تحقيق أميركي بمنظومة فساد لمنح عفو رئاسي تورط بها البيت الأبيض

02 ديسمبر 2020
+ الخط -

هزّت البيت الأبيض في الساعات الأخيرة فضيحة جديدة، إذ تحدّثت صحف ومواقع أميركية عن تحقيق بمنظومة فساد يفترض أنها تنطوي على تمويل للحملة الانتخابية بهدف حصول على عفو رئاسي في المقابل، في وقت يسعى الرئيس الذي تنتهي ولايته في 20 يناير/كانون الثاني دونالد ترامب لمنح ثلاثة من أبنائه، بالإضافة إلى محاميه الخاص رودي جولياني عفواً رئاسياً قبل مغادرته البيت الأبيض.

وكشف ملف قضائي نُشر الثلاثاء، أن وزارة العدل الأميركية تحقق بمنظومة فساد يفترض أنها تنطوي على تمويل للحملة الانتخابية بهدف حصول على عفو رئاسي في المقابل، وفق "فرانس برس" و"واشنطن بوست".

ويتناول التحقيق الساري منذ شهر أغسطس/آب، شبكة يبدو أنها تضمّ جماعات ضغط ومحامين ومتبرعا ثريا مموّلا لحملات سياسية وشخصا آخر موجودا في السجن يريد الاستفادة من عفو رئاسي.

ولا تسمح الوثيقة بتحديد هوية الأفراد الذين تمت تغطية أسمائهم، وهي تتناول شرعية البحث باتصالات وأجهزة إلكترونية تابعة للأشخاص الذين من بينهم محامون. ويشير الملف إلى "مخطط ضغط سري" يستهدف "مسؤولين كباراً في البيت الأبيض" بهدف الحصول على "عفو أو تعليق" لتنفيذ عقوبات من جانب رئيس الجمهورية، لشخص لم يظهر اسمه في التقرير.

ويقول التقرير إن محامين وأفراداً من جماعات ضغط تواصلوا مع مسؤولين في البيت الأبيض لطلب عفو رئاسي، مشيرين إلى "المساهمات الجوهرية في الحملة التي قدمت في الماضي" و"المساهمات السياسية الهامة" المقدمة من جانب متبرع.

ويلمح التقرير إلى أن متبرعاً قدّم هذا العرض باسم شخص يسعى للحصول على العفو. ولم يحدّد التقرير تاريخ حصول تلك الأحداث. وفي المقاطع التي تظهر فيها الأسماء، لا توجد أي إشارة إلى الرئيس الحالي دونالد ترامب أو حملته. لكن الوثيقة كُشفت في وقت حساس في الولايات المتحدة، فيما يوجد تشكيك بأن دونالد ترامب الذي توشك ولايته على الانتهاء، ربما يمنح العفو الرئاسي إلى مزيد من الأشخاص بعدما قدمه لمستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين الأربعاء الماضي.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول في وزارة العدل، تحدث شرط عدم الكشف عن اسمه لمناقشة القضية، قوله إن أي مسؤول حكومي ليس موضوعاً أو هدفاً للتحقيق الذي تمّ الكشف عنه في هذا الملف.

وأصدرت قاضية المحكمة الجزائية الأميركية بيريل هاول أمس الثلاثاء، أمراً بفتح تحقيق في حدوث "رشوة مقابل العفو". ومنحت القاضية الإذن للمحققين للوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني، ومواجهة ثلاثة أشخاص على صلة بالقضية، واتخاذ المزيد من خطوات التحقيق.

وطبقاً لأمر هاول، قال محققون تابعون للحكومة إنهم صادروا "أكثر من 50 جهازاً رقمياً، بينها أجهزة آيفون وآيباد وأجهزة كمبيوتر محمولة وعادية، وأقراص لتخزين البيانات وأقراص صلبة خارجية".

إلى ذلك، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الثلاثاء، وفقاً لمصدرين مطّلعين، أن ترامب، ناقش مع مستشاريه إمكانية منح العفو لأبنائه وصهره ومحاميه الشخصي رودي جولياني، وأنه ناقش مع الأخير العفو عنه الأسبوع الماضي.

وأخبر ترامب مستشارين آخرين أنه قلق من أن تسعى وزارة العدل في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن للانتقام منه باستهداف أبنائه الثلاثة الكبار، وهم دونالد جونيور، إريك، وإيفانكا، فضلاً عن زوج الأخيرة جاريد كوشنر. وتحدثت شبكة "سي أن أن" من جهتها عن أن لائحة العفو المحتمل تشمل أشخاصاً آخرين مقرّبين من الرئيس، قد يكونون عرضة للخطر قضائياً لكن لم يتمّ توجيه تهم إليهم.

وأخبر ترامب المستشارين، وفق الشبكة الأميركية، أنه يعتقد أنه وعائلته تم استهدافهما بشكل غير عادل، وأنه يخشى من أن الملاحقات القضائية قد تستمرّ في ظلّ إدارة بايدن.

وأوضحت "نيويورك تايمز" أن دونالد ترامب جونيور خضع للتحقيق على يد المحقق الخاص روبرت مولر لعلاقته بالروس الذين قدّموا معلومات ضارة بحق هيلاري كلينتون خلال الحملة الرئاسية عام 2016، لكن لم يتمّ توجيه تهم إليه. أمّا كوشنر، فقد قدّم معلومات خاطئة إلى السلطات الفيدرالية حول اتصالاته بمسؤولين أجانب للحصول على تصريح أمني، لكنه حصل عليه من الرئيس، وفق الصحيفة.

ومن غير الواضح طبيعة قلق ترامب حول الفضيحة الجنائية المحتملة المرتبطة بإريك أو إيفانكا، على الرغم من أن التحقيق الذي أجراه المدعي العام في مانهاتن في مؤسسة ترامب توسّع ليطاول عمليات شطب ضريبية بملايين الدولارات من رسوم الاستشارات التي قادتها المؤسسة، والتي يبدو أن بعضها ذهب لإيفانكا.

وإذ أكدت الصحيفة أن العفو الرئاسي لا يؤمن حماية من الجرائم الحكومية أو المحلية، قالت إن جرم جولياني غير واضح أيضاً، علماً أنه كان يخضع للتحقيق هذا الصيف من قبل محققين فيدراليين في مانهاتن على خلفية تعاملاته التجارية في أوكرانيا، ودوره في عزل السفير الأميركي هناك.

ولم تردّ متحدثة باسم ترامب على طلب للتعليق عبر البريد الإلكتروني، كما أن جولياني لم يردّ على رسالة لطلب التعليق، لكنه هاجم تقرير الصحيفة بعد نشره عبر موقعها الإلكتروني، مؤكداً عبر "تويتر" أنه غير صحيح.

وأصدر ترامب، الأربعاء الماضي، عفواً عن مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين الذي أقرّ بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي) في تحقيق حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية عام 2016.

وقال ترامب على "تويتر" "شرف عظيم لي أن أعلن منح الجنرال مايكل تي. فلين عفواً كاملاً. تهاني للجنرال فلين وعائلته الرائعة. أعلم أنكم ستقضون الآن عيد شكر رائعاً حقاً".

وتحدّث موقع "ذا هيل" الأميركي، الشهر الماضي، عن احتمال لجوء ترامب إلى العفو عن نفسه قبل مغادرته البيت الأبيض، تحديداً في الفترة التي تُسمّى "البطة العرجاء". وذكر الموقع أن تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر كشف النقاب عن عدّة أمثلة لعرقلة محتملة للعدالة. وهذه الادعاءات، إلى جانب الاحتيال الضريبي المحتمل، والتعارض مع قوانين تمويل الحملة الانتخابية، كلّها تهم فدرالية تجنّبها ترامب لأنه الرئيس الحالي، لكن يمكن أن تظهر من جديد بمجرّد وصول إدارة جديدة، وهو ما قد يدفع الرئيس إلى إصدار عفو عن نفسه.