العلاقات الروسية الأميركية في عهد بايدن أكثر قابلية للتنبؤ

العلاقات الروسية الأميركية في عهد بايدن أكثر قابلية للتنبؤ

02 مايو 2021
علقت واشنطن منح التأشيرات الأميركية للروس بموسكو (ألكسندر شيرباك/Getty)
+ الخط -

على مدى الـ100 يوم الأولى من رئاسة سيد البيت الأبيض جو بايدن، عاشت العلاقات الروسية الأميركية توجهات متباينة، تراوحت بين زيادة التنسيق في مجال مراقبة الأسلحة، وتمديد معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية النووية ("ستارت-3")، وبين تصعيد بايدن لهجته تجاه نظيره الروسي فلاديمير بوتين ووصفه بأنه "قاتل"، وفرض عقوبات جديدة على روسيا، وتعليق منح التأشيرات الأميركية للروس بموسكو، وغيرها من الخطوات التصعيدية.
ومع ذلك، ثمة مؤشرات تظهر أن العلاقات الروسية الأميركية في عهد بايدن أصبحت أكثر قابلية للتكهن والاستقرار، مقارنة بما كانت عليه خلال ولاية سلفه دونالد ترامب، حين كانت رغبة الأخير في تحسين العلاقات تصطدم برفض "الإستبلشمنت" الأميركي لأي تطبيع مع الكرملين.

يعتبر يفغيني فاليايف أنه يتعين على موسكو وواشنطن وضع قواعد بناء العلاقات بينهما

ويعتبر المحلل السياسي في صندوق "الدبلوماسية الشعبية" لتطوير مؤسسات المجتمع المدني بموسكو، يفغيني فاليايف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن العلاقات الروسية الأميركية في عهد بايدن "أصبحت أكثر قابلية للتنبؤ، ما سيساعد في وضع قواعد اللعبة على الساحة الدولية وتحديد الخطوط الحمر التي لا يمكن تجاوزها". ويقول فاليايف إنّ "الأيام الـ100 من حكم بايدن غيرت أموراً كثيرة في العلاقات الروسية الأميركية". ويلفت إلى أنه "في عهد ترامب، كنا نسمع كلاماً إيجابياً عن روسيا وبوتين، ولكن على أرض الواقع كان يتم فرض عقوبات جديدة مرة تلو الأخرى، ولم يكن هناك وضوح كيف يمكن تغيير ذلك في ظل إجماع على معاداة روسيا في الولايات المتحدة والتفاف الكونغرس على رأي الرئيس".
وحول رؤيته لكيفية تحقيق استقرار العلاقات الروسية الأميركية وآفاقها في عهد بايدن، يعتبر فاليايف أنه "يتعين على موسكو وواشنطن وضع قواعد بناء العلاقات بينهما، وتحديد الخطوط الحمر التي ستكون هناك ردود أفعال في حال تجاوزها". ويضيف أن "بايدن يملك فريقاً قوياً للغاية، ما يعني أن واشنطن ستعود لأداء دور ناشط على الساحة السياسية الدولية. وهذا هو الإختلاف بين بايدن وترامب، الذي كان له توجه نحو عزل بلاده عن العالم".

وفي ما يتعلق بموقف روسيا من هذا التحول في السياسة الأميركية، يقول فاليايف إن "مثل هذه السياسة لا تصب في مصلحة موسكو، التي تدعو إلى إقامة عالم متعدد الأقطاب، بلا مهيمن عالمي أو شرطي واحد منفرد. لكن إذا لم تكن موسكو هي العدو الرئيسي، فيمكن القبول بذلك، إذ نرى أن الولايات المتحدة تركز اليوم على الصين التي تصبح الهدف الرئيسي للسياسة الخارجية الأميركية، وحتى أغلبية موظفي وزارة الخارجية يتولون تحليل الشؤون الصينية لا الروسية كما كان الحال عليه سابقاً. وإذا كان ترامب يحارب الصين في المجال التجاري فقط، فإن قضايا تايوان وهونغ كونغ والإيغور وغيرها من القضايا الحساسة قد تزداد حدة في عهد بايدن". ويلفت إلى أنه "من مصلحة موسكو ألا يحدث تفاهم بين واشنطن وبكين لأطول فترة ممكنة حتى يزداد الاستقطاب بين الكتلتين الجديدتين، أي الولايات المتحدة وحلفاؤها من جهة، وروسيا والصين وإيران والدول التي تنضم إليهم من جهة أخرى"، ما سيفتح لموسكو مجالاً للمناورة بين واشنطن وبكين.

من مصلحة موسكو ألا يحدث تفاهم بين واشنطن وبكين لأطول فترة ممكنة
 

وخلال الفترة الأخيرة أثيرت تساؤلات كثيرة حول إمكانية عقد أول لقاء بين بوتين وبايدن ومكان حدوث ذلك. وفيما أعربت النمسا عن استعدادها لاستضافة مثل هذا اللقاء في فيينا، فقد عرضت فنلندا أيضاً استضافة القمة على أراضيها. وفي الوقت الذي دعا فيه بايدن بوتين إلى عقد الاجتماع، أكد الكرملين أنه يدرس الأمر. ويتوقع فاليايف أن يشهد أول لقاء بين بوتين وبايدن مناقشة للخطوط الحمر التي لن يتجاوزها الطرفان لعدم تعقيد الأوضاع الدولية، بما في ذلك ما يتعلق بالوضع في منطقة دونباس الواقعة شرق أوكرانيا، وهجمات القراصنة المتكررة على مؤسسات وشركات أميركية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل طرف، وآفاق التعاون في مجال المناخ ونزع السلاح، والاتفاق النووي الإيراني.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف أشار، أول من أمس الجمعة، إلى أن الكرملين كان يتوقع نتائج أفضل من ذلك في الأيام الـ100 الأولى من حكم بايدن، مقراً، في الوقت ذاته، بإنجاز "التمديد الفعلي لمعاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، ستارت-3". 
وبدأت العلاقات الروسية الأميركية تتدهور في مارس/آذار الماضي، حين أجاب بايدن في مقابلة تلفزيونية بالإيجاب عن سؤال عما إذا كان يعلم أن بوتين "قاتل"، بينما استدعت موسكو سفيرها لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنطونوف، والذي لم يعد إلى واشنطن حتى الآن. وفي منتصف إبريل/نيسان الماضي، قرر بايدن فرض عقوبات جديدة على روسيا شملت أكثر من 30 شخصاً وكياناً، وطرد عشرة دبلوماسيين روس من واشنطن، وهي خطوة قررت موسكو الرد عليها بالمثل، إذ طردت عشرة دبلوماسيين أميركيين. ومع ذلك، دعت روسيا، على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، واشنطن إلى "تصفير" الحرب الدبلوماسية التي بدأت في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، مشددة على أن العلاقات بين البلدين كانت عادت إلى طبيعتها في حال كان الأمر يعتمد على موسكو وحدها.

المساهمون