استعانة مصرية بفلسطينيين في "الحرب على الإرهاب" بسيناء

استعانة مصرية بفلسطينيين في "الحرب على الإرهاب" بسيناء

30 ابريل 2022
ينتقل المقاتلون الفلسطينيون عبر رفح إلى سيناء (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -

ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها عن مقتل فلسطيني من قطاع غزة، أثناء قتاله في سيناء. لكن الجديد في ذلك، مقتل أحد الفلسطينيين المنتمين إلى المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري، وليس في صفوف تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، كما كانت تسري شائعات خلال السنوات الماضية.

ورغم محاولة التغطية على مقتله، إلا أن النبأ تسرب للإعلام، إثر ضغوط من عائلة القتيل لنقل جثته إلى قطاع غزة، من أجل دفنها في مسقط رأسه.

واعتاد الإعلام المصري المحلي، خلال السنوات الماضية، نشر ما يدعي أنها معلومات متعلقة بوجود مقاتلين من غزة في صفوف تنظيم "داعش". 


الفلسطيني القتيل كان في مقدمة صفوف المقاتلين في قرية المقاطعة جنوب الشيخ زويد

إلا أن الإعلام ذاته لم يأتِ على ذكر مقتل الشاب الفلسطيني أحمد مثقال عياد من سكان رفح الفلسطينية، أثناء هجوم المجموعات القبلية على قرية المقاطعة جنوب مدينة الشيخ زويد، بمحافظة شمال سيناء.

وفي التفاصيل، قالت مصادر قبلية في مدينة الشيخ زويد، لـ"العربي الجديد"، إن عياد وصل منذ شهر إلى شمال سيناء، عبر معبر رفح البري، برفقة مجموعة من المقاتلين البدو من سكان مدينة رفح الفلسطينية المجاورة للحدود المصرية مع قطاع غزة.

دخول عياد تم بتنسيق من العرجاني

وأشارت المصادر إلى أن دخوله عبر المعبر تم بتنسيق مباشر من اتحاد قبائل سيناء، الذي يترأسه إبراهيم العرجاني، المعروف بصلته المباشرة بأجهزة الاستخبارات المصرية، وفي مقدمتها العلاقة الوطيدة بالقيادي في الاستخبارات ونجل الرئيس محمود عبد الفتاح السيسي.

وأوضحت المصادر أنه خلال المرة الأولى من سفرهم تم إرجاعهم من الجانب المصري للمعبر، إلا أنه بعد تدخل عالي المستوى جرى إدخالهم، لينتقلوا من المعبر إلى ساحة القتال في رفح والشيخ زويد، حيث انطلقت شرارة المعارك من جديد قبل شهر من الآن.

وأوضحت المصادر أن عياد كان في مقدمة صفوف المقاتلين في قرية المقاطعة، جنوب الشيخ زويد، ما أدى لمقتله في الأيام الأولى للهجوم على تلك القرية، إذ تصدى مسلحو "ولاية سيناء" لطلائع المجموعات القبلية، بتفجير عبوات ورصاص القناصة، ما أدى إلى خسارة المجموعات القبلية أكثر من 10 مقاتلين في غضون أيام.

استمرار قتال فلسطينيين مع القبائل

وأشارت إلى استمرار قتال عدد من الفلسطينيين في صفوف المجموعات القبلية، خصوصاً المنتمين إلى قبيلة الترابين، التي يتزعمها العرجاني، فيما يطمع المقاتلون في الحصول على مبالغ مالية وامتيازات للعمل في البوابة التجارية على معبر رفح البري، وكذلك في الممنوعات في شمال سيناء، خصوصاً المنطقة الحدودية بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال مصدر مسؤول في معبر رفح البري، إنه جرى التنسيق بين أجهزة المخابرات في المعبر لاستقبال جثة عياد، ونقله بواسطة إسعاف إلى الجانب الفلسطيني من المعبر، تمهيداً لتسليمه إلى أهله هناك، لدفنه في مسقط رأسه.

وأكد أن هناك اهتماما عالي المستوى بتسهيل دخول جثة القتيل عبر المعبر، في حين أن التنسيق لإدخال جثة أي فلسطيني متوفى في مصر يحتاج إلى 48 ساعة على الأقل، نظراً إلى الإجراءات الروتينية التي تتم بين الجهات الصحية والأمنية، في القاهرة ومعبر رفح.

وقال باحث في شؤون سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن النظام المصري سعى منذ سنوات طويلة إلى إقحام الفلسطينيين في معركة سيناء. وأشار إلى أن هذا الأمر كان واضحاً في حجم الادعاءات الباطلة عن تسلل مسلحين من غزة لمصر إبان ثورة يناير/كانون الثاني، وحتى أن الكثيرين لا يزالون يحاكمون تحت هذه الحجج.

مساعٍ مصرية لإدخال الفلسطينيين بالمعركة

وأوضح أن النظام المصري يواصل مساعيه إلى أن يصبح الفلسطينيون جزءا من هذه المعركة، وذلك على الرغم من رفض حركة حماس، بصفتها المسؤولة عن قطاع غزة، مشاركة أي فلسطيني في المعركة، لصالح أي طرف من أطراف النزاع بسيناء.

أصبح هناك عمل منظم لجلب المقاتلين لصالح المجموعات القبلية المساندة للجيش في سيناء
 

وأضاف الباحث أن المشهد اليوم بات أكثر رسمية، وعملا منظما، من خلال جلب المقاتلين لصالح المجموعات القبلية المساندة للجيش في سيناء، والتي تديرها أجهزة الاستخبارات المصرية، عبر معبر رفح البري، الذي تتكفل شركة "هلا" للسياحة والسفر بإدارة التنقل عبره.

موافقة الجهات الأمنية على نقل المقاتلين

وأوضح أن "هلا" هي إحدى شركات إبراهيم العرجاني، الذي لا يمكنه اتخاذ قرار بنقل مقاتلين من غزة لسيناء إلا بموافقة الجهات الأمنية العليا. واعتبر أن هذا مؤشر واضح على أن ما يجري مخطط له مسبقاً، وسط غياب المعلومات عن عدد المقاتلين الفلسطينيين في سيناء، أو استمرار نقلهم من غزة لسيناء، برغم وقوع خسائر في صفوفهم في المعارك الأخيرة بين الطرفين.

ويخوض الجيش المصري برفقة المجموعات القبلية واتحاد قبائل سيناء معارك مع "داعش"، بهدف إنهاء وجوده في قرى رفح والشيخ زويد، وهو ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية فادحة في صفوف الجانبين على مدار الأيام الماضية، وخسارة التنظيم للمزيد من مناطق نفوذه في شمال سيناء.