تظاهرات أمام سفارتي السويد في العراق وإيران احتجاجاً على حرق المصحف

تظاهرات أمام سفارتي السويد في العراق وإيران احتجاجاً على حرق المصحف

30 يونيو 2023
عراقيون يحتجون أمام سفارة السويد إثر حادثة حرق المصحف (تويتر)
+ الخط -

تظاهر الآلاف من العراقيين، معظمهم من أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عصر اليوم الجمعة، أمام السفارة السويدية في العاصمة بغداد، منددين بإحراق المصحف على يد متطرف من أصول عراقية.

وتجري التظاهرات التي ما زالت مستمرة، وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار عناصر الأمن في محيط السفارة، لمنع أي محاولة للاقتراب منها أو اقتحامها.

وتتزايد أعداد المحتجين بشكل متسارع، مع استمرار توافد العشرات من عموم مناطق بغداد نحو السفارة التي تقع بمنطقة العلاوي وسط العاصمة، تلبية لدعوة زعيم التيار.

وأحرق المحتجون أعلاما سويدية وأخرى ملونة ترمز للمثلية، ورددوا هتافات تندد بإحراق المصحف، وحملوا صورا لزعيم التيار ووالده، مطالبين بطرد السفيرة السويدية.

كما ردد المحتجون هتافات ذات طابع سياسي، بدا أنها موجهة للداخل العراقي أكثر من غيره مثل "نحن جنود السيد".

ومنذ نحو عام كامل، هذه المرة الأولى التي يخرج فيها أتباع الصدر بفعالية شعبية بعد قرار زعيمهم مقتدى الصدر في منتصف العام الماضي، اعتزال العمل السياسي إثر الأزمة المعقدة التي رافقت تشكيل الحكومة.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية العراقية تلقيها رسالة من نظيرتها السويدية تعبر عن أسفها بشأن الحادثة. وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف في بيان: "تلقينا عبر سفارتنا في استوكهولم، نسخة من رسالة وزارة الخارجية السويدية عبر وكيلها جان كنوتسن، والموجهة إلى رؤساء بعثات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، عبّر فيها عن عميق أسفه على الحادث".

وأشار الصحاف إلى أن "الرسالة أكدت أن الحكومة السويدية ترفض بشدة مثل هذه الأعمال المعادية للإسلام، وأنها لا تدعم أو تتغاضى بأي حال عن الآراء المعادية للإسلام التي عبّر عنها الشخص المعني خلال هذه الواقعة"، مضيفا أن "حكومة السويد تتفهم تماماً أن المسلمين في السويد وفي الدول الأخرى قد شعروا بالإهانة لما حدث".

وقال إن "وزارة الخارجية العراقية تعكس قيم وأخلاقيات الدولة العراقية وشعبها، الذي يحترم المقدسات الدينية ويرى حساسية عالية في هذا الأمر، كما أن موقف الوزارة يستمر متتابعاً ليؤكد أهمية استجابة الجانب السويدي لمطلب العراق بتسليم مرتكب هذا الفعل الشنيع ليلقى جزاءه وفق القانون العراقي".

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد دعا أمس الخميس، إلى تظاهرات غاضبة أمام السفارة السويدية، مشددا على قطع العلاقات مع السويد.

وعلى أثر دعوة الصدر أقدم عشرات المحتجين، مساء أمس، على اقتحام مبنى السفارة الذي يقع في منطقة العلاوي ببغداد، فيما تم إخراج العاملين فيها من دون تعرضهم لأي اعتداء.

وكان مجلس القضاء الأعلى في العراق قد طالب رسميا السويد باسترداد العراقي سلوان موميكا الذي أقدم على حرق المصحف، لتتم محاكمته وفقاً للقانون العراقي.

وفي خضم هذه الأزمة، دعا رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون الجمعة إلى التهدئة و"التفكّر".

وقال في مؤتمر صحافي: "يصعب تحديد ما ستكون عليه العواقب. أعتقد أن على الكثير من الأشخاص التفكّر في الأمر".

مسيرات في إيران

على صعيد متصل، نظم الإيرانيون، بعد صلاة الجمعة، مسيرات في عدة مدن تنديدا بإحراق المصحف في السويد.

وفي طهران، نظم إيرانيون تجمعا أمام السفارة السويدية. ورفع المحتجون لافتات ضد الحكومة السويدية، متهمين إياها بالتواطؤ في الحادث والوقوف وراءه.

وقال المحتجون إن الحادث ليست له "أي صلة بحرية التعبير وينشر الكراهية ضد أمة كاملة"، داعين الأمم المتحدة إلى التحرك لإيقاف الإسلاموفوبيا في الغرب.

من جهته، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في كلمة اليوم الجمعة، في مدينة رفسنجان جنوبي إيران، إن "الإساءة إلى القرآن الكريم هي إساءة إلى جميع الأديان السماوية والإنسانية والقيم الإسلامية".

وأضاف وفق التلفزيون الإيراني، أن الأمة الإسلامية لن تتسامح مع مرتكبي هذه الجريمة.

بدوره، قال وزير الثقافة الإيراني محمد مهدي إسماعيلي، اليوم الجمعة، إن "إجراء الدول الإسلامية الحازم في معاقبة السويد سياسيا وثقافيا واقتصاديا وحماتها يمكن أن يشكل رادعا لوقف موجة الإساءات".

واتهم إسماعيلي، الغرب، بـ"العنصرية"، واستغلال حرية التعبير لتوجيه إهانات للمسلمين في العالم.

استدعاء للسفراء وإدانات عربية

استدعت دول عربية، بينها الأردن والمغرب والإمارات والكويت، سفراء السويد لديها، احتجاجا على الحادثة. 

وسبقت تلك الاستدعاءات الرسمية إدانات عربية متصاعدة ظهرت في بيانات رسمية من معظم الدول العربية.

وقالت وزارة الخارجية الكويتية، في بيان لها مساء اليوم الجمعة، إنّه تمّ استدعاء سفيرة السويد، وأفاد البيان بأنّ نائب وزير الخارجية السفير جراح جابر الأحمد الصباح، "استدعى سفيرة السويد المقيمة لدى الإمارات والمحالة إلى الكويت ليزلوت أندرسون، وذلك على خلفية قيام أحد المتطرفين بحرق نسخة من القرآن الكريم في العاصمة السويدية استوكهولم".

وقام نائب وزير الخارجية، وفق البيان، "بتسليم السفيرة السويدية مذكرة احتجاج رسمية تتضمن إدانة واحتجاج الكويت للواقعة"، مطالباً الحكومة السويدية "بتحمل مسؤولية وقف منح هذه التصاريح والتحرك الفوري لمنع تكرار هذه الإساءات".

وأعلنت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، في بيان، أنها ستعقد اجتماعا طارئا في مدينة جدة الأسبوع المقبل، على خلفية حرق نسخة من القرآن الكريم بالسويد، بدعوة من السعودية، وفقا لما أوردته وكالة الأناضول.

كما أكد مجلس التعاون الخليجي، في بيان، أن مثل تلك التصرفات "تدل على حقد وكراهية وتطرف"، داعيا إلى تحرك السلطات السويدية لوقفها "بشكل فوري".

البرلمان العربي، من جانبه، قال في بيان إن ما حدث "عمل تحريضي من شأنه تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم"، مستنكرا استمرار السلطات السويدية في تلك "الاستفزازات".

كما أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بأشد العبارات سماح السلطات السويدية بهذا الأمر، محملا "حكومة السويد المسؤولية عن نتائج وتبعات هذه الواقعة النكراء".

من جانبه، دعا الأزهر الشريف في بيان، "دور الفتوى وهيئات الإفتاء في العالم إلى إصدار فتوى بوجوب مقاطعة المنتجات السويدية نصرةً للمصحف الشريف".

بدوره، أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سامي أبو زهري، عبر تغريدة، أن "إحراق المصحف هو استفزاز لمشاعر المسلمين في العالم وعدوان على معتقداتهم"، داعيا إلى "وقف هذه الأعمال العدائية".

وقال المتحدث باسم حركة "الجهاد الإسلامي" داوود شهاب، لوكالة "الأناضول": "ندين هذه الأفعال العدوانية"، محذرا من أن "هذه الاعتداءات على القرآن الكريم أو على المساجد من شأنها إشعال حرب دينية".

وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، في بيان، إن عملية إحراق المصحف "عنصرية وليست حرية، وتوحش فردي مدعوم من الجهات الرسمية لا ينبغي السكوت عنه".

هذا وعبّرت حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية والمعارضة في الجزائر عن غضبها الشديد إزاء "السلوك الدنيء لمتطرفين سويديين".

ووصفت الحركة هذا السلوك بأنه "اعتداء همجي يمثل انتهاكاً مزدوجاً لمقدسات الأمّة الإسلامية في أيام العيد المقدسة، ويعد تكراراً للانتهاكات غير المقبولة تجاه المصحف الشريف".