الشرطة والجيش الأميركيان يواجهان مثيري شغب من داخل صفوفهما بعد اقتحام الكابيتول

الشرطة والجيش الأميركيان يواجهان مثيري شغب من داخل صفوفهما بعد اقتحام الكابيتول

15 يناير 2021
تحذيرات سابقة من اختراق متطرفين لسلطات إنفاذ القانون (جون مور/Getty)
+ الخط -

لقد أقسموا على الخدمة والحماية، ولكن بعد أسبوع من اقتحام متطرفين مبنى الكابيتول، تحقق إدارات الشرطة والفروع العسكرية في جميع أنحاء أميركا في تقارير عن أن بعض أفرادها كانوا بين مثيري الشغب.

من آشلي بابيت، المقاتلة السابقة في سلاح الجو التي قُتلت بالرصاص بينما كانت تحاول شق طريقها نحو قاعة مجلس النواب، إلى المتقاعدين من العسكريين الاحتياطيين في القوات الجوية وضباط الجيش والشرطة من سياتل إلى نيويورك، ظهرت تقارير عن مشاركة أفراد شرطة خارج الخدمة وجنود سابقين في أعمال الشغب.

سلطت التقارير الضوء على تهديد حذر خبراء منه منذ فترة طويلة، لكن بدون جدوى إلى حد كبير، ألا وهو التطرف وتسلل نزعة تفوق البيض إلى صفوف قوات الأمن الأميركية.

ولفت مسؤول أميركي كبير الخميس إلى إن الجيش الأميركي شهد زيادة في التطرف على مدار العام الماضي لكنه لم يقدم بيانات عن نطاق تلك الزيادة.

وذكر المسؤول للصحافيين طالبا عدم نشر اسمه "أرى أنه توجد زيادة (داخل الجيش) قياسا إلى الزيادات (المسجلة) داخل المجتمع" مشيرا إلى أن الزيادة ترجع أيضا إلى ارتفاع عدد البلاغات عن التطرف داخل الجيش.

من جانبه، قال داريل جونسون، محلل الاستخبارات الذي عمل في وزارة الأمن الداخلي من 2004 إلى 2010: "لقد أهملنا هذا التهديد طوال عشر سنوات. تجاهلناه، قللنا من أهميته وغضضنا الطرف عنه. لقد احتضنت هذه الإدارة في الواقع هؤلاء الأشخاص وعاملتهم على أنهم مميزون".

وقال كريستيان بيتشوليني، الذي كان من المتعصبين للبيض في وقت ما ويعمل الآن مع مشروع "فري راديكالز بروجكت" على إعادة المتطرفين عن تطرفهم، إنه لم يفاجأ بوجود بعض رجال الشرطة والجيش السابقين في 6 كانون الثاني/يناير بين مثيري الشغب الذين سعوا لقلب نتائج الانتخابات.

وقال بيتشوليني: "لطالما سعى المتعصبون البيض للتسلل إلى أجهزة إنفاذ القانون والجيش وغيرها من أجل تجنيد مؤيدين لهم فيها".

وتشمل المخاوف شرطة الكابيتول المسؤولة عن تأمين المبنى، فقد أوقف العديد من الشرطيين عن العمل، ويجري التحقيق مع حوالى 12 منهم بعد تقارير عن التقاط صور "سيلفي" مع مقتحمي الكابيتول ومقاطع فيديو يبدو أنها تُظهرهم وهم يسهلون للمتظاهرين دخول المبنى.

في عام 2006، نشر مكتب التحقيقات الفدرالي تقريرًا عن تسلل الجماعات المؤمنة بتفوق العرق الأبيض إلى أجهزة إنفاذ القانون، وفي عام 2009 أصدرت وزارة الأمن الداخلي تحذيرًا أعده داريل جونسون بشأن تسللهم إلى صفوف الجيش.

في المرتين، لم تلق التحذيرات إلى حد كبير آذاناً صاغية.

تشمل المخاوف شرطة الكابيتول المسؤولة عن تأمين المبنى، فقد أوقف العديد من الشرطيين عن العمل، ويجري التحقيق مع حوالى 12 منهم بعد تقارير عن التقاط صور "سيلفي" مع مقتحمي الكابيتول ومقاطع فيديو يبدو أنها تُظهرهم وهم يسهلون للمتظاهرين دخول المبنى

وقالت فيدا جونسون، أستاذة القانون المشاركة في جامعة جورجتاون: "عندما صدر تقرير عام 2006، كان ذلك بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر مباشرة، ولم يرغب أحد في التركيز على الإرهاب المحلي".

أما بالنسبة للتحذير الثاني في عام 2009، فقالت إن "إدارة أوباما الجديدة لم يكن لديها رأس المال السياسي للتصدي لذلك، لا سيما مع رئيس أسود".

وأضافت: "ها نحن هنا بعد 11 عامًا، ولم نتخذ أي خطوات ملموسة لإزالة العنصريين البيض من الشرطة أو الجيش".

تأجيج الغضب

المشكلة قائمة منذ فترة طويلة قبل إعلان دونالد ترامب ترشحه للرئاسة في عام 2015. لكن الخبراء يقولون إنه وفر منذ ذلك الحين منصة لمثل هذه الآراء المتطرفة، وهناك خط مستقيم بين خطابه وأعمال الشغب في مبنى الكابيتول.

وقالت ليسيا بروكس من مركز "ساذرن بافرتي لو سنتر" الذي يتعقب المجموعات التي تشجع على الكراهية، "إنه مسؤول بشكل مباشر عن ذلك. لقد دعا الجميع إلى مبنى الكابيتول ... وحملة أوقفوا السرقة (لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية) هي حملة تضليل متعمدة تهدف إلى تأجيج حنق الناس".

وأشارت فيدا جونسون إلى أن أقوى دعم يتلقاه ترامب يأتي من الرجال البيض، وهم الفئة السكانية نفسها المهيمنة في أجهزة الشرطة، ما يعني أنه "ليس من المفاجئ" أن تتداخل المجموعتان.

عند مواجهة المشكلة في الماضي، استشهدت بعض إدارات الشرطة بنقطة أخرى مفضلة لدى ترامب هي حرية التعبير.

وروى داريل جونسون أنه تواصل مع قسم الشرطة في عام 2017 عندما وجد خلال بحثه أن أكثر من 100 ضابط يعرّفون عن أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي باسم "حراس القسم" (أوث كيبرز)، وهي جماعة متطرفة معادية للحكومة من اليمين المتطرف معروفة بتجنيد أفراد في الجيش والشرطة.

وقال لـ"فرانس برس" إنهم قالوا له حينها إن هذه المنشورات تندرج تحت التعديل الأول للدستور حول حرية التعبير، على الرغم من تحذيره من أن ولاءهم لحراس القسم يمكن أن يعلو على ولائهم للشرطة.

روى داريل جونسون أنه تواصل مع قسم الشرطة في عام 2017 عندما وجد خلال بحثه أن أكثر من 100 ضابط يعرّفون عن أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي باسم "حراس القسم" (أوث كيبرز)، وهي جماعة متطرفة معادية للحكومة من اليمين المتطرف

واعترض خبراء آخرون على استخدام هذه الذريعة. وقالت هيذر تايلور، وهي محققة سابقة في جرائم القتل في سانت لويس والمتحدثة باسم الجمعية الأخلاقية للشرطة التي تحارب العنصرية في أقسام الشرطة: "إذا توليت هذه الوظيفة لحماية المواطنين، حتى لو كنت من مؤيدي ترامب، فإن مهمتك هي حماية جميع المواطنين".

فرصة للتطرف

الآن وقد حظيت المشكلة أخيرًا بالاهتمام، يدعو الخبراء إلى بذل جهود متجددة لمعالجتها.

وألقت تايلور باللوم في القسم الأكبر من المشكلة على نقابات الشرطة التي يقول بعض المراقبين إنها تحمي الضباط السيئين.

وقالت إن هذه النقابات "تواصل تعزيز الانقسام بين الشرطة والمجتمع"، داعية إدارات الشرطة إلى عدم التسامح إطلاقاً مع المنشورات العنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي، وإعطاء الضباط المتهمين إجازة غير مدفوعة الأجر أثناء إجراء أي تحقيق.

وأشارت فيدا جونسون أيضًا إلى نقابات الشرطة وكيف أنها تمنع الكشف للجمهور عن العديد من قضايا الإخلال بالانضباط، وقالت إنه يجب تحري خلفية الشرطيين ومواقفهم على نحو أفضل.

من جانبه، خشي داريل جونسون أن تكون أعمال الشغب في الكابيتول مجرد بداية فترة أكثر قتامة.

وقال: "ما حدث في مبنى الكابيتول هو فرصة لهذه الجماعات للتطرف والتجنيد. يعتقدون أن ما فعلوه هو شيء صالح وجيد. يعتقدون أنهم يدافعون عن وطنهم".

شكوى ضد الشرطة

وعلى صعيد آخر، قدمت المدعية الديمقراطية لولاية نيويورك، الخميس، شكوى ضد شرطة مدينة نيويورك لاستخدامها "القوة المفرطة" خلال الاحتجاجات ضد العنصرية بعد وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد.

وقالت المدعية ليتيسيا جيمس في بيان بعد التحقيق في أكثر من 1300 شكوى تلقاها مكتبها: "ما من شك في أن شرطة نيويورك استخدمت بشكل متكرر القوة المفرطة والوحشية وغير القانونية".

قدمت المدعية الديمقراطية لولاية نيويورك، الخميس، شكوى ضد شرطة مدينة نيويورك لاستخدامها "القوة المفرطة" خلال الاحتجاجات ضد العنصرية بعد وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد

وقالت إنه في الفترة من أيار/مايو إلى كانون الأول/ديسمبر 2020، قام شرطيو نيويورك "وعلى نحو صارخ" باعتقالات غير مبررة واستخدموا الهراوات ورذاذ الفلفل وتقنيات التطويق في مواجهة متظاهرين "مسالمين إلى حد كبير". واستشهدت بـ "155 حالة استخدم فيها شرطيون القوة المفرطة وغير المعقولة".

تستهدف الشكوى المسجلة في محكمة مانهاتن الفدرالية ديرموت شيا وتيرينس موناهان، وهما المسؤولان الرئيسيان في شرطة نيويورك التي تشكل أكبر قوة شرطة في الولايات المتحدة مع حوالى 35 ألف عنصر، ولكن أيضًا رئيس بلدية نيويورك الديمقراطي بيل دي بلاسيو، الذي هو رئيسهما، كما هي الحال في الولايات المتحدة. وتؤكد المدعية أنهم "لم يدربوا ولم يشرفوا ولم يوقفوا الشرطيين المتورطين في هذه الأعمال المؤذية".

ودعت إلى "إصلاحات بنيوية" وإلى تعيين مراقب "خارجي" للتحقق من إدارة التظاهرات في المستقبل.

ولم يعقب رئيس البلدية ومسؤولا شرطة نيويورك على الفور.

خلال احتجاجات أيار/مايو وحزيران/يونيو عندما تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص لعدة أيام في مانهاتن وبروكلين، تم تداول العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر تعامل الشرطة بخشونة أو انقضاضها على المتظاهرين السلميين. ولمرتين، تعرض قلب مانهاتن للنهب، ما دفع رئيس البلدية إلى فرض حظر تجول.

أدى التعامل مع الاحتجاجات إلى تفاقم مشاعر عدم الثقة تجاه الشرطة التي يقول البعض إنها ساهمت في الارتفاع الحاد في جرائم القتل في نيويورك في عام 2020، إذ زادت بنسبة 40 في المائة مقارنة بعام 2019.

لكن نقابة الشرطة القوية التي تحمل اسم جمعية الشرطة الخيرية دحضت هذه الانتقادات وشجبت الفوضى التي أحدثها المتظاهرون، علماً أن رئيس الجمعية شارك في حملة إعادة انتخاب ترامب.

وتعرض العديد من عناصر الشرطة البلدية لانتقادات بعد وفاة جورج فلويد في مينيابوليس خنقًا على يد شرطي أبيض. وردد العديد من المتظاهرين في أنحاء الولايات المتحدة شعار "أوقفوا تمويل الشرطة" مقابل دعوة ترامب وأنصاره إلى إعادة "النظام والقانون".

 

(فرانس برس)