التحالف المسلح لإسقاط حكومة أبي أحمد: تصعيد ما قبل الحوار؟

التحالف المسلح لإسقاط حكومة أبي أحمد: تصعيد ما قبل الحوار؟

05 نوفمبر 2021
ممثلون عن المجموعات المسلحة خلال التوقيع على التحالف في واشنطن اليوم (Getty)
+ الخط -

دخلت إثيوبيا منعطفاً تصعيدياً جديداً، اليوم الجمعة، مع تشكيل تسع جماعات، على رأسها "جبهة تحرير شعب تيغراي" و"جيش تحرير أورومو"، تحالفاً لإسقاط حكومة أبي أحمد، إلا أنها تركت الباب مفتوحاً أمام التفاوض للوصول إلى هذا الأمر، أو استخدام القوة، وهو ما ينذر بحرب واسعة، خصوصاً بعدما استبقت الحكومة هذا الأمر متعهدة بمواصلة القتال، في رفض واضح للدعوات الدولية لوقف إطلاق النار.
وتشكل التحالف في الوقت الذي واصل فيه المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان اجتماعاته مع كبار المسؤولين الحكوميين في أديس أبابا، وسط دعوات لوقف فوري لإطلاق النار، وإجراء محادثات لإنهاء الحرب التي أودت بحياة آلاف الأشخاص منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. وكتب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تغريدة، اليوم الجمعة، أن "الصراع في إثيوبيا يجب أن ينتهي، ويجب أن تبدأ مفاوضات سلام على الفور دون شروط مسبقة سعياً لوقف إطلاق النار". وفي إطار المخاوف من تصعيد أكبر في الحرب، نصحت السفارة الأميركية في أديس أبابا جميع المواطنين الأميركيين بمغادرة إثيوبيا في أقرب وقت ممكن، معتبرة أن "الوضع الأمني في إثيوبيا غير واضح تماماً". وأعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، في تغريدة، أنه على طرفي الصراع في إثيوبيا الاتفاق على وقف إطلاق النار. وقالت: "لا يوجد حل عسكري، ولا بد من إجراء مفاوضات لتجنب إراقة الدماء وتحقيق سلام دائم". وأضافت: "من المهم لطرفي الصراع الاتفاق على وقف لإطلاق النار والسماح بوصول المساعدات إلى الناس الذين يعانون من الجوع".

بلينكن يدعو لبدء مفاوضات سلام فوراً دون شروط مسبقة

وأعلنت "جبهة تحرير تيغراي" و"جيش تحرير أورومو"، اليوم الجمعة، تحالفهما ضد الحكومة إلى جانب سبع حركات أخرى أقل شهرة ونطاق وجودها غير مؤكد. والجماعات الأخرى الموقعة على اتفاق التحالف هي: "جبهة وحدة عفار الثورية الديمقراطية"، و"حركة آغاو الديمقراطية"، و"حركة تحرير شعب بني شنقول"، و"جيش تحرير شعب غامبيلا"، و"حركة العدالة والحق للشعب الكيماني العالمي/ حزب كيمانت الديمقراطي"، و"جبهة سيداما للتحرير الوطنية"، و"مقاومة الدولة الصومالية". وهناك مجموعة من الفصائل لديها مقاتلون مسلحون، لكن ليس من الواضح إن كانت جميعها كذلك.
وأعلن التحالف، الذي أطلق عليه اسم "الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية"، في مؤتمر صحافي في واشنطن اليوم، أنه يعتزم حل حكومة أبي أحمد سواء بالقوة أو بالمفاوضات ثم تشكيل حكومة انتقالية. وأشار إلى أن التشكيل جاء "استجابة للأزمات التي تواجه البلاد" و"لعكس الآثار السلبية لسلطة أبي أحمد على شعوب إثيوبيا"، معتبراً أنه من "الضروري العمل معاً وتوحيد الجهود من أجل عملية انتقال" في إثيوبيا. ويبدو أن هذا التحالف الجديد يعكس رغبة "جبهة تحرير تيغراي" في إظهار حصولها على دعم في مناطق أبعد من تيغراي. وكانت الجبهة قد شكّلت تحالفاً مع مجموعات إثنية وجغرافية أخرى في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، قبل إطاحة الرئيس منغيستو هايلي مريم في العام 1991.

من جانبه، أكد النائب العام الإثيوبي يديون تيموثيوس ثقته التامة بأن المتمردين لا يحظون بدعم اجتماعي على الأرض، واصفاً التحالف بأنه "حيلة دعائية"، مشدداً على أن بعض هذه المجموعات "ليست لديها قاعدة شعبية"، وقال إن لدى بعض الجماعات سجلاً حافلاً من "التطهير العرقي".
ودعت وزارة الدفاع متقاعدي الجيش إلى الانخراط مجدداً في صفوفه "لحماية البلاد من مؤامرة تهدف إلى تفكيكه"، وحددت مهلة للتسجيل حتى 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي. وكانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت، أمس الخميس، أنها أوشكت على الانتصار في حربها ضد "جبهة تحرير تيغراي"، وتعهدت بمواصلة القتال، في رفض واضح للدعوات الدولية لوقف إطلاق النار. وكتب مكتب اتصالات الحكومة الإثيوبية على "فيسبوك"، بعد تقدم المسلحين نحو العاصمة، أن "هذه ليست دولة تنهار تحت الدعاية الأجنبية! نحن نخوض حرباً وجودية".
وما زال تأثير التحالف الجديد على الصراع غير مؤكد. وقال الكاتب والباحث الإثيوبي موسى شيخو، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "المجموعات التي توافقت عبارة عن خليط من حركات مسلحة وسياسية، وغالبيتها، مثل تلك التابعة للأورومو، موجودة في أميركا، فيما في الداخل هناك جبهة تحرير تيغراي". وأوضح أن "هذا التحالف يشبه ذلك الذي كان في العام 1991، لكنه أشار إلى أن "الوقت الآن يختلف عن السابق، إذ إن أبي أحمد لديه مناصرون كثر، خصوصاً من الأمهرة، بالإضافة إلى الأورومو، ومن المواطنين". وأضاف "في الميدان، يواصل الطرفان حشد الجماهير من أجل القتال"، لكنه شدد على أن "اجتياح أديس أبابا لن يكون سهلاً، كما أن هناك صعوبات أمام الطرفين لحسم المعركة. ما يتبقى هو الضغط الدولي لحث الطرفين على التفاوض. إن الغرب حريص على أن ينتهي الأمر بشكل سلمي، وألا يتم الدخول إلى أديس أبابا بقوة السلاح". واعتبر أن "التصعيد يأتي قبل الجلوس حول طاولة المفاوضات للتوصل إلى تهدئة".

موسى شيخو: التصعيد يأتي قبل الجلوس حول طاولة المفاوضات

من جهته، قال رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية ياسين أحمد بقعاي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "التحالفات في الخارج لن تؤثر على الوضع داخل البلد"، مشيراً إلى أن "الشعب سيسقط أي تمرد، لأن التحول الديمقراطي أصبح خياره". واعتبر أن ما تقوم به "جبهة تحرير تيغراي" عبارة عن "محاولات يائسة لممارسة ضغوط سياسية"، مشدداً على أن "الجبهة محاصرة عسكرياً وسياسياً". وأشار إلى أن دخول الأميركيين بقوة على خط الوساطة، والمطالبة بوقف إطلاق النار، يأتي بعد تغير موازين القوى في الميدان لمصلحة القوات الحكومية، لافتاً إلى أنهم كانوا يعتقدون أن "جبهة تحرير تيغراي" ستتمكن من تغيير المعادلة على الأرض.
بدوه، قال كبير محلّلي الشؤون الإثيوبية في مجموعة الأزمات الدولية وليام دايفيسون، لوكالة "رويترز": "بعد عام من الحرب، وصل الصراع الإثيوبي إلى مرحلة خطيرة جداً، ولم يظهر أي طرف بوادر تراجع". وتوقع أن يكون هناك رد فعل عنيف إذا استولت قوات تيغراي وأورومو على العاصمة. وقال: "قد تشن منطقة أمهرة تمرداً صريحاً إذا فرضت قوات تيغراي وجيش تحرير أورومو سيطرتهما على أديس أبابا. فسكان أمهرة ليسوا غاضبين فقط من جبهة تحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو فحسب، ولكن أيضاً من القادة الاتحاديين لأنهم تركوا (أمهرة) مكشوفة (بدون دفاع)". وقال دبلوماسيون إقليميون، لوكالة "رويترز"، إن التهديدات بالزحف إلى أديس أبابا قد تكون مناورة لإجبار أبي أحمد على الدخول في مفاوضات أو التنحي عن السلطة.
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

المساهمون