مسلسل المصالحة الفلسطينية وأجزاؤه

مسلسل المصالحة الفلسطينية وأجزاؤه

24 سبتمبر 2017
+ الخط -
باتت متابعة أخبار المصالحة الفلسطينية وأحوالها تماماً مثل متابعة المسلسلات ذات الأجزاء أو المواسم المتعدّدة، والتي لا نهاية واضحة لها، إذ يترك كل موسم المشاهد معلقاً بلا إجابات حول مسار الأحداث، بانتظار الموسم الذي يليه. هذا هو حال أخبار محاولات إنهاء الانقسام الفلسطيني، والتي تطل علينا بين فترة وأخرى بجزء جديد، نتابعه بشغف، ونحن على يقين بأنه لن يصل في النهاية إلى الخاتمة السعيدة، وأنه سيبقى مفتوحاً على أجزاء ومحاولات أخرى.
هذا هو الحال مع أحدث الأجزاء التي ظهرت إلى العلن الأسبوع الماضي، بعد إعلان حركة حماس حل اللجنة الإدارية لقطاع غزة، والتي كانت تقوم مقام الحكومة، وذلك لاسترضاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس والحكومة التوافقية برئاسة رامي الحمدالله. في الحلقة الأولى من هذا الجزء، عرفنا أنه كان للمخابرات المصرية الدور الأبرز في التأثير على قرار الحركة التي كانت ترفض في الأجزاء السابقة من مسلسل المصالحة حلّ هذه اللجنة. وشهدت الحلقة الأولى أيضاً ترحيباً من أبو مازن وحركة فتح وحكومة التوافق بهذه الخطوة، والتي تنتظر خطوات إضافية في المستقبل، لمحاولة تعزيز المصالحة وبدء تطبيقها على أرض الواقع.
عند هذا الحد، انتهت الحلقة الأولى من الجزء الجديد، واختفت أخبارها من التداول، بانتظار عودة الرئيس الفلسطيني من مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لبدء السير في الحلقة التالية. وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية التي رافقت الحلقة الأولى، إلا أن متابعة الأجزاء السابقة من هذا المسلسل تكشف عن بداياتٍ مشابهة، قبل الدخول في التصعيد الدرامي والتعقيد الذي يؤدي، في نهاية المطاف، إلى تجميد كل الخطوات التي تم اتخاذها باتجاه إنهاء الانقسام، أو حتى الرجوع إلى الوراء والبداية من الصفر في محاولات لاحقة.
سيكون الأمر مشابهاً في هذه المرحلة أيضاً، وهو ما يعرفه الشارع الفلسطيني جيداً، إذ لم يتلقف الإعلان عن الجزء الجديد بحفاوة وتفاؤل، فقد بات مدركاً حقيقة هذا المسلسل الذي لا نهاية له، وواقع أن التعايش بين حركتي حماس وفتح شبه مستحيل، إن لم يكن مستحيلاً بالكامل. وعلى هذا الأساس، فإن الحبكات والتصعيد الدرامي المرتقب لن يكون مفاجئاً للشارع الفلسطيني الذي يدرك أنه لا يزال بعيداً عن إنهاء الانقسام بشكل حقيقي وجاد. ويمكن من اليوم توقع العقبات التي ستعتري التنفيذ، بدءاً من موظفي قطاع غزة ورواتبهم، مروراً بحصص الحركتين في المجلس الوطني، وصولاً إلى مواعيد الانتخابات وتسليم المعابر وغيرها الكثير من الملفات الخلافية التي لا حلول واضحة لها.
على الرغم من ذلك، لا يمكن القول إن الجزء الجديد من المسلسل ليس مفصلياً في مسار المصالحة الفلسطينية، وخصوصاً أنه جاء بعد معلومات سابقة عن تفاهمات بين حماس والقيادي المفصول من حركة "فتح"، محمد دحلان، برعاية مصرية، على تسهيل إدارة الحركة
الإسلامية لقطاع غزة، بالشراكة الضمنية مع دحلان. المعلومات تأكدت من أكثر من طرف غير رسمي، قبل أن يتعقد تنفيذ التفاهمات، وتظهر المحاولة الجديدة لمصالحة عباس و"حماس"، والتي لا تبدو بريئةً إذا ما تم ربطها بالمعطيات السابقة عن التفاهمات. فأي انتكاسة للمحاولة الجديدة، وهي متوقعة، ستعيد التفاهمات إلى الحياة بشكل واقعي ورسمي، وبرعاية مصرية ودولية لتكريس الدولتين والقيادتين الفلسطينيتين.
قد تكون هذه النقطة محوريةً في حلقات الجزء الجديد من المسلسل الذي لا يزال في بدايته، وهو ما ستكشفه الحلقات القادمة.
حسام كنفاني
حسام كنفاني
صحافي لبناني، يشغل حاليًا منصب مدير قطاع الإعلام في فضاءات ميديا، له منشورات في عدّة صحف لبنانية وعربية. يعمل في مجال الصحافة منذ أكثر من 25 عامًا، وهو من مؤسّسي موقع وصحيفة "العربي الجديد".