الكتابة.. وطنية أم خيانة؟

الكتابة.. وطنية أم خيانة؟

10 اغسطس 2017
+ الخط -
يعتقد بعضهم أنّ الوطنية هي أن تدافع عن كل شيء وأي شيء خاص ببلدك، خاطئاً كان أو صحيحاً، وأن تساند أي شخص يحمل جنسيتك، سواء على حق كان أو باطل، وأن تصفّق لكلّ قرار أو مشروع يصدره النظام الحاكم، سواء كان في مصلحة المواطن أو يؤدي إلى قتله وحرمانه من حقوقه.. لا فرق عندهم، فهل هذه هي الوطنية؟ وهل هذا هو الحق والعدل الذي سنحاسب عليه؟
إلى هذه الدرجة أصبح تفكير بعضهم. وللأسف منهم من يحمل القلم، أصحاب الرأي والفكر، ومن يكتب المقالات ويقود الرأي العام، وأصبح (في رأيهم) من يرفض أو ينتقد أمراً أو رأياً أو شخصاً ينتمي إلى بلده، أصبح في زعمهم خائنا لوطنه فاقدا لوطنيته.
حكم كرة قدم أخطأ خطأ جسيما في مباراة فأضاع مجهود فريق بأكمله على مدار 120 دقيقة وأفقدة بطولة يحلم بها، ألا يجوز انتقاده أم إن القول صراحة أنه أخطأ خيانة للوطن؟
مشروع فاشل أفقد ميزانية مصر المليارات، وكان سبباً مباشراً في انخفاض قيمة العملة، أيتهم من يرفضه وينتقد الاحتفال بذكراه الثانية فاقدا للوطنية؟
أصبح التوّحد بين الوطن والفرد، بين الوطن والنظام، بين الوطن والحاكم عقيدة عند بعضهم لا تقبل الحوار، فمن أعطى هؤلاء حق إصدار صكوك الوطنية وبراءة الذمة يمينا ويساراً، ليحكم هذا خائن عميل وهذا وطني شريف، من أعطاه هذا الحق؟
تتغير القرارات، وتتبدل المناصب، والأفراد زائلون، مهما طالت أعمارهم، والوطن ثابت باقٍ لا يزول، فهل يتوّحد المتغير مع الثابت؟ هل يتحكم المتبدل بالدائم؟
من حق أي إنسان أن ينتقد ويرفض ويعارض، ويعلن صراحة لا يعجبني هذا، وذاك أخطأ، وفي رأيي هذا مشروع فاشل.. وأن يعلن ذلك في أي مكان وأي وقت. نعم من حقه أن يفعل ذلك دون أن ينتقص من وطنيته مثقال ذرة ودون أن يتهمه أحد بالخيانة.
إلصاق التهم والترهيب بدعوى الخيانة وعدم الوطنية لن يجدي نفعاً ولن يفيد الوطن، فالوطن ليس فرداً ولا قراراً ولا سياسة تتبدل بين فترة وأخرى. الوطن أكبر من ذلك كله، الوطن إحساس بالكبرياء، شعور بالقيمة والمكانة، ورثناه من آبائنا وأجدادنا وسنوّرثه لأبنائنا وأحفادنا إن شاء الله، وسنكشف عيوب بعضهم، ونفضح سياستهم وقراراتهم حماية لهذا الوطن ودفاعا عنه.
العجيب والمضحك المبكي أنّ من يوزعون الاتهامات بالخيانة لانتقاد شخص أو رفض سياسة ما كانوا هم أنفسهم أكثر المتهكمين والساخرين من شخص الرئيس السابق، وكانوا يدعون أن فعلهم هذا قمة الوطنية.
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)