تجديد الاتفاق بين بغداد وواشنطن: موافقة ضمنية من الفصائل؟

تجديد الاتفاق بين بغداد وواشنطن.. بموافقة ضمنية من الفصائل الحليفة لإيران؟

14 اغسطس 2023
العباسي (يمين) وأوستن (يسار) في فيرجينيا، أغسطس الحالي (درو أنغرير/Getty)
+ الخط -

التزمت الفصائل المسلحة في العراق، المدعومة من قبل إيران، جانب الصمت إزاء تجديد الاتفاق الأمني بين العراق والولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، في أول تفاهم من نوعه في عهد حكومة محمد شياع السوداني.

وبينما يؤكد أمنيون الحاجة إلى استمرار التعاون المشترك مع واشنطن لهزيمة "داعش"، لاحظ مراقبون عدم عودة تلك الفصائل لعمليات استهداف الأميركيين، لا سيما في ظل مخاوف من إصدار واشنطن عقوبات جديدة بحق بعض قادة الفصائل أو المقربين منهم.

تجديد الاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن

واتفق أعضاء وفد من وزارة الدفاع العراقية زار واشنطن الأسبوع الماضي بقيادة الوزير ثابت العباسي، مع نظرائهم في الدفاع الأميركية (البنتاغون) بقيادة لويد أوستن، على استمرار التعاون الأمني المشترك لهزيمة "داعش"، وسط تأكيدات على التزام العراق بحماية الأفراد والمستشارين الأميركيين والتحالف الدولي والقوافل والمنشآت الدبلوماسية المتواجدة في البلاد.

ولم يصدر عن الفصائل المسلحة العراقية، أي موقف رسمي أو تعليق إزاء الاتفاق، والذي ضمن للجانب الأميركي حمايته من الاعتداءات، الأمر الذي يثير الشكوك من استمرار الهدنة غير المعلنة بين الجانبين.


إحسان الشمري: هناك إعلان رسمي من قبل الفصائل بعدم استهداف المصالح الأميركية في العراق

وقال قيادي بارز في "كتائب حزب الله"، أبرز الفصائل المسلحة في العراق، لـ"العربي الجديد"، إن "إيقاف العمليات العسكرية ضد الأهداف الأميركية مشروط، وإن أبرز شروط هذه الهدنة هو التحرك الحكومي بشكل حقيقي وجاد لإخراج القوات الأجنبية من العراق، وبخلاف ذلك العمليات العسكرية ضد الأميركيين ستعود وبقوة، وهذا الأمر تبلّغته حكومة السوداني من قبل الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة".

وأضاف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة، أعطت فرصة لحكومة السوداني في الأشهر الأولى من تشكيلها لتجاوز بعض الأزمات الخدمية والاقتصادية، ولم تضغط عليها في الملف الأمني وملف إخراج القوات الأجنبية، وهذا الأمر كان باتفاق مع بعض قوى الإطار التنسيقي، التي تعهدت بأنها ستعمل مع السوداني على حسم ملف إخراج القوات الأجنبية خلال مدة لا تتجاوز السنتين".

وأكد أن "الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة تابعت بشكل جيد اجتماعات الوفد العراقي، الذي زار الولايات المتحدة أخيراً، وأن قادة الهيئة سيكون لهم اجتماع خاص مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لبحث تفاصيل الزيارة وانعكاساتها على ملف إخراج القوات الأميركية من العراق".

من جهته، قال المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء" كاظم الفرطوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة الوفد العراقي العسكري الأمني الأخيرة إلى الولايات المتحدة لم تأتِ بأي جديد بشأن إخراج القوات الأميركية من العراق، بل كرست الزيارة الوجود الأميركي بصورة أو بأخرى، وهذا بعد الاطلاع على التقرير الخاص بهذه الزيارة".

وبيّن الفرطوسي، أن "تحركات وأعمال الفصائل المسلحة ترتبط بالواقع العراقي، والفصائل تنظر إلى الواقع العراقي والأزمات التي يمكن أن تعصف بالعراق، وبالتالي هي تراعي هذه الظروف، سواء كانت القوات الأميركية موجودة باتفاق أو من دون اتفاق فهي قوات محتلة، ولهذا حق الدفاع والمقاومة موجود".

وأضاف المتحدث أنه "ليس هناك أي هدنة مع الجانب الأميركي أو اتفاق، وإيقاف العمليات العسكرية جاء بإرادة منفردة للفصائل المسلحة، من أجل تغلب الحكومة العراقية على الصعوبات، ولهذا كان يجب إعطاء فرصة للحكومة من أجل تجاوز العقبات، وهذا هو السبب في تأجيل العمليات العسكرية ضد الأهداف الأميركية".

وعلى الرغم من أن الفصائل أوقفت هجماتها، إلا أن "تنسيقية المقاومة العراقية" كانت قد هددت قبل نحو شهرين، باستئناف عملياتها العسكرية ضد القوات الأميركية في العراق، مؤكدة أن توقف عملياتها ليس قبولاً باستمرار الوجود الأميركي، وأن استمرار وجود القواعد العسكرية والقوات القتالية والطيران العسكري الأميركي "يحتم الرد".

من جهته، اعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، النائب لطيف الورشان، لـ"العربي الجديد"، أن "تنظيم داعش ما زال يشكل خطراً على أمن واستقرار العراق، وبغداد ما زالت بحاجة إلى الدعم الدولي للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي بشكل كامل ونهائي".

وأوضح أن "العراق ما زال يحتاج إلى خبرات التحالف الدولي من ناحية التدريب والاستشارة والدعم الفني واللوجستي، وفي الوقت نفسه العراق ليس بحاجة إلى أي قوة أجنبية قتالية، وهذا ما تؤكد عليه كل الجهات ذات الاختصاص الحكومية والعسكرية والأمنية".

وأضاف الورشان أن "الاستقرار السياسي، ودعم كل القوى السياسية لحكومة محمد شياع السوداني، كان دافعاً للاستقرار الأمني وإيقاف أي تصعيد ضد الأهداف الأميركية في العراق، خصوصاً أن الوجود الأميركي جاء بطلب وموافقة عراقية، وهذا ما يؤكد عليه الجانب الأميركي والعراقي".

الفصائل والعمليات ضد الأميركيين

في المقابل، أكد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، لـ"العربي الجديد"، أنه "كان هناك إعلان رسمي من قبل الفصائل المسلحة بأنها لا تستهدف المصالح الأميركية في العراق، وتحويل ملف الوجود الأميركي إلى ملف تفاوضي من قبل حكومة الإطار التنسيقي".

ولفت إلى أن "وقف استهداف المصالح الأميركية في العراق من قبل الفصائل المسلحة سيبقى مستمراً، ولا نتوقع أن تعود الفصائل إلى القيام بعمليات عسكرية ضد الأميركيين تحت أي ذريعة، خصوصاً مع وجود تحذيرات أميركية إذا ما تم استهداف مصالحهم".


قيادي في "كتائب حزب العراق": إيقاف العمليات العسكرية ضد الأهداف الأميركية مشروط

وكشف الشمري أن "هناك قانوناً جديداً قيد التشريع في الكونغرس خاصا بالفصائل المسلحة، مع توقعات بإصدار لائحة من العقوبات الجديدة بحق بعض قيادات الفصائل أو المقربين منهم، ولهذا لا نتوقع أي عودة لأي عمل عسكري ضد المصالح الأميركية في العراق".

وكان السوداني قد أكد في وقت سابق، أن الولايات المتحدة "تعد بلداً صديقاً للعراق، ولجميع القوى السياسية فيه"، وأن حكومته تعمل على "ترتيب العلاقة مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لضرب تنظيم داعش في العراق وسورية".

وقبل تشكيل حكومة السوداني في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت القواعد والمعسكرات التي تضم القوات الأميركية في العراق، تتعرض دائماً لعمليات قصف من قبل فصائل مسلحة تُعرّف عن نفسها بمصطلح "فصائل المقاومة الإسلامية"، بواسطة طائرات مسيّرة أو صواريخ كاتيوشا، إضافة إلى استهداف أرتال الدعم اللوجستي التابعة لقوات التحالف الدولي.

وكان آخر هجوم صاروخي قد شهدته المنطقة الخضراء وقع في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، بصواريخ سقط عدد منها في محيط السفارة الأميركية، أعقبته هجمات بعبوات ناسفة استهدفت أرتال الدعم اللوجستي التي تحمل معدات غير عسكرية لقوات التحالف في العراق، آخرها في 12 أكتوبر 2022.