التهديد والتخوين.. سلاحا نظام الأسد لإحباط احتجاجات السويداء

التهديد والتخوين.. سلاحا نظام الأسد لإحباط احتجاجات السويداء

18 فبراير 2022
احتجاجات السويداء أربكت النظام (العربي الجديد)
+ الخط -

أربكت الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء، جنوبي سورية، أخيراً، النظام السوري، ما دفعه إلى محاولة تهديد الأهالي عبر إرسال المزيد من التعزيزات إلى المحافظة ومحيطها، وتخويفهم من عودة تنظيم "داعش" إلى المنطقة من جهة، واتهام المتظاهرين بالعمالة للخارج ولإسرائيل على وجه التحديد من جهة أخرى، لا سيما بعد دخول "رئيس الطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة" موفق طريف على خط الاحتجاجات، وهو ما دفع بمنظميها إلى التريث في مواصلتها، ريثما تتم إعادة ترتيب أوراقهم، بغية تفويت الفرصة على النظام الذي يحاول حرف الاحتجاجات عن مسارها وتهديد أو تخوين القائمين عليها.

ومع ذلك، تجمع اليوم، الجمعة، عشرات المحتجين أمام ضريح سلطان باشا الأطرش في بلدة القريّا، جنوب السويداء، استجابة لدعوة منظمي الحراك الاحتجاجي، للتنديد بسياسات النظام التي أدت لتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

التلويح بـ"داعش"

ولفت موقع "السويداء 24" المحلي إلى أنّ نظام الأسد حذر أهالي السويداء من هجمات محتملة من تنظيم "داعش"، بعد تعزيزات عسكرية وأمنية أرسلها النظام إلى محيط المحافظة بحجة صد هذه الهجمات المزعومة، والتي يتزامن الحديث عنها مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بوقف التدهور المعيشي وتأمين الحد الأدنى من العيش الكريم للمواطن.

وبحسب الموقع، فإنّ ممثلين عن قوات النظام الأمنية التقوا مع بعض الوجهاء في السويداء، لإبلاغهم بوجود مخاوف من تجدد نشاط خلايا "داعش" في البادية، وقالوا إن "قوى الأمن" قد تنشر نقاط تثبيت في المنطقة خلال الأيام المقبلة، من أجل "حماية السكان من خطر داعش".

وأضاف الموقع أنه ورغم انتشار قوات النظام في مساحات واسعة من بادية السويداء، منذ طرد "داعش" في أواخر عام 2018، لم تظهر هذه المخاوف إلا بعد ثلاث سنوات، وتحديداً في وقت تشهد فيه المحافظة حراكاً احتجاجياً مطلبياً، يبدو أنه أربك حكومة النظام التي لم تعد تملك أي شيء لتقدمه سوى الحلول الأمنية.

وفي مدينة السويداء، لا تزال التعزيزات تنتشر عند الطرق الرئيسية، خصوصاً في مداخل المدينة، ومحيط المراكز الأمنية، والدوائر الحكومية، لكن لم يتم حتى الآن تثبيت نقاط تفتيش جديدة. 

محافظ السويداء: أطعموا الجيش

ولفت ناشطون إلى عدم قدرة النظام على تحمل نفقات التعزيزات الأمنية التي أرسلها، لذلك طلب محافظ السويداء نمير مخلوف (قريب رئيس النظام) "ودياً" من بعض التجار دعم قوى الأمن المُنتشرة.

وتبرع تاجران معروفان بنحو 400 سلة غذائية لإطعام عناصر الحملة، الذين لم يمنع انتشارهم الواسع اللصوص من سرقة ثلاث سيارات داخل المدينة، وفق ما ذكرت شبكات محلية.

ونقلت شبكة "السويداء" أنّ مخلوف طلب من أعضاء غرفة التجارة في السويداء التواصل مع كل من يملك سجلاً تجارياً للتبرع، مهددّاً بسحب السجل التجاري من أي تاجر لا يتبرع للجيش الذي وصفه بأنه "منهك ومتعب ويحتاج للمساعدة ويعاني من أوضاع صعبة كالفقر والجوع".

وأضافت الشبكة أنّ الأهالي رفضوا طلب النظام، وحثوه على تلبية مطالبهم الاقتصادية والأمنية بعدما تحولت المحافظة إلى مرتع لتجارة المخدرات والجريمة والفساد تحت أعين النظام والمليشيات المحلية التابعة له، وفق الشبكة.

وتنتشر منذ أيام في الساحات والشوارع الرئيسية لمدينة السويداء قوات تتبع لـ"الدفاع الوطني"، وقوى أخرى ما بين عناصر المهام الخاصة والأجهزة الأمنية، مدججة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بذريعة أنّ الحملة العسكرية التي وصلت إلى السويداء تهدف إلى اجتثاث عصابات الخطف والسلب المنتشرة هناك، علماً أنّ كثيراً من أفراد تلك العصابات يحملون بطاقات أمنية، وتربطهم علاقات مع كبار ضباط الأجهزة الأمنية في السويداء ودمشق.

النظام يرفع ورقة "الوطنية"

وإضافة إلى هذه التحركات والتهديدات الأمنية، يحاول النظام أيضاً اللعب على ورقة "الوطنية" واتهام منظمي الاحتجاجات بالعمالة لإسرائيل على ضوء التحركات التي قام بها، أخيراً، من يدعى "رئيس الطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة" موفق طريف، الذي زار موسكو، خلال اليومين الماضيين، ودعا قبل ذلك إلى تدويل "قضية السويداء" وطرحها أمام المحافل الدولية.

وتحدثت بعض وسائل الإعلام القريبة من النظام عما سمته "دعماً إسرائيلياً لانفصال السويداء".

ورأى الصحافي سمير رضوان، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "هذه التداخلات، إضافة إلى رغبة المحتجين في عدم التصادم مع قوات النظام وقواته الأمنية المنتشرة في المحافظة، هي التي دفعت المحتجين إلى التريث في تصعيد الاحتجاجات، بغية تفويت الفرصة على خطط النظام لتشويه سمعة المحتجين واتهامهم بتنفيذ أجندات خارجية".

وأضاف رضوان أنّ المحتجين يسعون أيضاً إلى إعادة صياغة مطالبهم بعدما اختلطت المطالب المعيشية والاقتصادية بالمطالب السياسية التي تنادي بإسقاط النظام. 

وكان المحتجون في المحافظة قد طالبوا في الأيام الأولى من احتجاجاتهم بالعدالة الاجتماعية وتحسين الوضع المعيشي وإعادة الدعم لكل المواد الأساسية، لكن في الواقع هناك مطالب أخرى مطروحة بقوة داخل السويداء، أهمها موضوع المتخلفين عن الخدمة العسكرية في قوات النظام. 

وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أنّ عدد الشبان المتخلفين عن الخدمة العسكرية يزيد عن 40 ألف شاب، نصفهم ما زالوا داخل البلاد.  

وحاول النظام خلال السنوات الماضية الحصول على دعم الفاعليات المحلية من أجل إقناع المتخلّفين عن الخدمة بالالتحاق بقوات النظام، لكن جهوده لم تسفر عن نتائج تذكر.

ويرى رضوان أنّ النظام "يحاول بأي شكل امتصاص الاحتجاجات عبر التخويف والتهديد تارة، وعبر التخوين والاتهامات بالعمالة تارة أخرى، دون أن تكون في جعبته أي حلول حقيقية تتعلق بتلبية مطالب المحتجين، والتي هي جزء من مطالب بقية السوريين". 

وبشأن دخول موفق طريف على خط الاحتجاجات، قال رضوان إنّ "أحداً في السويداء لم يكلّفه بالتحدث باسمهم، وبغض النظر عن دوافعه، فإنه لم تكن لأهالي السويداء في أي يوم مطالب انفصالية أو شاذة عن مطالب مجمل السوريين المطالبة بالعدالة والحرية والكرامة".