"داعش" أو الحرب الطائفية؟

"داعش" أو الحرب الطائفية؟

15 يونيو 2014

دمار في الفلوجة بعد قصف من قوات المالكي (مايو/2014/Getty)

+ الخط -
"داعش" في سورية، "داعش" في العراق، و"داعش" تذر بقرنها في لبنان، فهل يأتي قريباً دور الاردن؟
هل ترسم "داعش" الشرق الاوسط الجديد، أم أنها الاسم الحركي للحرب التي باتت الآن معلنة بين السنّة والشيعة؟ مقاتلو "دولة الاسلام في العراق وبلاد الشام" يتقدمون، بشكل مفاجئ وبسرعة لافتة، في شمال العراق، حيث أبصروا النور، ويهددون بالزحف على بغداد. وفي سورية، أقاموا موطئ قدم لهم في محافظة الرقة، وبدأوا بتطبيق شريعتهم وقوانينهم، منذ أكثر من سنة. وفي لبنان "اكتفوا"، حتى الآن، بعمليات تفجير وإرهاب، رداً على تدخل "حزب الله" في سورية، إلى جانب نظام بشار الأسد. فهل يرسل "حزب الله" مقاتليه لنصرة المالكي أيضاً؟
كل ذلك في ظل موقفٍ أقل ما يقال فيه إنه ملتبس لإيران، الحاضرة بقوة في هذه الدول الثلاث. فهي باتت حاضرة عسكرياً في سورية بشكل مباشر منذ اندلاع الثورة، في 15 مارس/ آذار 2011، وعبر ميليشياتها الشيعية، كـ"حزب الله" اللبناني، و"لواء أبو فضل العباس" العراقي، وغيرها من المجموعات. وفي العراق، عبر السلطة نفسها التي يتزعمها نوري المالكي، وداخل ألوية الجيش، والآن، تهدد بالتدخل العسكري المباشر، مثل الولايات المتحدة، لمواجهة خطر دخول "داعش" بغداد، وسيطرتها على بلاد الرافدين.

رسمياً، تقاتل "داعش" النظامين، العلوي في سورية، والشيعي في العراق، الحليفين التابعين لنظام الملالي في طهران، إلا أنها تقف عملياً في سورية إلى جانب النظام، وإنْ بطريقةٍ غير مباشرة، بدليل أنها لا تقاتل النظام، وإنما تشتبك باستمرار مع "جبهة النصرة"، المولودة من الرحم نفسه، ومع "الجيش السوري الحر"، وتصدر فتاوى تشرّع التعاطي فقط مع العلويين، بحجة ضرورة عدم التعامل مع "المرتدين" و"الكفار". ناهيك عن أن معظم قيادييها كانوا معتقلين في السجون السورية، وأطلق النظام سراحهم بعد اندلاع الانتفاضة. في المقابل، لا تهاجم قوات الأسد مقاتلي "داعش"، ولا تقصف المناطق التي تسيطر عليها. طبعاً، إن وجود "داعش" و"النصرة" وغيرها من الحركات التكفيرية، ساعد الأسد على تسويق معركته على أنها "حرب ضد الإرهاب"، وليست معركة الشعب السوري، من أجل الحرية والكرامة.
وفي العراق، أخلى قرار الانسحاب الأميركي الساحة لإيران التي تمددت، بشكل كبير وواسع، في مفاصل الدولة، عبر أجهزتها الأمنية والعسكرية، وذهبت بعيداً في دعمها وتغطيتها حكومة نوري المالكي، زعيم حزب الدعوة الذي راح يستأثر بالسلطة على الصعد كافة، إلى درجة أنه أغضب حتى حلفاءه من المكونات الشيعية الأخرى. وعلى الرغم من عدم تمكنه من الحصول على الأغلبية في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه يسعى، بكل الوسائل، إلى أن يمدد بقاءه للمرة الثالثة رئيساً للحكومة، غير أن "داعش" فاجأت الجميع بهذا الظهور القوي، وركوبها موجة الاحتجاجات السنّية المستمرة والمتصاعدة منذ أكثر من سنة ونصف السنة، أي في نهاية 2012. فالمالكي يشنّ، منذ أشهر، حملته على الفلوجة، بذريعة محاربة "داعش"، ووصل به الأمر إلى استنساخ نموذج البراميل المتفجرة الذي ابتدعه الأسد ضد السوريين. فهل المطلوب حرف المواجهة السلمية عن مسارها، ووضع "داعش" في الواجهة، لكي يتم تحويلها إلى "حرب ضد الإرهاب"، كما حصل في سورية، وأن تتحول انتفاضة مناطق الشمال إلى انتفاضة مسلحة؟
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، بقوة، هو حول النوايا الحقيقية للقيادة الإيرانية، وهل إنها تسعى إلى مواجهة شاملة في العراق وسورية، مع هذا التنظيم، بحجة محاربة الإرهاب، وكسب الولايات المتحدة إلى حانبها؟ فقد هدد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بعمل عسكري ما، إلا أنه سبق وهدد بشار الأسد، وأعلن ساعة الصفر، ولكنه لم يفعل. كما أن طهران نفسها، ومعها المالكي والأسد يعرفون تماماً أن "داعش"، بدورها، تلعب لعبة تصدّر الحراك السني. علماً أن "داعش" هي إحدى أضلع تنظيم "القاعدة" الذي تستضيف إيران قياديين منه. 
فهل تهدف طهران، بالتالي، إلى خلط الأوراق، وإحراج دول الخليج، عبر تحويل المواجهة السنية ـ الشيعية، الكامنة تحت الرماد منذ سنوات، إلى مواجهة علنية مفتوحة على امتداد المنطقة. وهل إن الأسد والمالكي يستأهلا كل هذه المغامرة، أم أنهما مجرد أداة تستعملهما طهران، لكي تتمكن من إحكام قبضتها على المنطقة؟ 
5231ACF6-F862-4372-9158-B1655EE52A60
سعد كيوان

صحافي وكاتب لبناني، عمل في عدة صحف لبنانية وعربية وأجنبية.