سيرك ترامب بثعابين وخيول عربية

سيرك ترامب بثعابين وخيول عربية

21 ديسمبر 2017
+ الخط -
في الوقت الذي تعلن فيه السعودية رفض قرار دونالد ترامب بشأن القدس، ترى وفدا من مملكة البحرين في إسرائيل. وفي الوقت الذي تخرج فيه المظاهرات من كل أنحاء العالم ضد قرار ترامب، تخرج السيدة الفاضلة يسرا عن أغلب ملابسها في مهرجان سينمائي في دولة الإمارات. وفي الوقت الذي يبكي النيل حسرة على نقص المياه، تجد أن البنوك المصرية قد رمت أموالها في بنوك إثيوبيا ومصارفها من 2007. وفي الوقت الذي تغيّر فيه مصر من مصادر أسلحتها، رامية بكل قرارات أميركا عرض الحائط بالطبع، تستقبل مطارات مصر ملكة جمال روسيا (وصاروخها العابر للمحيطات) ترويجا للسياحة في مصر. وفي اليوم الذي يبكي فيه أردوغان القدس بعد قرار ترامب، يرقص سعد الصغير طول الليل على "تراعيني قيراط أراعيك قيراطين" للمطرب اللواء محمد عبد الوهاب، ويؤكد الشيخ علي جمعة، قبلها بيومين، على تمام كفر سيد قطب الذي بين يدي الله من أكثر من نصف قرن. ويرفع أيضا سيف كفره عن الملاحدة على حد قوله. ويؤكد الشيخ ناجح إبراهيم أنه ليس بيننا وبين اليهود من خلاف مباشر (الشيخ ناجح جاب التايهة)، وهذا ما خجل بالطبع أن يقوله علي جمعة، في هذا الوقت بالذات، حتى وإن ارتدى طيلسانا من صناعة بنات أورشليم.
لاحظ أن ما كانت تخجل أن تقوله فاطمة ناعوت، يوم أن اقشعر بدنها من دماء ذبائح الأضاحي وقسوة الجزارين (الوحشين)، يستطيع أن يقوله ترامب في قلب عصابات شيكاغو وسلخاناتها، وهل في شيكاغو سلخانات أو لحوم من الأصل؟ وما كان يخجل "الشيخ ميزو" أن يقوله يمكن أن يقوله بسهولة يوسف زيدان. وما كان يتردد في قوله مظهر شاهين تقوله، بكل يسر، إلهام شاهين وهي بجوار الشيخ أحمد كريمة في القنوات الفضائية، حتى وهي "تترقع اللبان" بجوار أذن الشيخ.
وما يخجل الجميع من قوله، يقوله عزمي مجاهد بكل سهولة، وهو في ملابس الإحرام. أو وهو يحاول جاهدا أن يفسر الأحلام المباركة التي رأى فيها الشيخ عمرو خالد عبد الفتاح السيسي، وهو على مقربة من المسجد النبوي. وقد يزايد عزمي مجاهد على حلم الشيخ عمرو خالد نفسه، قائلا له "لقد تخطى السيد الرئيس هذه المكانة بكثير، يا شيخ. ألا تعلم أن الرئيس السادات نفسه منحه سيفا مكتوبا عليه بالأحمر: لا إله إلا الله محمد رسول الله".
لاحظ أن خطيب المسجد المكي قال إن القدس شأن داخلي، قبل خالد صلاح بأيام، وأن ما لم يجرؤ خالد صلاح، أو خطيب المسجد المكي، أن يقولاه، قاله الإعلامي عبد الله الهدلق (قبل الهنا بسنة) إنه لا وجود لدولة اسمها فلسطين.
ولاحظ أيضا أن ما كانت تعجز عن تبيانه الشاعرة فاطمة ناعوت في مقالاتها تستطيع، في رقصة واحدة، أن تقوله منى البرنس، وتتقدم أيضا لانتخابات الرئاسة من دون أن يهتز لها رمش أو جفن أو حاجب.
الخلاصة أنه تم اختطافنا جميعا بليل، ثم وجدنا أنفسنا جميعا في سيرك السيدة محاسن الحلو، والسيد ترامب في مقدمة الصفوف، وسط بناته وأصهاره يضحك، وفي الأستوديو الذي خلف السيرك نفسه، يراجع قائد الفرقة الموسيقية النوتات الموسيقية للأغنية الجديدة للمطرب شعبان عبد الرحيم، يشتم فيها ترامب على قراره الأخير. والتي يقول مطلعها: "ترامب اتجنّ.. ها"

دلالات

720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري