بداية مبكرة لـ"معركة الزيتون" مع الاحتلال والمستوطنين

بداية مبكرة لـ"معركة الزيتون" مع الاحتلال والمستوطنين

07 أكتوبر 2020
حريق أشعله المستوطنون اليوم في أشجار زيتون قرب قرية دير بلوط (Getty)
+ الخط -

لا يصطحب المزارعون الفلسطينيون الذين بدأوا التوجه إلى أراضيهم لقطف ثمار الزيتون للموسم الحالي معهم معدات القطاف وحسب، بل يهيئون أنفسهم لمواجهة أصعب مع قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين معاً، الذين ينفذون هجمات مخططة بهدف إفشال الموسم الذهبي بالنسبة للفلسطينيين، وهذا تماماً ما جرى اليوم الأربعاء، في بلدتي حوارة جنوب نابلس، ودير بلوط غرب سلفيت، الواقعتين شمال الضفة الغربية المحتلة. 

في حوارة، أصيب عدد من المواطنين الفلسطينيين برضوض جسدية وبالاختناق بالغاز، بعد هجوم مباغت تعرض له المزارعون من المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، وفي دير بلوط أحرق مستوطنون عشرات أشجار الزيتون. 

قال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، لـ"العربي الجديد": "إن نحو ستة من الأهالي أصيبوا بجروح مختلفة جراء هجوم شنه أكثر من ثلاثين مستوطناً على المزارعين خلال عملية قطف ثمار الزيتون في حوارة، في اليوم الأول من حملة (فزعة) التي تستهدف إسناد أصحاب الأراضي في موسم الزيتون". 

وما كاد المزارعون والناشطون يصلون إلى أراضيهم الواقعة في منطقة "جبل اللحف" في حوارة، حتى هاجمهم مستوطنون، بعضهم كان يحمل سلاحاً وهراوات، بعد أن أتوا من مستوطنة "يتسهار" المقامة على قمة الجبل، فاندلع اشتباك من نقطة الصفر.

ولفت دغلس إلى أن "جيش الاحتلال، كالعادة، تدخّل لصالح المستوطنين، حيث أطلق الجنود وابلاً من قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية باتجاه المواطنين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بحالات اختناق، وعولجوا ميدانياً".

لم يكتفِ المستوطنون بذلك، بل عمدوا إلى إضرام النار في عدد من أشجار الزيتون قبل مغادرتهم المكان. ولفت دغلس إلى أن هذا هو الهجوم الثالث خلال يومين الذي يستهدف قاطفي الزيتون في جنوب نابلس، ما يؤشر إلى أن الأيام القادمة ستشهد اعتداءات ممنهجة من المستوطنين. 

هجوم أشدُ عنفاً من المستوطنين، تعرضت له أيضًا بلدة دير بلوط غرب سلفيت حيث أحرق أولئك المستوطنون نحو ستين شجرة زيتون مثمرة، قبل أن يصل إليها أصحابها لجني المحصول. 

ونُقل عن رئيس بلدية دير بلوط يحيى مصطفى، قوله: "إن المستوطنين أضرموا النار في حقول الزيتون في الأراضي الواقعة شرق بلدة دير بلوط بالمنطقة المسماة (اسير دير سمعان)، القريبة من المنطقة الأثرية التي تحمل الاسم ذاته، وسيطر عليها الاحتلال رسمياً قبل أقل من شهر". 

"فزعة 2020" 

وأعلن اليوم الأربعاء، رسمياً عن انطلاق حملة "فزعة"، لمساندة المزارعين في موسم القطاف، وهي من أهم التقاليد الاجتماعية التي يمارسها الشعب الفلسطيني في الأرياف منذ مئات السنين، حتى أصبحت جزءاً من الهوية الفلسطينية الجمعية. 

وأشار مدير مركز أبحاث الأراضي محمود الصيفي، وهو أحد القائمين على الفكرة، إلى أن "فزعات الزيتون عززت روابط المحبة والتعاضد والتكاتف الاجتماعي والاقتصادي بين الفلسطينيين في الماضي، لكنها اليوم لعبت دوراً كبيراً في حماية المزارعين من هجمات المستوطنين، خاصة في المناطق المهددة بالمصادرة أو القريبة من المستوطنات". 

وأوضح الصيفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذا الموسم يأتي في ظروف استثنائية في ظل جائحة "كورونا" من جهة، وتعاظم الهجمات من عصابات المستوطنين، الذين يحاولون استغلال غياب حملات التضامن الدولية التي كانت تنظم كل عام بمشاركة المئات من المتطوعين الأجانب، الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى فلسطين بسبب تبعات فيروس كورونا. 

كما لفت إلى أن "القائمين على حملة فزعة سيجتهدون لأن يصلوا إلى كل شبر من الوطن، وخاصة في المناطق التي تشهد هجمات دائمة، مثل جنوب نابلس والخليل وسلفيت وقلقيلية". 

أوامر عسكرية تستهدف موسم الزيتون 

بالتزامن، كشف النقاب أخيراً عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أصدر 63 أمراً عسكرياً بإغلاق مناطق وأراضٍ مزروعة بالزيتون، بمساحة 3000 دونم، في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، تزامناً مع انطلاق موسم قطف الزيتون. 

وحملت الأوامر العسكرية توقيع قائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول 2020، وجاءت بعنوان "إغلاق منطقة – منع الدخول والمكوث". 

وأرفقت الأوامر العسكرية بخرائط وصورٍ جويةٍ تبين مواقع الأراضي المستهدفة بهذه الأوامر، وجلها أراضٍ مزروعة بالزيتون، ما يعني أنها استهداف واضح وجلي لموسم الزيتون الحالي، فيما أوضحت بنود الأوامر العسكرية أن بدء سريانها يكون من تاريخ توقيعها ولغاية تاريخ اليوم الأخير من العام الجاري. 

ستسهل الأوامر العسكرية الطريق للمستوطنين في الوصول إلى حقول الزيتون الفلسطينية وسرقة ثمارها وتكسيرها بعد ذلك

وبيّن تقرير بحثي أعدته وحدة نظم المعلومات الجغرافية في مركز أبحاث الأراضي، أن الأوامر العسكرية استهدفت الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون في مناطق متفرقة من محافظات الخليل، بيت لحم، رام الله، نابلس بالضفة الغربية. 

وحسب وحدة نظم المعلومات الجغرافية في مركز أبحاث الأراضي، فقد أشارت الأوامر إلى اعتبار هذه الأراضي كأنها جزء من أراضي المستعمرات أو تابعة لها كمنطقة، أو منطقة دالة لتحديد موقع الأراضي المستهدفة بأوامر الإغلاق. 

وتدعي الأوامر العسكرية أنها تستثني حاملي التصاريح الصادرة عن سلطات الاحتلال بالدخول إلى تلك الأراضي المستهدفة، في حين أن الاحتلال لا يعطي تلك التصاريح إلا بعد مكابدة، ولعدد قليل من أصحاب الأراضي. 

وأطلقت الأوامر الجديدة أيدي جنود الاحتلال لأجل تنفيذ هذه الأوامر، من حيث منع دخول المزارعين إلى هذه الأراضي وإخراج الموجودين فيها فوراً، ومنحت جنود الاحتلال أحقية استخدام "القوة المعقولة" لتطبيق بنود هذه الأوامر. 

ويتضح من هذه الأوامر العسكرية أن سلطات الاحتلال باتت تتربص بموسم قطف الزيتون، لثني المزارعين عن الوصول إلى أراضيهم، وستسهل الأوامر العسكرية الطريق للمستوطنين في الوصول إلى حقول الزيتون الفلسطينية وسرقة ثمارها وتكسيرها بعد ذلك. 

المساهمون