تأخر الفصل في الطعون المقدمة ضد قرارات سعيد.. مخاوف من الضغوط؟

تأخر الفصل في الطعون المقدمة ضد قرارات سعيد.. مخاوف من تعرض المحكمة الإدارية لضغوط؟

28 نوفمبر 2021
أثبت القضاء الإداري التونسي نجاعته ونزاهته زمن استبداد بن علي (فيسبوك)
+ الخط -

يتزايد قلق الطبقة السياسية مما اعتُبر تأخراً من المحكمة الإدارية في البت في الطعون وطلبات وقف تنفيذ وإبطال قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، المتعلقة بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه ووقف أجورهم وتعليق العمل بالدستور.

وتضاعفت مخاوف النواب والمحامين والطاعنين في قرارات سعيد بعد مرور أكثر من شهر على تاريخ الطعن في قراراته، معتبرين أنه جرى تجاوز أجل الشهر المحدد في القانون، وسط هواجس من تسليط ضغوط سياسية على القضاء الإداري.

وتلقت المحكمة الإدارية ما لا يقلّ عن 15 طعناً في الأمر الرئاسي رقم 117 الصادر في 22 سبتمبر/أيلول 2021.

وأوضحت المحكمة الإدارية أن "مضامين الطعون المقدمة للمحكمة الإدارية، منها ما تعلق بعدم شرعية الأمر الرئاسي 117 برمته، ومنها ما تعلق ببعض أحكامه على غرار الفصول المتصلة برفع الحصانة ووضع حد للمنح والامتيازات المسندة إلى أعضاء مجلس نواب الشعب المعلقة أشغاله منذ 25 يوليو/تموز الماضي، وإعلان تفعيل الفصل الـ80 من الدستور واتخاذ تدابير استثنائية".

وصدرت الطعون في أغلبها عن نواب البرلمان المعلقة أشغاله، إلى جانب عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي، الذين قدموا أساساً طعوناً في الأمر الرئاسي عدد 117 برمته.

وقالت المحكمة الإدارية إنها بصدد إجراء التحقيقات اللازمة بخصوص هذه الطعون للبت فيها وإصدار الأحكام بشأنها.

وقالت النائبة بمجلس الشعب، ورئيسة اللجنة القانونية بحركة النهضة، فريدة العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنها "تقدمت بثلاث "قضايا" طعون وطلبات وقف تنفيذ، تتعلق بالقرارات اللادستورية واللاقانونية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو/تموز الماضي، وذلك لمخالفتها الفصل الـ80 من الدستور الذي اعتمده لإعلان هذه القرارات".

وعددت العبيدي الأسانيد القانونية التي تبين بطلان القرارات التي اتخذها سعيد وعدم دستوريتها، بخصوص تعليق أعمال البرلمان، ورفع الحصانة عن نوابه، ووقف منحهم، وما ترتب عنه من تعطل لمرافق الدولة ومؤسساتها الدستورية المنتخبة، وإضرار بالأشخاص.
وأبدت العبيدي تخوفها من إمكانية وجود ضغوط سياسية على المحكمة الإدارية، ومن التدخل في القضاء عموماً، متسائلة عن أسباب عدم البت في هذه الطلبات ذات الطابع الاستعجالي المضبوطة بأجل شهر حسب قانون المحكمة الإدارية، معربة عن ثقتها بالقضاء الإداري الذي أثبت نجاعته ونزاهته زمن الاستبداد (حكم بن علي)، من خلال إصداره لأحكام كانت ضد توجهات النظام الحاكم.

من جانبه، فسّر المتحدث الرسمي باسم المحكمة الإدارية، عماد الغابري، أن "المسار الإجرائي معلوم، يخضع لإجراءات التحقيق، وستتم مراسلة رئاسة الجمهورية ليتم التقصي حول هذه الملفات، وعندما تتهيأ وتجهز سيتم البت فيها. لا مفر من ذلك".

وأكد الغابري لـ"العربي الجديد" أن "آجال الشهر للبت هي آجال استنهاضية، ويمكن تجاوزها، فهو ليس أجلاً يترتب عنه سقوط الطعن، بل أجل لحث القاضي للنظر والبت في أقرب الأوقات، كما أنه مرتبط بتهيئة الملفات"، وتابع: "هناك دوائر قضائية متعهدة بهذه الملفات، وهي التي تقدر متى تكون جاهزة".

وبين المتحدث باسم المحكمة الإدارية أن "هذه المسألة ليست بالهينة، وهي مسألة حساسة تتطلب التدقيق والتقصي والبحث في الأسانيد القانونية لهذه الأوامر، وفي القوانين والتجارب المقارنة".

وفسر الغابري أن "التقاضي مجلسي في الأصل، سينظر في هذه الملفات، وهو تقاضٍ على درجتين".

وحول المخاوف من وجود ضغوط في هذا الملف، أكد الغابري أنه "لم يرَ ضغوطاً، وأن الملف القضائي في حد ذاته مصدر ضغط"، موضحاً "حساسية الملف الذي يمثل ثقلاً من داخل الموضوع في حد ذاته، باعتباره ينظم الحياة السياسية ويتعلق بالمجتمع في هذه الفترة وبمصير الدولة"، بحسب توصيفه.

وكان الغابري قد فسّر في تصريح سابق لـ"العربي الجديد" مسار النظر في هذه الملفات، قائلاً: "بالنسبة إلى الطعون المتعلقة بالأمر الرئاسي عدد 80 فقد تقدمت في إطار إيقاف تنفيذ، طبقاً للفصول 39 و40 من قانون المحكمة الإدارية".

وعن مصير هذه القضايا، بيّن الغابري أن هذه الطلبات والشكايات "سينظر فيها الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في إطار ما يسمى القضاء الاستعجالي".

وأوضح الغابري "أن الإجراءات تستدعي مبدأ المواجهة بين الأطراف (الشاكي والمشتكى عليه) وبين المراسلات، وهي إجراءات تستوجب التمديد".

وأضاف المتحدث باسم المحكمة الإدارية: "هناك آليتان قضائيتان متصلتان واحدتهما بالأخرى، الأولى آلية توقيف تنفيذ القرارات، والثانية آلية إلغائها"، موضحاً أن القاضي الإداري الأصلي المتعهد بالقضايا ينظر في قرار الإلغاء، وأما القاضي الإداري الاستعجالي، فينظر في إيقاف التنفيذ".

وحول اختصاص المحكمة الإدارية في إيقاف قرارات الرئيس أو عدمه، أكد الغابري أن "الإقرار باختصاص المحكمة الإدارية أو عدمه يبت فيه القضاء الإداري، الذي لا يمكن استباق أعماله وجلساته"، بحسب تفسيره.

وشدد على أن "القاضي الإداري (المتعهد) سينظر في مدى شرعية الأمر الرئاسي عدد 80، كما سينظر في إعلان الحالة الاستثنائية، وفي مسألة اختصاص القضاء الإداري (في هذا المجال باعتباره سابقة)".

أحزاب تونسية تستنكر تواصل انفراد سعيد بالسلطة

وفي سياق الرفض المتواصل لانقلاب الرئيس التونسي، اعتبرت أحزاب "الجمهوري" و"التكتّل من أجل العمل والحريات" و"التيار الديمقراطي"، أن سيعد بصفته "رئيس السلطة القائمة" "قد خرج عن الدستور بتعليقه فعليا عبر الأمر 117 ليسند لنفسه سلطة لم يعرفها تاريخ تونس من قبل".

واستنكرت الأحزاب الثلاثة في بيان مشترك، اليوم الأحد، ما ورد في كلمة سعيد عند استقبال وزير داخليته، توفيق شرف معتبرة أن "كلمته الأخيرة التي كانت كعادتها مشحونة بالتوتر وحاشدة بالاتهامات لمعارضيه بما يعمق الانقسام داخل المجتمع ويؤكد النزعة التسلطية ويشجع خطاب الإسفاف والتشويه وهتك الأعراض المنتشر لدى مسانديه في وسائل التواصل والإعلام".

وبينت أن "الانقسام الداخلي وإضعاف المؤسسات وشل عملها وضرب أسس النظام الديمقراطي التشاركي هو الذي يضعف الدولة ويعرض سيادتها واستقلال قرارها إلى المخاطر".

وعبرت الأحزاب الثلاثة بحسب البيان نفسه عن "قلقها من الضبابية المتعلقة بقانون المالية التعديلي لسنة 2021 في ما يتعلّق بتعبئة الموارد ومن التأخير الكبير في إصدار قانون المالية لسنة 2022"، مؤكدة أنه "لا يمكن تعبئة الموارد ولا خلق النمو في ظل الضبابية والإجراءات الاستثنائية".

وقالت إن "الانفراد بالحكم أفضى إلى انتهاج تعيينات قائمة فقط على الولاء والانخراط في مشروع الرئيس الهلامي دون اعتبار للكفاءة كما أكدته قائمة الولاة الأخيرة مما يهدد عمل الدولة ونجاعتها ويكرس عقلية الانتهازية والغنيمة والتملق ويعمق الهوة بين الدولة ومواطناتها ومواطنيها".

وبينت الأحزاب أن "إدارة الدولة لا يمكن أن تكون بترديد الشعارات في غياب تام لأي رؤية أو برنامج عمل.. بعد انفراد السيد قيس سعيد بكل السلطات"، مشددة على "حاجة تونس إلى الخروج من الحالة الاستثنائية والتراجع عن خرق الدستور لتنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية عميقة تمنع الانهيار الذي يتهددها".

المساهمون