التيار الصدري في العراق يعتمد اسماً جديداً: هل يعود زعيمه للسياسة؟

التيار الصدري في العراق يعتمد اسماً جديداً: هل يمهّد زعيمه للعودة للعمل السياسي؟

12 ابريل 2024
من تظاهرة لأنصار الصدر في ديسمبر دعماً لمقاطعة الانتخابات المحلية (قاسم الكعبي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مقتدى الصدر يغير اسم التيار الصدري إلى "التيار الوطني الشيعي"، مما يعكس توجهاً جديداً قد يؤثر على المشهد السياسي العراقي، في خطوة تأتي بعد فشل "الإطار التنسيقي" في إدارة الدولة وتهدف لتوسيع قاعدته الشعبية.
- التغيير يثير جدلاً واسعاً دون توضيحات محددة من الصدر، لكن قيادات التيار تشير إلى أن الاسم الجديد يحمل أبعاداً وطنية وسياسية قد تؤثر على المشهد العراقي بأكمله وتمهد لعودة الصدر للساحة السياسية.
- ردود فعل متباينة على التغيير، بين ترحيب يعتبره تحدياً لـ"الإطار التنسيقي" وانتقادات ترى في التركيز على الهوية الطائفية مصدراً لتعميق الانقسامات، مع توقعات بتشكيل تحالفات جديدة قد تغير البنية السياسية العراقية.

أثار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية العراقية عقب استبداله اسم "التيار الصدري" بـ"التيار الوطني الشيعي"، وسط تأكيدات أن توجه الصدر سيلقي بظلاله على المشهد السياسي العراقي، في حين رأى سياسيون ومراقبون أن الخطوة تمثل مشروعاً سياسياً جديداً، وأن الصدر استفاد من فشل "الإطار التنسيقي" بإدارة الدولة. ويأتي ذلك فيما تتردد أنباء وتصريحات عن إمكانية عودة التيار إلى العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما يخشاه تحالف "الإطار التنسيقي" الذي استفاد من اعتزال الصدر واستطاع تشكيل الحكومة الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني. وحملت وثيقة مذيلة بتوقيع الصدر، بتاريخ أمس الأول الأربعاء، تسمية "التيار الوطني الشيعي" كبديل عن تسمية تيار الصدر السابقة بـ"التيار الصدري".

ولم يصدر عن الصدر أي توضيح أو تعليق على خطوته هذه وتوقيتها، وما إذا كانت تمثل بداية للعودة إلى العمل السياسي وخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة أم لا. وفي السياق، رأى القيادي في تيار الصدر علي التميمي أن التسمية ستلقي بظلالها على المشهد السياسي في البلاد، وقال في تدوينة له على موقع "إكس": "لم تكن تسمية التيار الصدري مُقنعة للقائد الصدر، ففي كلامه ولقاءاته من بعد التغيير كان يقول: (ما يسمونه التيار الصدري)، وهذه دلالة على عدم رضاه على هذه التسمية، فهو يعتقد أن آل الصدر ليس للصدريين فقط، بل للعراق والعراقيين جميعاً"، مؤكداً أن "إطلاق تسمية التيار الوطني الشيعي لها أبعاد وطنية واجتماعية وسياسية ستُلقي بظلالها على المشهد العراقي برمته".

من جهته، أكد نائب سابق عن تيار الصدر لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "اختيار التسمية وتوقيتها جاء من قبل الصدر حصراً"، مبيناً أن "التسمية تستوعب القواعد الشعبية للتيار التي تتسع بشكل مستمر، ولا شك أن لها أبعاداً سياسية، وخصوصاً أن الكثيرين من المنتمين للإطار التنسيقي بدأوا بالتخلي عنه والتواصل مع تيار الصدر سعياً للاندماج معه"، ولم يستبعد أن "تكون خطوة الصدر بداية لعمل سياسي مقبل، إلا أن ذلك سيكون بقرار من الصدر حصراً دون غيره"، مؤكداً أن "الأخير يسعى دائماً لمصلحة الشعب، وأنه يتعرض لوساطات ومحاولات من أطراف سياسية تريد الانشقاق عن الإطار والاندماج مع التيار".

من جهته، رحب النائب عن القوى الكردية هوشيار عبد الله بما سماها "عودة الصدريين"، وقال في تدوينة له على موقع إكس: "أُرحب بعودة الصدريين، أتفهم سر تسمية تيارهم الجديد باسم (التيار الوطني الشيعي)، كنوع من التحدي للإطار التنسيقي، رغم أنني ضد التسميات بالهويات الفرعية التي اعتمدت بعد 2003، وساهمت في تفكيك الهوية العراقية الجامعة لصالح هذه الهويات الفرعية، فأهلاً بعودة التيار الوطني".

أمّا رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري، فعدّ الخطوة بداية لتشكيل تحالف جديد، وقال: "أطروحة الصدر للتيار الوطني الشيعي جاءت بعد فشل الإطار التنسيقي الشيعي وحكومته في إدارة الدولة، وهي خطوة أولى جامعة للقوى والشخصيات السياسية الشيعية الرافضة لمنهج الإطار التنسيقي"، مؤكداً أن الخطوة "بداية لتأسيس تحالف (وطني) ببرنامج تنفيذي تشريعي بعيد عن التركيبة الحالية بكل شخصياتها.. كأنه (الصدر) يقول وفق أدبياته العقائدية (ومن تخلّف لم يبلغ الفتح)".

وأثارت تسمية "الشيعي" ردود فعل على صفحات التواصل الاجتماعي، وقوبلت بانتقادات من قبل ناشطين ومدونين. وقال الناشط السياسي فراس إلياس: "لم تكن الوطنيات الفرعية يوماً بديلاً عن الوطنية العراقية. الوطنية مفهوم ثابت لا يقبل التجزئة، وأن محاولة جعلها مرادفاً للطائفة، يسمح للآخرين بإعادة تعريف الوطنية ضمن منظورهم الطائفي أيضاً، وبالتالي فإن هذا تحدياً آخر يواجه الهوية العراقية حول أولوية الطائفة والمواطنة في العراق".

وكان الصدر قد وجه تصريحات سياسية أخيراً، إذ أثنى في منتصف مارس/ آذار المنصرم على ما سماه بـ"تماسك" تياره ووحدته منذ انسحابه من البرلمان في أغسطس/ آب 2022، بعدما حاز مقاعد هي الأكبر بين القوى السياسية، فيما أثنى على القواعد الشعبية للتيار الملتزمة معه. واعتزل الصدر العمل السياسي وسحب نواب كتلته "الصدرية" من البرلمان (76 مقعداً من أصل 329)، في أغسطس/ آب من عام 2022، بعد سلسلة أحداث كبيرة بدأت بتظاهرات لأنصار التيار، انتهت باشتباكات داخل المنطقة الخضراء في بغداد مع فصائل مسلحة منضوية تحت هيئة "الحشد الشعبي"، وهو ما منح تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى سياسية حليفة لإيران فرصة تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، ومن ثم تشكيل الحكومة، والعمل على توسيع نفوذها على حساب النفوذ الصدري.