ما وراء خروج بايدن عن المألوف والتوتير المفاجئ لعلاقته مع بوتين

ما وراء خروج بايدن عن المألوف والتوتير المفاجئ لعلاقته مع بوتين

18 مارس 2021
الاحتقان الأميركي تجاه الكرملين مزمن في الموضوع الانتخابي(فرانس برس)
+ الخط -

ينظر الأميركيون عموماً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكثير من التوجس والنفور وحتى الكراهية، خصوصاً في الكونغرس وأجهزة الاستخبارات. يشمل ذلك الديمقراطيين والجمهوريين ما عدا الرئيس السابق دونالد ترامب وبطانته المقربة. مع ذلك كان مفاجئاً أن يصنّفه الرئيس جو بايدن خلال مقابلة معه أمس، بأنه "قاتل". فمثل هذا الاتهام الخطير غير مسبوق صدوره عن البيت الأبيض ضد سيد الكرملين وبهذا الشكل المكشوف. وغالب الظن أن صاحب خيار الدبلوماسية في التعامل مع الشؤون الخارجية، خرج عن لغة هذا الخيار عندما وقع على ما يبدو في فخ السؤال الصحافي وتسرّع بالجواب وفي لحظة غير مواتية.

جاء توصيف بايدن هذا لنظيره الروسي في سياق الرد على تقرير صدر مؤخرا عن الجهات الاستخباراتية الأميركية، مفاده أن الرئيس بوتين "فوّض" أجهزته المعنية "بنشر معلومات مضللة ومشوِّهة لسمعة بايدن" في انتخابات الرئاسة الأخيرة، "خدمة لترامب" وبغرض "زعزعة ثقة الأميركيين بالانتخابات". مجيء هذه المعلومات على خلفية ما سبق وأكدته هذه الجهات عن "التدخل الروسي في انتخابات 2016 لصالح ترامب "، أدى إلى قنبلة بايدن التي فجّرت أزمة مبكرة مع موسكو ردت عليها هذه الأخيرة باستدعاء سفيرها في واشنطن. ولم تكشف الإدارة حتى الآن عما إذا كانت تنوي الرد على موسكو بالمثل.

الاحتقان الأميركي تجاه الكرملين مزمن في الموضوع الانتخابي. والقناعة في واشنطن قاطعة أن موسكو تدخلت "وما زالت" في الانتخابات. خصوصا بعدما كشف تقرير المحقق الخاص روبرت مولر في مارس 2019، الكثير من بصماتها ولو أنه لم يحسم بجرميتها. والآن يأتي التقرير الأخير ليصب الزيت على نار التدخل وليفاقم الخلافات بين البلدين.

القناعة في واشنطن قاطعة أن موسكو تدخلت "وما زالت" في الانتخابات

وما أثار الاستغراب أن يفجّر الرئيس بايدن قنبلته عشية مؤتمر موسكو حول الوضع في أفغانستان، والذي تشارك فيه الإدارة الأميركية بشخص المبعوث الخاص للملف الافغاني السفير زلماي خليل زاد، الذي وصل إلى هناك مع احتدام المشكلة التي كانت خارج الحسبان. فالمفترض أن تركيز البيت الأبيض محصور في الوقت الراهن في العلاقات مع الصين، والتي تنعقد غدا الخميس وعلى مدى يومين، شبه قمة بشأنها في ولاية آلاسكا الأميركية بين وزيري الخارجية يرافقهما مستشارو الأمن القومي لكلا البلدين.

 كما كان الاعتقاد أن الملف الأفغاني لا يقل أهمية بالنسبة للإدارة، وذلك بحكم اقتراب الموعد الحاسم للانسحاب الأميركي الموعود في الأول من مايو/أيار القادم. وقد أعربت الإدارة عن أهمية مؤتمر موسكو وترحيبها بأي دور دولي يساعد وبالذات الروسي، في تسويق تأجيلها المرجح للانسحاب في هذا الموعد. وربما هي امتنعت حتى الآن عن الرد على استدعاء السفير الروسي كي لا يؤدي ذلك إلى تصعيد ينسف احتمالات المؤتمر الذي تحتاج واشنطن إلى أي دعم روسي ‘يجابي من خلاله.

وهنا ثمة تساؤل عما إذا كان بايدن قد فاته الانتباه إلى توقيت تهمته ضد بوتين الذي تؤشر ردة فعله عليها بأنه ينوي "الثأر" قدر المستطاع. فاستدعاء السفير خطوة غير عادية ولا تحصل بخفّة بين موسكو وواشنطن. والرئيس بايدن ليس بحاجة الآن إلى أزمة اضافية ولو أن العلاقات متوترة ومنذ فترة مع موسكو. ولذلك حرص كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية في لقائهما الصحافي أمس، على التذكير بأن الإدارة عازمة على مواصلة التعاون مع موسكو في القضايا المشتركة "التي تخدم المصالح الأميركية". أي التي تتلاقى حولها مصلحة الجانبين. لكن هذا التطور زاد من تعكير مجرى مثل هذا التلاقي.