تعليق احتجاجات السويداء: الكرة في ملعب النظام السوري

تعليق احتجاجات السويداء: الكرة في ملعب النظام السوري

13 فبراير 2022
تزيد قرارات النظام صعوبة الأوضاع المعيشية (فرانس برس)
+ الخط -

بدت الحياة في مدينة السويداء، جنوبي سورية، شبه طبيعية، أمس السبت، والحركة جيّدة في أسواقها، بعدما كانت المدينة قد شهدت منذ يوم الأحد الماضي، وحتى أول من أمس الجمعة، تجمعات احتجاجية، رداً على سوء السياسات الاقتصادية للنظام، ورفع الدعم عن مواد أساسية.

وأُعلن مساء الجمعة عن تعليق الاحتجاجات، وإعطاء مهلة للنظام لتلبية المطالب الشعبية، في وقت رصدت فيه "العربي الجديد" انتشاراً أمنياً كثيفاً في مركز المدينة وساحاتها العامة، إضافة إلى مداخلها الرئيسية.

وأصدر المحتجون بياناً، قالوا فيه "إننا كمنظمين لهذا التحرك الشعبي السلمي المحق، ونتيجة للمباحثات في مجلس الحراك، قرّرنا إعطاء مهلة لتنفيذ قرارات أهلنا المحقة ضمن دولة القانون والمؤسسات، لا دولة الفساد والمفسدين".

منح منظمو الاحتجاجات مهلة للنظام لتنفيذ قرارات الأهالي

وأضافوا: "هدفنا كرامة الشعب بالدرجة الأولى، وما ينطوي تحت ذلك من العيشة الكريمة التي لا يشوبها الذل والهوان، وذلك بناء على توجيهات من الهيئة الروحية". وتابعوا: "هذا لا يعني أننا توقفنا عن حراكنا الشعبي، فنحن مستمرون، ولكن لن نسمح لأحد بأن يفوّت علينا هذه الوقفة لغايات ومقاصد نحن لا نسعى لها، وبعد هذه المهلة يتم التعامل بحسب معطيات الواقع. نحن صنّاع القرار".

جملة من المطالب لمحتجي السويداء 

وأفادت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، بأن "عدداً من المنظمين للحراك الشعبي السلمي التقوا يوم الجمعة شيخ عقل الموحدين الدروز الأول حكمت الهجري، وتباحثوا معه في تطورات الأوضاع نتيجة الحراك الشعبي، والحملة العسكرية الكبيرة التي وصلت إلى المحافظة، وانتهى الاجتماع بتحميل الهجري جملة من المطالب التي طالب بها المحتجون لإيصالها إلى ممثلي النظام، وانتظار ما قد يتخذه النظام من إجراءات خلال الفترة المقبلة".

ولفتت المصادر إلى أن "منظمي الاحتجاجات قد يجددون الدعوة لتنفيذ وقفات احتجاجية في حال عدم التجاوب"، مبينة أنهم "لا يعتبرون الوقوف في الشارع هو الهدف الرئيسي، بل إيصال أصوات الناس إلى مراكز القرار، برفض القرارات الاقتصادية التي نالت من أبسط الاحتياجات المعيشية اليومية".

تراجع أمام السلطة أم موقف عقلاني؟

وتضاربت المواقف في الشارع بالسويداء من قرار توقف الاحتجاجات. واعتبرها البعض تراجعاً أمام السلطة، كما قال مجد. ع، لـ"العربي الجديد"، معتبراً أن "السلطة لا يمكن أن تستجيب لمطالب الشارع إلا عبر الضغط عليها، وهذا لا بد أن يكون عبر استمرار الاحتجاجات وتوسيع مشاركة الناس، والأهم مشاركة مواطنين من محافظات ومناطق أخرى".

ورأى مجد.ع، أن "السويداء نجحت عبر تماسكها الداخلي من وضع حدّ للاعتقال التعسفي منذ عام 2014، وبدعم رئيسي من حركة رجال الكرامة".

وأدى ذلك، بحسب قوله، إلى "استنكاف عشرات آلاف الشباب عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية ضمن قوات النظام، وكذلك استقبال نحو 18 ألف عائلة سورية من مختلف المناطق السورية ليعيشوا بأمان داخلها، إلا أن الأفرع الأمنية في السويداء جنّدت عصابات من أبناء المحافظة لارتكاب أعمال الخطف والسلب، وإثارة الرعب، ما شوه سمعة السويداء أمام السوريين".

ورأى أن ذلك "دفع الكثير من العائلات النازحة لمغادرة المحافظة، وحتى عندما كانوا يلجؤون إلى السلطة، كان يتم دفعهم إلى أزلامهم من أفراد العصابات، ليتم ابتزازهم من الخاطفين ودفع عشرات الملايين كفدية، تحت ضغط فيديوهات وصور تعذيب للضحايا".

طالب مواطنون بعدم الرضوخ للسلطة، فيما رأى آخرون أن الخيارات قليلة أمام النظام لتحسين الأوضاع

في المقابل، وصف مواطنون آخرون تعليق الاحتجاجات بالموقف العقلاني. وشدّد حسن. ح، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "المشكلة اليوم هي أن خياراتنا قليلة، فعندما خرجنا نطالب بحقوق الناس، كان أول من هاجمنا هو ما يسمى بجمهور المعارضة، الذي اعتبر أن الناس خرجت من جديد بسبب الجوع، وأنهم هم فقط من خرج من أجل الحرية، متناسين الكثير من الحقائق والتاريخ".

وتابع أن "جمهور ما يسمى موالاة، هاجمنا أيضاً، واتهمنا بالطائفية والعمالة والعمل على الفدرالية أو الانفصال، وأننا نستغل ضعف الدولة". ولفت إلى أن "السلطة لا تمتلك القدرة على إيجاد حلول، حتى إن هناك أشخاصا محسوبين عليها، بدأوا يحمّلون حلفاءهم من روسيا وإيران مسؤولية انفجار الشارع وعدم قدرة الدولة على تلبية احتياجات الناس".

وأضاف حسن. ح: "لقد أوصلنا مطالبنا إلى النظام، وأهالي السويداء حافظوا على محافظتهم بعيداً عن المقتلة السورية العبثية وتدخّل الدول وإثارة الفوضى، ولن نأتي اليوم لكي نعيد دوامة العنف التي حدثت في عام 2011، خصوصاً أن النظام اليوم لا يمتلك سوى العنف، وهو عاجز عن إيجاد حلول اقتصادية للسوريين، لكن بالمقابل هناك على ما يبدو توافق دولي على بقائه، لذلك يهمنا الحصول على المزيد من المكتسبات التي تعين الناس على تأمين احتياجاتهم المعيشية".

ولفت حسن. ح إلى أن "الوضع لا يحتمل المزيد من الفوضى، ولكن سيبقى الشارع خياراً للتعبير عن أوجاع الناس وبشكل سلمي".

ونبّه السلطة "التي لا تزال تقبض على مؤسسات الدولة ولا تسمح للمجتمع بالمشاركة في إدارة شؤونه وإيجاد حلول لمشاكله والمساهمة، بوقف الفساد الذي يستشري في مفاصل مؤسسات الدولة، مع ضعف الرواتب وغلاء المعيشة وغياب المساءلة، وهذه مطالب أساسية".

وكانت السويداء قد شهدت منذ نحو أسبوع حتى أول من أمس، احتجاجات سلمية، رفعت شعارات وطنية جامعة مثل "الدين لله والوطن للجميع"، إضافة إلى مطالب اقتصادية تهدف إلى تأمين العيش الكريم للمواطنين.

وتخلل الاحتجاجات قطع طرقات داخل المحافظة، أهمها الطريق الواصل بين السويداء والعاصمة دمشق، في حين لم تسجل أي حالة صدام أو عنف خلالها، على الرغم من استقدام النظام تعزيزات عسكرية كبيرة من عناصر المهام الخاصة من دمشق.