرابع من أغسطس بدقّة"، كاشفاً عن أن "الفرنسيين تقدّموا بتقارير للقاضي البيطار، بيد أن المعطيات التي نستشفها تشير إلى أن لا دليل مقدماً من دولة أجنبية من شأنه أن يغيّر مسار التحقيق، وخصوصاً من الفرضيات الداخلية إلى تلك الخارجية".

ويستبعد لحود أن يصدرَ القرار الاتهامي في وقتٍ قريب، "حيث إن هناك نقاطاً لم تستكمل بعد، وحاجة للتوسع بالتحقيق من نواحٍ عدّة، وهناك متورطون لم يتم الادعاء عليهم بعد، وفرضيات ومسائل فنية لم تحسم بعد، أهمّها سبب الحريق"، مشدداً على أن الأهم ليس السرعة بل الدقة في التحقيق.

من جهته، يقول المحامي صخر الهاشم، وكيل كل من المدعى عليهما رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم (المعفى عنه بمرسوم صادر عن رئيس الحكومة) ورئيس مصلحة الأمن والسلامة في المرفأ محمد زياد العوف، لـ"العربي الجديد"، إن "أهم التطورات التي حصلت منذ عشرة أشهر حتى اليوم تتمثل في التعرّف على سبعة شهود عيان من موظفي أهراءات القمح في مرفأ بيروت نجوا من الانفجار، علماً أنهم كانوا موجودين في الموقع لحظة حصوله".

ويكشف الهاشم عن أن "القاضي البيطار استمع إلى أربعة من هؤلاء الشهود، ومن شأن إفاداتهم أن تقلب كلّ المسار أو تضع بيد المحقق العدلي معلومات جديدة ومعطيات لم تُكشَف سابقاً، باعتبار أنهم كانوا في مسرح الجريمة وهم أكثر الذين يفترض أن يعرفوا ماذا حدث في ذلك النهار".

ويلفت إلى أن عدد الموقوفين اليوم 19، ولم يبت بأي إخلاء سبيل جديد منذ إبريل/نيسان الماضي، تاريخ إخلاء سبيل 6 موقوفين، مستبعداً البت بالطلبات قريباً، بانتظار ما ستؤول إليه التحقيقات في حسم سبب الانفجار، الذي برأيه غير متصل بعملية التلحيم. ويؤكد الهاشم في المقابل أنه "من الظلم الإبقاء على توقيف المدعى عليهم، خصوصاً أنهم قدّموا كل ما عندهم من معلومات، ويمكن إخلاء سبيلهم مع قيود تفرض عليهم إلى حين تحديد المسؤوليات وكشف الملابسات.

وفي 15 إبريل/نيسان الماضي، أخلى القاضي البيطار سبيل ستّة موقوفين في القضية، هم الرائد في أمن الدولة جوزيف النداف، والرائد في الأمن العام شربل فواز، والرقيب أول الجمركي خالد الخطيب، والرقيب أول الجمركي إلياس شاهين، والموظف جوني جرجس، والكاتب لدى دائرة المانيفست والمسؤول عن الجردة مخايل المر، وقرر إيداع جوازات سفرهم لدى القلم التابع له، فيما ردّ طلبات سائر الموقوفين.

وفي ملف الوكيل البحري لباخرة "روسوس" مصطفى البغدادي، يشير الهاشم، وهو وكيله أيضاً، إلى أن البغدادي سبق أن أعطى إفادته ثلاث مرّات، وتأجيل الاستماع إليه مرتبط بوضعه الصحي الحرج، فهو يقبع في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، ويعاني من أمراض عدّة منها قصور في عضلات القلب، ومشاكل في الرئتين، ويعيش على الأوكسيجين وتتطوّر حالته لتطاول الذاكرة، وسبق أن طلبنا تعيين طبيب شرعي والكشف عليه، وكتب تقريره بهذا الشأن.

وقال البيطار خلال الدردشة إن "التحقيق توصل بنسبة 70 في المائة إلى تحديد ما إذا كانت الباخرة روسوس التي نقلت نترات الأمونيوم من جورجيا كانت تتعمّد المجيء إلى المرفأ وإفراغ حمولتها فيه، أم أنها أتت عن طريق الصدفة وحصل معها ما حصل من أعطالٍ أدت إلى تفريغ حمولتها في مرفأ بيروت، وأي من هاتين الحالتين ترتب مسؤوليات معينة".

على صعيد متصل، ينفذ أهالي الضحايا وقفتهم الشهرية اليوم الجمعة أمام مرفأ بيروت، حيث ستضاء الشموع وتقام الصلوات لأرواح الضحايا عند الساعة السادسة وسبع دقائق بتوقيت التفجير.

ويؤكد الأهالي وقوفهم إلى جانب المحقق العدلي في تحقيقاته، وينتظرون منه تنفيذ وعده إليهم بأن لا خطوط حمراء على أحد، ولن يسمح لأي تدخل سياسي بالتأثير على عمله، في ظلّ المخاوف المستمرة من هذه التدخلات واصطدام الملف بالحصانات والصلاحيات والتمرّد، كما حصل عند ادعاء المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين الثلاثة، النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل، ويوسف فنيانوس.

المساهمون