تونس: صعوبات جمع التزكيات تؤرق المشاركين في الانتخابات التشريعية

تونس: صعوبات جمع التزكيات تؤرق المشاركين في الانتخابات التشريعية

01 أكتوبر 2022
تشهد هذه الانتخابات مقاطعة واسعة (Getty)
+ الخط -

يواجه المشاركون في الانتخابات التشريعية التونسية أفراداً وأحزاباً، صعوبات على مستوى جمع التزكيات، قبل أسبوعين من موعد تقديم الترشيحات للانتخابات التي تُجرى في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وتنطلق عملية قبول الترشيحات يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتتواصل لمدة أسبوع حتى تاريخ 24 أكتوبر 2022، وذلك وفق روزنامة هيئة الانتخابات.

ونشرت هيئة الانتخابات نموذجاً لورقة التزكية، تتضمن بيانات المرشح والمزكي، وموجزاً عن البرنامج الانتخابي للمرشح في مختلف المجالات. ويفرض القانون شرط الحصول على 400 تزكية للمرشح، مناصفة بين الرجال والنساء، وأن يكون من ضمن الـ400 مزكٍّ، 125 شاباً دون 35 سنة.

ونظرت الهيئة في احتمال تزكية أكثر من مرشح من المزكي نفسه، وقررت إقرار اعتماد تاريخ القبول النهائي للمطلب المترشح، مع أسبقية تقديم الطلب.

وبالنسبة إلى إشكالية إمكانية تقديم المرشّح لأكثر من 400 تزكية لقطع الطريق أمام مشاركة البقيّة في دائرته، قررت الهيئة عدم احتساب سوى 400 تزكية فقط.

ويفرض القانون الانتخابي أن يُعرَّف إمضاء المزكي رسمياً في الضابطة العدلية بالبلديات أو على مستوى فروع هيئة الانتخابات.

وتشهد هذه الانتخابات مقاطعة واسعة من أهم الأحزاب التي كانت تشكل البرلمان المنحل، فيما لم يتقدم إليها إلا المساندون لمسار الرئيس قيس سعيّد، ومع ذلك تواجه ترشيحاتهم صعوبات كبيرة بحسب شهاداتهم.

وأكد المتحدث الرسمي باسم حركة الشعب الداعمة لمسار سعيّد أسامة عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الصعوبات المتعلقة بجمع التزكيات تتمثل بصعوبات تسجيلها لدى الضبط العدلي في البلديات في طوابير طويلة، وهو أمر يتطلب إمكانات وحماسة وتطوعاً، إذ لا يقبل المزكون الوقوف لساعات في طوابير الانتظار لتسجيل تزكياتهم، وهو ما يتطلب خلق شبابيك خاصة بالتزكيات".

وأوضح في المقابل أن "التوزيع الجغرافي أصبح أسهل مقارنة بالانتخابات التشريعية السابقة (اختزال الدوائر من 217  إلى 161 دائرة)، وهو ما يسهل العملية الانتخابية في المحافظات".

وقال عويدات إنه "في ما يتعلّق بالعزوف عن التزكيات، هناك من كان متحمساً لـ25 يوليو/تموز، ولكنه لم يلاحظ تحسناً في وضعه المعيشي، وأصبح بالتالي غير معني بالعملية الانتخابية وغير متحمس لها، وهو ما أضر بجمع التزكيات وسيضر أيضاً بالتصويت في الاستحقاق الانتخابي".

نزعة قبلية

بدوره، قال منسق "تنسيقية الشعب يؤسس" عبد الحميد أولاد علي، المساند للرئيس والمرشح عن دائرة بئر علي بن خليفة من محافظة صفاقس، في تصريح لـ"العربي الجديد": "انطلقت عملية جمع التزكيات وكانت صعبة نوعاً ما، خصوصاً في المناطق الريفية، نظراً لبعدها عن مركز البلدية بسبب شرط المصادقة على التزكية من طرف المزكي نفسه في الهيئات الرسمية".

وتابع: "أقولها بكل صراحة، إن النزعة القبلية والعروشية تربعت على المشهد الانتخابي بداية من جمع التزكيات". وأضاف: "لم يكن هذا النظام الانتخابي الذي طالبنا به، فلئن أزحنا كابوس التفرقة الحزبية، فإننا وجدنا أنفسنا أمام فوبيا التشتيت القبلي والعشائري".

أمّا رئيس المكتب السياسي لحراك 25 يوليو (مساند لسعيّد) عبد الرزاق الخلولي، فأكد من جهته في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك اتفاقاً عاماً حول صعوبات جمع التزكيات، وخصوصاً في إجراءاتها التي بلغت حد المغالاة بل أقصى درجات المغالاة، وذلك بفرض 400 تزكية نصفها من النساء و35 بالمائة من الشباب، وفرض تعريف بإمضاء المزكي في البلديات أو في المعتمديات، قبل أسبوعين على تقديم الترشحات".

وبيّن أن "هذه التجربة الأولى لا يمكن تقييمها في ظروف أزمة اقتصادية، وعدم استقرار سياسي، وصراع كبير على السلطة، ومعاناة المواطن من غلاء المعيشة، وفقدان أساسيات الحياة، ثم نطلب منه الذهاب للتزكية، وهو ما سيدفع المواطنين للضحك على المرشحين".

وتابع: "حتى من وافق على التزكية يرفض الوقوف في طوابير في البلديات لساعات حتى يحين دوره، وهو يفضل تخصيص هذا الوقت ليجني قوت أولاده، وهناك نوع ثانٍ من المزكين يعتبر أنه لا تزكية مجانية ويطالب بمقابل".

وبيّن أن "هذا الإجراء سيحرم الشباب والكفاءات من الترشح لعدم قدرتهم على دخول في هذه اللعبة، بسبب عدم امتلاكهم للإمكانيات اللازمة سواء من الأفراد أو الأحزاب الناشئة"، مشيراً إلى أنه "كان من الأولى لو كانت التزكيات بشكل إلكتروني أو عبر وضع البيانات الرسمية والإمضاءات دون تعريف بالإمضاء في البلديات".

وأوضح الخلولي إن "الحراك تقدم بمقترحات وتوصيات لتنقيح المرسوم، ونحن ننتظر التفاعل معها عبر إعطاء مرونة أكثر وتسهيلات حتى يتمكن الجميع من الترشح للانتخابات، وإن لم يكن ذلك، فقد نعلن عدم مشاركتنا في الانتخابات".

وأفاد الخلولي بأن "الحراك يعتبر أنها شروط تعجيزية وإقصائية، وهي في نفس الوقت إقصاء للناخب للعادي وللنزهاء"، مشيراً إلى أن "الحراك غير مستعد للترشح في دائرتين أو ثلاثة فقط، لأن في ذلك ضرب لمصداقيته، وبالتالي فسنختار البقاء والنضال من أجل مصلحة البلاد وحتى يحقق مسار 25 جويلية أهدافه، وحتى لا يسرق منا هذا المسار كما سرقت ثورة 2011، وبالتالي لن ندخل معركة نعتبر أن نسبة الخسارة فيها أكثر من نسب النجاح".

وكان المتحدث الرسمي باسم حزب التيار الشعبي (مساند للرئيس) محسن النابتي شدد في وقت سابق من هذا الأسبوع، على أنه "من الضروري إيجاد صيغة تقنية للتزكيات المتعلقة بالانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في 17 ديسمبر المقبل".

وأضاف في تصريح صحافي الأربعاء، أن "إيجاد صيغة تقنية لمسألة التزكيات التي نص عليها القانون الجديد يسهل العملية الانتخابية من جهة، وفي الوقت نفسه يضمن نزاهتها".

وأشار إلى أن "عملية استقدام 400 مواطن للتعريف بالإمضاء في البلديات أو لدى مصالح الهيئة للمرشح عملية تعجيزية، وستجعل من هو قادر على دفع تكاليف التعريف بالإمضاء ونقل المواطنين أقدر على الترشح، فيما سيحرم المرشح الذي لا يمكنه توفير مثل هذه الاعتمادات التي تسبق عملية الحملة ولا تخضع لشروط تمويل الحملة الانتخابية".

واقترح النابتي "فتح مكاتب لهيئة الانتخابات في كل المعتمديات، واعتماد الإمضاء الإلكتروني ومجانية التعريف بالإمضاء، وتشديد الرقابة على كل محاولات شراء التزكيات واستعمال طرق غير مشروعة للحصول عليها".