تزايد الضغوط الدولية لوقف الحرب في إثيوبيا

تزايد الضغوط الدولية لوقف الحرب في إثيوبيا

05 نوفمبر 2021
يجب على الإثيوبيين، بموجب الطوارئ، حمل بطاقات الهوية (إدواردو سوتيراس/فرانس برس)
+ الخط -

يدور سباق في إثيوبيا بين الوساطات، التي تهدف لإجلاس جميع الأطراف حول طاولة حوار، ووقف التصعيد بين القوات الحكومية وقوات "جبهة تحرير شعب تيغراي"، وذلك بعد مصادقة البرلمان الإثيوبي على تطبيق حالة الطوارئ، وإعلان الجبهة أنها "تعاونت" مع جماعة مسلحة أخرى، "جيش تحرير أورومو"، للاستيلاء على مدينة كيميس القريبة من العاصمة.
واستبق البرلمان الإثيوبي وصول المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان إلى أديس أبابا، بالمصادقة، أمس الخميس، على تطبيق حالة الطوارئ في البلاد لمدة 6 أشهر. ولم ترد المتحدثة باسم رئيس الوزراء الإثيوبي بيلين سيوم عندما سئلت عما إذا كان أبي أحمد سيجتمع بفيلتمان، الذي أصر، أخيراً، على أن "هناك العديد من الطرق لبدء محادثات متعقّلة".
ومع صلاحيات الاحتجاز الواسعة الجديدة التي تسمح بها حالة الطوارئ، قال سكان من عرقية تيغراي في العاصمة لـ"أسوشييتد برس" إنهم يختبئون في منازلهم خوفاً بسبب قيام السلطات بعمليات تفتيش للمنازل وتوقيف الناس في الشوارع للتحقق من بطاقات الهوية، والتي يجب على الجميع حملها الآن.

تعاون بين قوات تيغراي و"تحرير أورومو" للسيطرة على كيميس

في هذا الوقت، أعلن المتحدث باسم قوات تيغراي، غيتاتشو رضا، في تغريدة، مساء الأربعاء الماضي، أنهم "تعاونوا" مع جماعة مسلحة أخرى، "جيش تحرير أورومو"، للاستيلاء على مدينة كيميس القريبة من العاصمة. وقال إن "العمليات المشتركة ستستمر في الأيام والأسابيع المقبلة". وتعهد بتقليل الخسائر البشرية خلال محاولة السيطرة على أديس أبابا. وقال: "لن نتعمد إطلاق النار على المدنيين ولا نريد إراقة الدماء. نأمل أن تكون العملية سلمية إذا أمكن".
وفي حين اعتبر الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، في بيان، أن الافتقار إلى الحوار "كان مقلقاً بشكل خاص"، انتقدت وزارة الخارجية الكينية دعوة رئيس الحكومة أبي أحمد المواطنين إلى الانتفاض و"دفن" قوات تيغراي. كما عززت كينيا الأمن على طول حدودها وسط مخاوف من موجة فرار للإثيوبيين من الحرب مع توسع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وكشف وزير الدولة الأوغندي للشؤون الخارجية أوكيلو أوريم، أمس الخميس، أن الرئيس يوويري موسيفيني دعا إلى عقد اجتماع لزعماء دول تكتل شرقي أفريقيا في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي لبحث الصراع في إثيوبيا. وقال، لوكالة "رويترز"، إن "موسيفيني على اتصال برئيس الوزراء أبي أحمد بشأن الوضع الراهن في إثيوبيا، وعبّر عن قلقه إزاء رفض جماعة تيغراي الانخراط في مفاوضات والتوصل لوقف لإطلاق النار. لذلك فإننا قلقون".
ودعا الاتحاد الأوروبي، على لسان المتحدثة باسمه نبيلة مصرالي، إلى وقف فوري لإطلاق النار في إثيوبيا. وقالت مصرالي إن المفوضية تحث على "إطلاق حوار وطني شامل في إطار الدستور الإثيوبي، من أجل تعزيز المصالحة الوطنية". وأضافت، في بيان: "يؤكد الاتحاد مجدداً أنه لا يوجد حل عسكري (للصراع) ويدعو جميع أطراف النزاع إلى تنفيذ وقف إطلاق نار ذي مغزى بأثر فوري والمشاركة في مفاوضات سياسية دون شروط مسبقة". وجددت الدعوة إلى "الانسحاب الكامل والفوري للقوات الإريترية من الأراضي الإثيوبية".

وقالت الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد) إنه يتعين على أطراف الصراع في إثيوبيا وقف الأعمال القتالية على الفور والسعي إلى وقف إطلاق النار. وحثت الأطراف على "التحلي بضبط النفس والعمل على خفض التصعيد والتوتر، وحل الخلافات عبر حوار وطني شامل ومصالحة بما يخدم مصالح البلاد والمنطقة".
وحذر الكاتب والصحافي أنور إبراهيم، في حديث مع "العربي الجديد"، من أن البلد دخل مرحلة صراع متطور لم تشهده إثيوبيا منذ عقود. وأوضح أن "هناك تحركات إقليمية ودولية لرأب الصدع، وهي قد تثمر عبر الضغط على الجانبين، وهذه التحركات تؤكد أنه لا بد من إجراء حوار لوقف الحرب". لكنه أشار في المقابل إلى أن "جبهة تحرير تيغراي" والحكومة رفضتا أي وقف للحرب، بالإضافة إلى رفضهما الوساطات. وحذر إبراهيم من أنه "ستكون لتواصل الحرب أضرار اقتصادية، وقد نشهد مجاعة، كانت الأمم المتحدة تحذر منها، بالإضافة إلى النزوح إلى دول الجوار. كما قد تفتح الباب أمام تدخلات إقليمية في البلد". واستبعد إبراهيم حصول تقسيم في البلد، موضحاً أن إثيوبيا عبارة عن أقاليم صغيرة، ولا يمكن لكل واحد العيش منعزلاً عن باقي الأقاليم.

إبراهيم: تواصل الحرب قد يفتح الباب أمام تدخلات إقليمية

وقال الكاتب والباحث في شؤون القرن الأفريقي عبد الشكور عبد الصمد، رداً على سؤال عن السيناريوهات المتوقعة في البلد: "الاحتمالات الواردة بحسب إعلان حال الطوارئ هي أن تستطيع القوات الحكومية صد هجوم قوات المعارضة، أو تنجح الوساطات ويجلس الجميع حول طاولة التفاوض. والاحتمال الثالث هو أن تتمكن قوات المعارضة من الفوز وتحقيق هدفها".
ورجح عبد الصمد، في حديث مع "العربي الجديد"، نجاح الخيار الثاني وهو الوساطة، بعد أن تستطيع القوات الحكومية وقف الهجوم، لكنه حذر من أن ما تريده أميركا عبر وساطتها ينتقص من سيادة حكومة أبي أحمد، موضحاً أن "الأميركيين يتحدثون باسم المعارضة، خصوصاً جبهة تحرير تيغراي، إذ يطالبون الحكومة المركزية بإعادة الأمور إلى ما قبل اندلاع الحرب قبل عام، والسماح بفتح أجواء إقليم تيغراي والسماح بهبوط وإقلاع الطائرات منه". وكانت القوات الإثيوبية بدأت قبل عام حرباً ضد إقليم تيغراي، بعد قرار السلطة هناك تحدي الحكومة من خلال المضي في إجراء الانتخابات الخاصة به. كما قررت الحكومة تقليص الأموال الفدرالية المخصصة للمنطقة، وهو ما عدّته "جبهة تحرير شعب تيغراي"، وقتها، بمثابة "عمل حرب". وقال عبد الصمد: "إذا خففت واشنطن من مطالبها وضغطها على الحكومة فقد تنجح في مساعيها". واعتبر أن "المجتمع الدولي أصبح طرفاً في الأزمة، إذ إنه يريد الضغط على الحكومة لتتنازل محلياً وإقليمياً. إذا لم يفرضوا شروطاً تعجيزية فقد ينجحون، أو البديل سيكون مواصلة الحرب". وشدد على أن قضية تقسيم البلد غير واردة لدى الإثيوبيين. وأضاف: "قد يتم التوصل إلى توافق عبر مفاوضات، أو تتغلب قوات المعارضة على الحكومة، كما حدث في العام 1991، حيث أسقطت "الجبهة الشعبية الديمقراطية الثورية" الإثيوبية العقيد سقوط منغستو هايلي مريام، بعد سيطرتها على أديس أبابا.
(العربي الجديد، الأناضول، أسوشييتد برس)