الصدر يعلن اعتزال العمل السياسي "بشكل نهائي" ويغلق كافة مؤسساته

29 اغسطس 2022
يأتي إعلان الصدر بعدما وصلت العملية السياسية بالعراق لطريق مسدود (قاسم الكعبي/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلن زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، الذي يعتصم المئات من أنصاره منذ نحو شهر داخل المنطقة الخضراء، للمطالبة بحل البرلمان والتوجه نحو انتخابات جديدة، اعتزاله العمل السياسي بشكل نهائي، وإغلاق المؤسسات المرتبطة بالتيار، فيما حاول أنصاره عبور البوابة الرئيسة للقصر الجمهوري.

وفي بيان له ردا على المرجع كاظم الحائري، الذي أصدر ليلة أمس الأحد بيانا أعلن فيه اعتزاله وانتقاده بشكل ضمني مقتدى الصدر، بوصفه غير مؤهل للاجتهاد، قال الصدر: "يظن الكثيرون، بمن فيهم السيد الحائري، أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم.. كلا إن ذلك بفضل ربي ومن فيوضات الوالد الذي لم يتخل عن العراق وشعبه".

وأضاف الصدر: "على الرغم من استقالته (الحائري)، فإن النجف هي المقر الأكبر للمرجعية، وما أردت إلا أن أقوم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية باعتبارها الأغلبية، وما أردت إلا أن أقربهم إلى شعبهم وأن يشعروا بمعاناته".

وتابع "على الرغم من تصوري أن اعتزال المرجع (الحائري) لم يكن بمحض إرادته، وما صدر من بيان عنه كان كذلك أيضا، إلا أنني قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية، فإنني الآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر"، وقال "الكل في حل مني، وإن مت أو قتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء".

التيار الصدري يمنع على أتباعه التدخل في جميع الأمور السياسية

من جهته، أصدر المكتب الخاص لزعيم "التيار الصدري" توجيهات لأتباع التيار، مؤكدا في بيان "يمنع منعاً باتًا التدخل في جميع الأمور السياسية والحكومية والإعلامية ورفع الشعارات والأعلام والهتافات السياسية واستخدام أي وسيلة إعلامية بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي باسم التيار".

كما أعلنت لجنة تنظيم احتجاجات التيار انتهاء عملها، مؤكدة في رسالة وجهتها الى المعتصمين، أن التكليف انتهى بعد اعتزال الصدر.

أما النائب السابق عن "التيار الصدري"، صباح الساعدي، فقد أكد في تغريدة له، أن "الشعب مصدر السلطات، وله القول الفصل".

وأغلقت حسابات مرتبطة بـ"التيار الصدري" على "تويتر" ومنها صفحة المقرب من الصدر أو ما يسمى بـ"وزير الصدر"، إلا أن صفحات مرتبطة بالتيار على تطبيق "تيلغرام"، دعت إلى توافد أنصار التيار نحو المنطقة الخضراء، كما جابت سيارات تستخدم مكبرات الصوت مدينة الصدر شرقي بغداد، تدعو المواطنين إلى التوجه نحو المنطقة الخضراء.

توافد المئات من أتباع الصدر إلى المنطقة الخضراء

وتوافد المئات من أتباع الصدر الى المنطقة الخضراء، من مناطق العاصمة بغداد المختلفة، وسط محاولات لاقتحام مبنى القصر الجمهوري، واستخدم الأمن العراقي خراطيم المياه لتفريق أنصار الصدر الذين حاولوا اقتحام المبنى.

ووسط أجواء مرتبكة تسود العاصمة بغداد، أقدمت قوات الأمن على قطع جسر الجمهورية المؤدي الى المنطقة الخضراء، ومن ثم قامت بإغلاق المنطقة الخضراء بشكل كامل، وسط انتشار أمني غير مسبوق.

كما دعت قيادة العمليات المشتركة، المتظاهرين الى الانسحاب الفوري من داخل المنطقة الخضراء، وقال بيان للعمليات المشتركة، إن "القوات الأمنية تدعو المتظاهرين الى الانسحاب الفوري من داخل المنطقة الخضراء"، مؤكدة أنها "التزمت أعلى درجات ضبط النفس والتعامل الأخوي لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي".

وأضافت أن "القوات الأمنية مسؤوليتها حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية والأملاك العامة والخاصة"، مشيرة إلى أن "التعاطي مع التظاهرات السلمية يتم من خلال الدستور والقوانين، وأن القوات الأمنية ستقوم بواجبها في حماية الأمن والاستقرار".

وأكد الباحث في الشأن السياسي العراقي، علي البيدر، أن تصعيد أنصار التيار له عدة أسباب، مبينا في تغريدة له، "سوف تكون هناك خطوات تصعيدية خشية من مصير مشابه لمصير متظاهري تشرين، وقد تكون ورقة ضغط على الصدر لثنيه عن العدول عن قرار الاعتزال، وقد يكون التصعيد بعد إشارة مبطنة من الصدر بذلك".

رئاسات العراق تدعو لجولة جديدة من الحوار الوطني

في غضون ذلك، دعا رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة والقضاء إلى عقد جولة جديدة من الحوار الوطني، الأسبوع الحالي، لبحث ومناقشة الأزمة الحالية، مطالبين التيار الصدري بالحضور.

وجاء ذلك بعد عقد الرؤساء، اليوم الاثنين، اجتماعاً في قصر السلام ببغداد، للبحث بإيجاد مخرج وحل للأزمة السياسية التي يشهدها العراق.

وقال بيان صدر عقب الاجتماع، إن رئيس الجمهورية برهم صالح استضاف، اليوم، اجتماعاً ضم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، لبحث المستجدات على الساحة الوطنية، مشيراً إلى أن الاجتماع أكد على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديمقراطي والدستوري، وأن "الحوار البنّاء هو الطريق السليم لإنهاء كل الخلافات الحالية حفاظاً على مقدرات البلاد".

وأكد البيان دعم دعوة رئيس الوزراء لعقد جولة جديدة من الحوار الوطني الأسبوع الحالي لبحث ومناقشة الأفكار والمبادرات التي تخص حل الأزمة الحالية، مجددا دعوة "التيار الصدري" للمشاركة في جلسة الحوار.

وشدد المجتمعون على "التقدير العالي لطروحات الإصلاح على كل المستويات وتطوير عمل المؤسسات المختلفة ومحاربة الفساد، وضرورة أن يأخذ الحوار الوطني مداه لمناقشة كل ما من شأنه ترجمة تطلعات شعبنا الكريم إلى واقع فعلي".

ودعا المجتمعون كل القوى الوطنية إلى "تحمّل المسؤولية في الظرف الحالي الذي تعيشه البلاد، بما يشمل اعتماد التهدئة على كل المستويات وإيقاف التصعيد السياسي، بما يسمح بمناقشة مثمرة للحلول الآنية المطروحة، ومناقشة الوضع السياسي العام، وتحسين بيئة العلاقات بين القوى السياسية المختلفة على قاعدة المصلحة الوطنية العليا، وعلى أساس مقتضيات الإصلاح بمستوياتها العديدة".

كما دعا الاجتماع إلى "الإيقاف الفوري للتصعيد الإعلامي الحالي، والذي يؤثر سلباً على مصالح البلد، ويثير القلق بين الناس"، بحسب البيان.

يجري ذلك في وقت وصلت فيه الأزمة العراقية إلى ذروتها، بعد تعطل الحلول السياسية وعدم القدرة على فتح الحوار بين زعيم "التيار الصدري"، الذي يعتصم أنصاره منذ نحو شهر داخل المنطقة الخضراء، وسط بغداد، وتحالف "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران، والذي يعتصم أنصاره عند بوابة المنطقة الخضراء.

والأسبوع الماضي، فشلت جلسة الحوار التي عقدها رئيس الوزراء العراقي بعدما قاطعها "التيار الصدري"، وحضرها قادة تحالف "الإطار التنسيقي" فقط، ولم تتمخض عنها أي نتائج.

ولا يثق زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر بأي توجه نحو الحوار، معتقدا بأن خصمه "الإطار التنسيقي" يسعى لاستغلال أي فرصة للظفر بتشكيل الحكومة الجديدة، وعندها يقطع الطريق أمام الصدر لأي محاولة للتوجه نحو ما يريده من إعادة الانتخابات البرلمانية.

المساهمون